الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد طرح شركة آرامكو السعودية كمساهمة عامة في السوق المالية السعودية ، تجاوزت القيمة الاجمالية للسوق المالية ثلاثة أضعاف الناتج الوطني المحلي تقريبا بعد أن كانت القيمة السوقية الاجمالية للشركات المدرجة تمثل حوالي 65 % من إجمالي قيمة الناتج المحلي قبل إدراج آرامكو السعودية .
تختصر هذه القفزة العملاقة لقيمة السوق أهمية السوق المالية كمؤشر اقتصادي هام يعكس أهمية ومتانة وقوة وسعة وانفتاح الاقتصاد السعودي للمستثمر المحلي والدولي.
معظم دول مجموعة العشرين ، والتي تمثل اقتصادياتها مايقارب 80% من حجم الاقتصاد العالمي ، تتجاوز قيم أسواقها المالية أحجام نواتجها المحلية ، فالولايات المتحدة – مثلا – تشكل قيمة أسواقها المالية الكلية 150 % تقريبا من الناتج المحلي الأمريكي ، واليابان تتجاوز قيمة سوقها المالية قيمة ناتجها المحلي ، وكذلك بقية دول العشرين باستثناء الصين وروسيا ، ولذا تولي هذه الدول أسواقها المالية أكبر العناية وتحافظ عليها بشتى الوسائل والتشريعات والمراقبة الدقيقة .
لو نظرنا لقطاعات السوق المالية المحلية،فسوف نجد أنها تضم القطاع المصرفي كاملاً وأهم الشركات الصناعية وقطاع التأمين كاملاً وقطاعات مختلفة من الخدمات والصناديق العقارية المتداولة والسوق الثانوية وسوق السندات والصكوك والمشتقات قريباً ، ويتداول فيها مليارات الريالات يومياً بشكل يكاد يكون مؤشراً يومياً لحالة الإقتصاد الوطني . إضافة إلى أن السوق المالية تبقى المخرج الطبيعي للشركات العائلية والشركات الناشئة وملاذ حمايتها من نزاعات الشركاء ووسيلة تخارج مؤسسيها. ومن المفترض أن تخضع الشركات فيها لأعلى معايير الحوكمة والإفصاح والالتزام وتدار من قبل مجالس إدارة أعضاؤها من أصحاب الكفاءات العالية والمشهود لهم بالنزاهة ولا تقل نسبة المستقلين منهم عن الثلث.
السوق المالية السعودية مثلها مثل أي سوق مالية أخرى تتعرض شركاتها ومساهموها لمخاطر ناتجة عن مخالفات محتملة من قبل أصحاب المصالح الشخصية في إدارات الشركات أو من المغامرين المضاربين الباحثين عن الثراء السريع . نظام هيئة السوق المالية ولوائحها التنفيذية ونظام الشركات السعودي كلها تضم التشريعات اللازمة للحفاظ على نزاهة السوق المالية من أي مخالفات تجرح شفافيته واستقامته المطلوبة، وتبقى وظائف الضبط والتحقيق وحماية المستثمر والإلتزام هي الوظائف التنفيذية المعنية بضبط الوقائع المخالفة وتحويلها لجهات الاختصاص .
قد يتصاغر البعض المخالفات الصغيرة والتي تتعلق بسلوكيات السوق من جهة أثرها المالي على المستثمرين المتضررين منها أو الشركات المدرجة ، وهذا صحيح من هذه الزاوية ولكن إن أردنا الحفاظ على السوق المالية يجب أن ننظر إلى المخالفات من زاوية تتعلق بالجراءة والتساهل في التعدي على استقامة السوق المالية القلب النابض للاقتصاد الوطني والذي تتجاوز قيمته الإجمالية ثلاثة اضعاف الناتج المحلي وينظر إليه مستثمروا العالم بأسره من خلال مؤشرات عالمية أصبح عضوا جديداً فيها.
كل ذلك يحتم على المؤسسات التشريعية والتنفيذية والمستثمرين أن تعمل بشكلٍ متكاتف للحفاظ على مكتسبات السوق المالية ، وأن لا تسمح بما قد يمس استقامتها وشفافيتها وقيمها أو محاولة العبث بشركاتها وحقوق مساهميها ، ومن المؤكد أن الجميع يدرك أن للسوق المالية حرمة المال العام بل تزيد لأنها تجمع خصائص المال العام والخاص والاستثمار الأجنبي علاوة على أنها المرآة التي تعكس صورة متانة وشفافية الاقتصاد الوطني.
قبل فترة وجيزة جدا أعلنت هيئة الرقابة ومحاربة الفساد ” نزاهة ” عن سابقة فريدة في السوق المالية تستحق الثناء والإشادة عندما أعلنت في بيان لها عن ضبط مخالفة تتعلق بمحاولة السيطرة على شركة مساهمة عامة بطرق غير مشروعة . هذا الإجراء المشكور من قبل نزاهة يعد خطوة تعزز ثقة المساهم المحلي والدولي في السوق المالية وينفذ إرادة القيادة الرشيدة في محاربة الفساد والفاسدين والحفاظ على استقامة السوق المالية بشكل خاص و البيئة الاقتصادية بشكل عام لتكون المملكة في قمة الدول التي تحارب الفساد ويأمن المستثمر المواطن والدولي فيها على استثماراته ونموها ويعزز تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
إن من أهداف هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ” نزاهة ” متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين بما يضمن الالتزام بها ، و تشجيع جهود القطاعين العام والخاص على تبني خطط وبرامج لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها وتقويم نتائجها ،وهو ما سوف يتحقق بشكل فعال شاملاً السوق المالية إذا مُنحت نزاهة صلاحيات واسعة في ضبط الحالات المخالفة في السوق المالية غير مقيدة بالشركات التي تتملك فيها الدولة بشكلٍ مباشر أوغير مباشر نسبة لاتقل عن خمسة وعشرين بالمائة من رأس مالها الأمر الذي سيدعم ويساند دور هيئة السوق المالية وجهودها في حماية السوق المالية والحفاظ على استقامتها ومكتسباتها على أوسع نطاق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال