الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
غالبًا ما تبحث المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مراحلها الأولى وعند تأسيسها على تحقيق المتطلبات الرئيسية من وجهة نظر أصحابها، حيث تنصرف أعينهم وينصب تركيزهم على أعمال التأسيس والإنتاج وتحقيق المبيعات والعمل على تنفيذ أكبر قدر ممكن من الأعمال التي تساعدهم على الوصول إلى أهدافهم المرجوة من تأسيس هذا النوع من المنشآت.
وهذا الأمر يجعلهم يغضون الطرف عن بعض الجوانب المهمة عند تأسيس هذه المنشآت، والتي قد يترتب على إهمالها العديد من التبعات المؤثرة على استمرار المنشأة أو تعطيل تحقيق أهدافها.
ومن أبرز الجوانب التي يغفل عنها أصحاب هذه المنشآت هو جانب العناية بالأعمال القانونية بشكل عام والثقافة العمالية بشكل خاص.
حيث تمثل الثقافة العمالية الإلمام الكافي بأنظمة وتعليمات ولوائح الموارد البشرية والتأمينات الاجتماعية وما يتعلق بأحكام تنظيم العلاقة العمالية بين أصحاب العمل والعمال.
وقد يكون سبب عدم اهتمام أصحاب هذه المنشآت بهذا الجانب هو قلة الوظائف التي تحتاج إلى طرحها، أو عدم وجود عدد كبير من العاملين بها، وربما قلة الوظائف ذات الأجور العالية في هذا النوع من المنشآت، مما يجعل أصحابها لا يجعلون الثقافة العمالية ضمن أولوياتهم عند تأسيس المنشأة أو توظيف العاملين بها.
وهذه الأسباب لا تعفي أصحاب هذه المنشآت من تحمل التبعات النظامية التي قد تترتب على إهمال جوانب الثقافة العمالية وعدم تنظيم الموارد البشرية في منشآتهم، وقد يتعذّر بعض منهم بارتفاع التكلفة المالية التي تتحملها المنشأة في حال رغبة الحصول على استشارات قانونية أو خدمات متخصصة لتنظيم الموارد البشرية، خاصة أن هذا النوع من المنشآت يفتقد لوجود الإدارات القانونية الداخلية غالبًا.
وتكمن أهمية الاهتمام بالثقافة العمالية في أن هذه المنشآت بطبيعتها الصغيرة أو المتوسطة لا تحتمل الآثار التي تترتب على مخالفة بسيطة لأحكام نظام العمل أو خسارة نزاع عمالي بسيط مع أحد العاملين في المنشأة، فهذه الغرامات أو التعويضات قد تنهي نشاط هذه المنشأة أو توقع بها أضرار جسيمة يصعب معالجتها، وتكلفتها غالبًا ما تكون أكبر بكثير من تكلفة الخدمات الاستشارية أو الخدمات المتخصصة في مجال الموارد البشرية.
فمعالجة هذا النوع من المخاطر من الأولى أن يتم وقائيًا قبل حدوث المشكلة بدلًا من الوسائل العلاجية التي تكون بعد حدوث المشكلة في منشآت مبتدئة لا تتحمل مثل هذا النوع من المشكلات.
وفي سبيل تذليل هذه الصعوبات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ونظرًا لأهمية جانب الثقافة القانونية بشكل عامل والثقافة العمالية بشكل خاص عملت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة على العديد من المبادرات والبرامج التي تساعد رواد الأعمال وأصحاب المنشآت للحصول على التوعية اللازمة في هذه الجوانب التي تؤثر على إنجاح أعمالهم ومشاريعهم.
كما عملت العديد من مكاتب وشركات المحاماة والجهات المتخصصة في الخدمات الاستشارية على تقديم باقات لخدمات منخفضة التكاليف تحقق لرواد الأعمال وأصحاب المنشآت الحد الأدنى من الخدمات التي تحتاجها هذه المنشآت في مجال الثقافة العمالية.
ولجأت العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى استخدام آليات لتبادل الخدمات المتخصصة مع المنشآت التي تقدم الخدمات الاستشارية وذلك للحصول على الاستشارات والخدمات دون إنفاق مبالغ مالية مرتفعة التكلفة.
وبذلك أصبحت الخيارات متاحة لأصحاب هذه المنشآت في الحصول على ما يحقق لهم الوصول إلى غاية الثقافة العمالية بالشكل الأساسي لتنظيم الموارد البشرية في منشآتهم وفقًا للأحكام النظامية الصحيحة، مما يقي هذه المنشآت من الوقوع في مشكلات قانونية وإدارية محتملة.
وفي الختام إن هذا الأثر الذي تحدثه الثقافة العمالية في استمرار المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتنمية أعمالها، هو امتداد لأهمية هذا النوع من المنشآت ودورها في التأثير على اقتصاد البلاد بشكل عام، فضلًا عن الفوارق الكبيرة التي تحدثها قوة هذه المنشآت وتمكينها في تحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030م.
آمل أن أكون قد وفقت في طرح الموضوع لتسليط الضوء ولو بشكل بسيط على أهمية الثقافة العمالية بشكل عام وخاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال