الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تدور أحداث رواية (في انتظار البرابرة ) حول أن “البرابرة في أنحاء الإمبراطورية قد اتحدوا و يخططون لشنّ حرب على القرية الصغيرة”، ولك أن تتخيل ما تفعله كلمة “حرب”. ولمنع هذه الحرب المزعومة يجتاح بعض جنود الإمبراطورية القرية الصغيرة ويقلبونها رأساً على عقب. وفي الواقع أنه لم يكن هناك أي وجود للبرابرة في رواية الأديب ( النوبلي ) كوتزي( في انتظار البرابرة)، بل كان يسرد في روايته مخططاً داخلياً للسيطرة على القرية يشبه طرق السيطرة على الشركات الغامضة في عالم الأعمال.
عندما يتفق طرفان على أن مصالح جميع أصحاب المصلحة بما فيهم المساهمون تُخدم بشكل أفضل من خلال صفقات الاستحواذ أو الاندماج ،تحدث عمليات الاستحواذ أو الإندماج الودي في عالم الأعمال بالاتفاق المتبادل بين الطرفين، ويكون لدى كلا الجانبين فرصة لتقييم التكاليف والفوائد والأصول والخصوم والمضي قدمًا بعد معرفة كاملة بالمخاطر والعوائد.وفي حالات ليست كثيرة في الشركات المساهمة المدرجة عندنا يمتنع مجلس إدارة الشركة المستهدفة من إتاحة معلومات لطرف الشراء تفسر تصرفات الإدارة الغامضة، تحدث عملية مايسمى بالاستحواذ المُرْغِم ( باللغة الإنجليزية المعادي)، وقد يتحمل المستحوذون خلاله المخاطرة في حال اتمام عملية الاستحواذ.
والأسئلة التي يجب التمعن في إجاباتها هي : ماالذي يدفع المُرْغِمين لانتزاع الشركات من المُرغَمين، ولماذا تستميت مجالس إدارة الشركات المستهدفة في وضع العراقيل القانونية وأحيانًا غير القانونية في وجه ذوي الأغلبية من المساهمين، وما الذي يدفع المساهمين على الإصرار على اتمام عمليات الاستحواذ؟. والجواب على ذلك أن عمليات الانتزاع القسري للشركات المستهدفة لاتحرم أعضاء مجالس الإدارات من مصالحهم فحسب، بل تنزع مجذرات شبكية عميقة من مداخيل المستنفعين تكلست داخل وخارج المنظومة، لذا تكون مقاومة الاستحواذ المُرْغِم لدى عامة الموظفين والموردين والعملاء حالة خوف مغلفة بمقاومة للتغيير، وحالة توجس وقلق لدى أعضاء مجالس الإدارات من فتح ملفات مقفلة.
وعندما تخشى بعض إدارات الشركات من تزايد تأثير المساهمين عليها يلجأ بعضها إلى طرق شرعية في ظاهرها وتحايلية في باطنها مثل عمليات استحواذ الإدارة المُمَوّل، وهو سيطرة الإدارة على حصص الملكية الشركة كاملة عن طريق شراء الأسهم بتمويل مرهون بأصول الشركة، بحيث يتم شراء حصص جميع المساهمين بطريقة نظامية، بعد أن ينجح بعض المدراء في جعل الشركة غير مغرية في أعين المساهمين.
من أشهر عمليات الاستحواذ الإداري المُمَوّل والتي تمت على مرحلتين في أواخر الثمانينات ماحصل في شركة أر جي أر وناباسكو الأمريكيتين عندما استحوذت أر جي أر على ناباسكو بصفقة قيمتها 4.6 مليار دولار أولاً، ثم بعد سنتين عرض رئيسها التنفيذي آنذاك روس جونسون شراء اسهم الشركة الجديدة بطريقة الاستحواذ الإداري المُمَوّل.
“البرابرة عند البوابة ” هو أحد أجمل كتب الأعمال الذي يحكي قصة الشركة ورئيسها التنفيذي جونسون في سعيه للاندماج والاستحواذ على اثنتين من أكبر العلامات التجارية الأمريكية في ذلك الوقت . يحكي الكتاب قصة درامية عن الجشع والطائرات الخاصة واجتماعات ملاعب الجولف واليخوت ومعارك بنوك الاستثمار القوية في وول ستريت وشركات المحاماة والسماسرة والعشرات من الرعاع المستنفع.
لم يكن اندماج الشركتين كافيًا لجونسون وآخرين في وول ستريت الذين أرادوا اتباع نهج جديد تجاه الشركة لتحقيق أرباح كبيرة، فقام بطرح فكرة الشراء الإداري المُمَوّل. وبعد عملية مزايدة تنافسية مثيرة خسر جونسون الصفقة لصالح كرافس أحد مدراء الشركة الذي انفصل عن جونسون وتمكن من الاستحواذ عليها بقيمة 24.5 مليار دولار رغم أن عرضه كان أقل بدولار واحد من عرض جونسون الأعلى. جونسون خسر لأنه لم يرعوى عن غريزة الجشع والحذلقة (بسوء النية والتحايل والالتفاف على النظام)، فقام بالتحالف مع شركات مالية تعهدت بتغطية الصفقة بسندات رفضها مجلس إدارة الشركة ووصفها بالسندات الرديئة، مع تحفظه على مكسب جونسون الشخصي الضخم واحتمال حرمان مئات الموظفين والمساهمين من حقوقهم.
” لعبة الجشع ” مع صورة لجونسون كان عنوان صفحة الغلاف لمجلة التايم الأمريكية في عددها الصادر في 5 ديسمبر من عام 1988 وقالت المجلة العريقة وهي تصف صفقة الاستحواذ الأكبر في تأريخ السوق الأمريكي: ما هي الأسئلة التي يجب أن تسأل عن حالات الجشع وصحة واستقامة الاقتصاد ، في توصيف لحالة عالمية يجدر تدريسها في كليات الأعمال لدينا ومؤتمرات الأعمال وورش العمل والتدريب حتى نستفيد منها جميعا ونمنع حدوث مثلها في سوقنا ، فالوعي أول خطوط التصدي للهجمات الوهمية لبرابرة الأعمال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال