3666 144 055
[email protected]
ربما أهم سؤال يؤرق الريادي صاحب مشروع قائم – أثناء اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالمسائل الحاسمة في منشأته بخصوص الميزانية الرأسمالية وهيكل رأس المال وإدارة رأس المال العامل على المدى الطويل والقصير الأجل، بالإضافة إلى التمويل التوسعي أو لمواجهة ظرف قاهر- هو من أين يمكن الحصول على التمويلات المطلوبة؟
ويبدأ الريادي في الشكوى من عدم قدرته على الحصول على التمويل بينما الأموال متوفرة. إذا أين المشكلة؟
بعض المشاريع الريادية تكون قوية، وتنجح نجاح باهر في التشغيل، الى أن تصل الى مرحلة تحتاج فيها لرفع رأس المال خاصة التشغيلي. هنا يبدأ سيناريو صعب مع الممولين اللذين لا يحتاجون إلى معرفة أهمية المشروع بقدر أهمية معرفة المخاطر التي سيقدم عليها المشروع لكي يستحق هذا التعميق في المديونية.
يلجأ الممول الى فريق محترف في الهندسة المالية التي تعتمد قراءة التدفقات المالية بذكاء شديد جدا، فمن التدفقات يمكن معرفة الكثير عن المشروع الباحث عن تمويلات إضافية. مما يعني أن الريادي سيقابل حالة تقييم تفصيلية ومملة يقوم بها الممول لضمان الحصول على المعلومات الكاملة عن المشروع.
لذلك، الريادي يحتاج اليوم أن يستعد لما هو آتي ويدرك ثلاث أمور هامة حول الممول:
أولا:
الممول يتعامل مع المال والمال فقط، لذلك عنصر التدفقات النقدية له أمر حيوي للغاية لأنها تعمل كأساس لأوراق الدين للمشروع. لهذا ، فإن التنبؤ بالتدفقات النقدية هو العنصر الأساس في تقنية التمويل بشكل عام. ويخطيء الريادي إذا افترض أن الممول سينظر إلى مشروعه فقط كمصدر لرد الدين وتغطية خدمة الدين دون ضمانات صعبة يطلبها ضد المخاطر. لهذا ، فإن تصميم التمويل في المستقبل سيتضمن هندسة مالية قوية وحذرة وستكون غالبا إلزامية، خاصة بعد الحالة التي يعيشها العالم اليوم بسبب كورونا.
ثانيا:
مخاطر أي مشروع تكمن في عدم اليقين فيما يتعلق بالتكلفة أو الخسارة أو الضرر الذي يمكن أن ينتج عنه، لذلك فإن اتخاذ القرار في تحديد التمويل ونوعه وكمّه الذي سيتم توظيفه للمشروع ليس بالمسألة البسيطة، فعندما يتم تمويل مبادرة رأسمالية من خلال الدين – على سبيل المثال – والتي يكون تأمينها فقط من خلال التدفق النقدي المتولد والأصول، فإن مراجعة وقياس مخاطر المشروع ومراقبة التخفيف من المخاطر يصبحان موضع الاهتمام الأول. لهذا ، من المهم للريادي أن يتعلم لغة محللي الائتمان حتى تسهل مهمته ويتعلم كيف يتعامل مع الطرف الممول الذي ينظر – عادة – في الأساس المنطقي وراء الموافقة على تمويل المشروع من خلال تحديد جميع المخاطر التي قد تواجه المشروع.
ثالثا:
أيضا، لا بد للريادي أن يدرك أن الممول ينظر – في بعض الحالات – في مخاطر تقلبات السوق المالية فيما يتعلق بأسعار الفائدة وأسعار السلع وأسعار الأوراق المالية التي قد تجبر التفاوض في طلب التمويل أن يأخذ توجه رأسي وعميق للغاية وتغطي مواضيع محدده وبالتفصيل الرتيب في دراسة حزم متنوعة من مخاطر الائتمان المرتبطة بالمشروع، كمخاطر البناء، ومخاطر بدء التشغيل، ومخاطر التشغيل في القدرة الكاملة، وتتضمن هذه الفئات الثلاث العديد من العناوين الفرعية من حيث المخاطر التفصيلية مثل مناطق النشاط والتصميم والمواد والبناء وتراخيص التكنولوجيا والتسويق ومخاطر الخبرة الإدارية.
إضافة إلى حزم تفصيلية من المخاطر الأخرى التي لا بد أن تقيّم، المتعلقة بالطلب للمنتج والسعر والعرض والمخزونات والإنتاج، ومخاطر العملات المستخدمة وما يرتبط بها من معدلات فائدة وتضخم، هذا علاوة على تقييم مخاطر فشل التكنولوجيا أمام ابتكارات جديدة، والقوة القاهرة والمخاطر التنظيمية والتشريعية. ليس من الضروري أن تكون جميع هذه المخاطر في جدول تقييمات الممول، ولكن استعداد الريادي والتجهيز لها واجبة تحت ما يسمى بمظلات التحقق من نفي الجهالة المالية والسوقية والقانونية.
مستقبلا، لن تكون عملية التمويل بالسهولة التي كانت عليها في السابق، وعلى رواد الأعمال أن يتحضروا لمواجهة هذا التحدي من خلال تعلم لغة وفنيات التحليلات الائتمانية وإدارة المخاطر في تمويل مشاريعهم، حتى يفوا بمتطلبات الممولين بالمعلومات التي يطلبونها. الوقوف بثقة وتقديم عرض مبهر والتركيز على الشغف والمستقبل الزاهر لن تكون أدوات إقناع فاعلة، فالمستقبل رمادي اللون، والأموال ستكون عزيزة، والحاجة لإدارة المخاطر بعمق سيكون حجر أساس التمويل للمشاريع الريادية القائمة وإن كانت ناجحة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734