الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهدت المملكة العربية السعودية خلال جائحة كورونا تحولًا جذريًا في نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية معلنًة أساليب جديدة في إدارة الأعمال، وحراك رقمي و إلكتروني دون الحاجة إلى التواجد والتواصل المادي ، وكان مستوى الإنتاجية في العمل من المنزل لكثير من الجهات مساويًا أو أعلى حتى من مستوى العمل في مقر الدوام الرسمي. مع الأخذ بعين الاعتبار ،عدم وجود نية أو تخطيط مسبق لتنفيذ هذه التجربة لولا تداعيات هذه الجائحة المفاجئة.
ومن منطلق أن هذه الجائحة غيرت من مفاهيم العمل بشكل جذري، فقد يكون من الأهمية تفعيل تجربة آليات العمل عن بعد من خلال إيلاء حكومتنا الرشيدة جُل اهتمامها للإسراع في تنفيذ ذلك في قادم الأيام؛ لما ترتب عليها من إيجابيات تتعلق “على سبيل المثال وليس الحصر” بتحقيق اللامركزية في عدد من الأنشطة والأعمال، وزيادة الإنتاجية، والتقليل من تكاليف الأصول الثابتة، وتحقيق الترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه والمصروفات المخصصة لشركات النظافة وشركات تقديم القهوة في مقار العمل . وما ترتب على ذلك من خفض لمصاريف الصيانة الدورية لعدد كبير من الأجهزة الكهربائية بما فيها المكيفات والمصاعد وغيرها . واستفادة الموظف/ة كذلك بالترشيد في مصروفاته المخصصة للطعام والقهوة والملابس ومعدل استهلاك البنزين … هذا عدا عن راحته النفسية، وعدم استغراقه وقتًا طويلًا ومرهقًا للوصول لمقر عمله… فضلا عن الحدِّ من الغازات والانبعاثات الملوثة للبيئة وانخفاض عدد الحوادث المرورية.
و استشرافا لما سيئول إليه حال المكاتب الفارهة ومراكز خدمة العملاء التي ستختفي تدريجيا لطغيان الخدمات الإلكترونية عليها، سيكون هناك تحول كبير جدًا في نظام الحضور والإنصراف المتبع واستبداله بإنتاجية الموظف/ة-من دون الحاجة إلى رقابة صارمة يقوم بها موظفي الموارد البشرية سواء بالتحقق من الحضور بالتوقيع أو بالبصمة حتى في ظل عدم وجود إنتاجية أو عمل مطالبين به!!، ومحاسبتهم على الغياب أو عدم التواجد لحظة مرور الموظف المسؤول عن الحضور والغياب لسبب أو لآخر ، حتى في ظل وجود إنتاجية وعمل يشهد للموظف/ة إلا إذا قدم عذرًا- والعذر مرفوض غالبًا- إن لم يصاحبه تقديم تقرير طبي يعتمد من الإدارة.. الأمر الذي يأخذ وقت وجهد كبير من مهام إدارة الموارد البشرية، عدا عن وجود بعض الحساسيات بين الموظفين وموظفي هذه الإدارة –في حين يفترض أنها من أهم الإدارات التي تهتم بتطوير أساليب العمل داخل الجهة، والعمل على تنمية وتدريب القوى العاملة على رأس العمل-، ومن الجانب الآخر ، قد نجد عزوف بعض موظفي هذه الإدارة عن تولي هذه المهمة التي أفقدتهم عدد من الأصدقاء لتطبيقهم لنظام الحضور والانصراف المتبع بغض النظر عن الإنتاجية.. هذا إذا افترضنا عدم وجود فساد وظيفي من خلال قيام بعض الموظفين بالتلاعب في سجلات الحضور وتغطية غياب زملائهم عن العمل بطريقة أو أخرى، ومساواتهم بمن عمل وأنجز وحضر عدد ساعات الداوم كاملة!!
إن نظام العمل عن بعد سيساعد على تطوير الأنظمة وجعلها جاهزة للعمل في أي ظرف. وله فوائد لا تعد ولا تُحصى .. وحاجتنا اليوم لتطبيقه، أصبحت ضرورية وملحة ؛لتعزيز أداء العمل وجودته ، وطرح المبادرات المبتكرة التي تستهدف زيادة الانتاجية من مختلف الزوايا، بعيدًا عن نظام الحضور والإنصراف القديم، ونوصي بسرعة تطبيقه على فئات معينة من الموظفين وفي فترات محددة من العام .
العمل عن بعد تجربة تستحق أن تستمر .. وهذا هو عنوان المقال القادم … انتظروني
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال