الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اعشق اداة الطلب، كثيرا ما تستهويني كما لو كانت كوباً من الماء البارد في ظهيرة صيفٍ قائض اداة اقل ما يمكن ان يقال عنها قلب الاقتصاد فمتى ما تعافى القلب نشط الجسد وانطلق الى العطاء والحراك ، اي اقتصاد في اعتقادي يقوض الطلب فهو يبطىء من نشاطه ونموه ! ذلك انه كلما عملنا على تحفيز الطلب فهذا يعني ان اداة العرض لعبة المنتجين ستعمل على زيادة الكميات المعروضة لمواجهة تنامي الطلب وهذا بدوره سيخلق المزيد من فرص العمل تعاظم العملية الانتاجية التي تسهم في حراك اقوى ثم في نهاية المطاف نمواً في كافة مكونات المشهد الاقتصادي .
الكثير من الاقتصاديات العالمية حاولت علاج تداعيات فايروس كورونا الاقتصادية من خلال الادوات المالية المتاحة والتي بدت في معظمها مؤلمة ، اكثر المتضررين اتسعت معهم الفجوة بالرغم من تلك الحلول فهم يعانون من تفاقم مشاكل البطالة ، ضعف السيولة ، انخفاض القدرة الشرائية سواء كان ذلك نتيجة للتوقف النشاطي في الانتاج والاسواق او تسريح العمال أي ان كل من اداة العرض ( المنتجين ) واداة الطلب ( المستهلكين ) قد وصلت الى مراحل متقدمة من التباطؤ عجزت خلالها كافة الادوات من تقديم حلول فضربت العرض بالطلب والعكس صحيح ، بيد ان تلك الانعكاسات تعاظمت أيضاً حتى طالت النظام الاقتصادي العالمي والذي بات هشاً .
قلتُ في العديد من المقالات والتغريدات بأن الطلب ثم الطلب ثم الطلب احد اهم المعارك الاقتصادية التي ظهرت خلال تداعياتها في جائحة كورونا ومهما يكن من أمر ستبقَ هذه الاداة الشغل الشاغل في السياسات الاقتصادية المعاصرة إذ لابد من اطلاق العنان للطلب المكبوت في كل الاحوال ..
من المهم ان نعلم بأنه ليس كل طلب على السلع و الخدمات تتأثر بالاسعار انخفاضا وارتفاعاً فهناك عدة انواع للسلع تصنف في اداة الطلب على ما يسمى (انواع الطلب، المرونات السعرية للطلب Price elasticity of demand ، العوامل المؤثرة في الطلب ومحدداته) وهذا يشكل مساحات واسعة للنظريات والافكار لخلق المزيد من الحلول العملية المحفزة لهذه الاداة على افتراض ثبات العوامل الاخرى وتقويض اي مؤثر الى ادنى حد ممكن في السياسات المالية والاقتصادية في قادم الايام .
عملية الشراء والاستهلاك لا تتوقف ، وتتباين في درجات اهميتها وبدائلها وخياراتها لكنها ستحدث بشكل او بآخر ، وفي هذه المرحلة تحديداً فإن كل المتغيرات المصاحبة لكل من الاسعار والطلب غير ثابتة لكنها تتجه الى الآثار الايجابية في صالح المستهلك لأنه سيركز على السلع الضرورية وينمي لديه الحس الاستهلاكي الرشيد كما ان جوانب الانفاق الاخرى ستكون شبه متوقفة حالياً في الكماليات وما شابهها لكنها ما تلبث ان تعود بعد اكتمال دورة الاتجاه الى الانتعاش الاقتصادي وعودة كامل عناصر الانتاج الى التوظيف الكامل.
مجمل القول: ما يمكن قوله اقتصادياً بعودة الانشطة التجارية بعد الاغلاق الكبير في الاقتصاد العالمي هو الخروج من مأزق الكساد الأكبر وباطلاق العنان للطلب المكبوت سيولد هذا بطبيعة الحال حافزاً مهماً لأداة الطلب والتي بدورها ستعيد تشكيل المشهد الاقتصادي نحو انتاجٍ شمولي اوسع .. استمرار تداعيات الطلب المكبوت اضحت مشكلة عالمية في الاقتصاد على خلفية تداعيات كورونا الاقتصادية والتسابق في تحفيزه مهم ولكن ذلك ايضا مرتبط بمدى توفر ادوات العرض من جهة والتي تتطلب عودة الانتاج كما كان بالسابق ناهيك عن عودة الاعمال التي توفر السيولة للمستهلكين ، هذا شأن والشأن الآخر مع العودة سيبدأ الطلب في التعافي على افتراض ان بقية العوامل والمحددات المؤثرة فيه كما لو كانت هي ذاتها قبل جائحة كورونا .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال