الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جهاز مكافحة الفساد في السعودية استطاع خلال سنوات قليلة أن يكتسب خبرة ومهارة في طرق تتبع انفاق وممرات ودهاليز يسلكها لصوص المال العام، وبدأت تظهر على السطح ضبطيات نوعية يصعب اكتشافها بسهولة وأيضا تبدو من خلال العمليات أن جهاز مكافحة الفساد يمتلك مهارة ربط وفك الخيوط مهما كانت متشابهة ومتداخلة للوصول الى النتيجة النهائية، والأمر الآخر هو انه يتعامل مع أجهزة الإعلام بكل شفافية وينشر بكل تفاصيل عملياته ومضبوطاته، مع إحصائية وأرقام.
هذه الأخبار التي تصدر من مكافحة الفساد من وقت الى آخر تفرح السعوديين، بشكل لافت، وتنتشر الأخبار بسرعة في مواقع التواصل وتصل الى أعلى مشاهدة في خلال دقائق، وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لاهتمام السعوديين فقد ظلوا لسنوات يتعرضون للنهب والسرقة وأسلوب احتيال من شخصيات ومسؤولين ورموز كان يراهم السعوديون انهم المثل الأعلى في الوطنية والحفاظ على مقدراتها ومكتسباتها، وأيضا ممن ظلوا سنوات يظهرون للمجتمع انهم يحافظون على المال العام وانهم حراس الفضيلة. وأحدث الموظفين الحكوميين الذي انكشف أمره، ونهبه للمال العام وهروبه الى الخارج ومعه 11 مليار دولار.
“نزاهة” أو هيئة الرقابة ومكافحة الفساد كان عام 1441 هجرية عاما استثنائيا لها، حيث باشرت نحو 600 قضية جنائية تتعلق بالفساد، إضافة الى انها أوقفت عدد من الأشخاص وحققت مع العشرات، وسجلت اعلى معدل عن بقية السنوات الماضية في نشر أخبار ضبط قضايا جنائية تتعلق بمكافحة الفساد، اللافت أن الوصول الى جهاز المكافحة والأدلاء بالمعلومات أصبحت متاحة لعامة الناس وبمختلف الطرق تستطيع أن توصلها الى المسؤولين، فضلا عن الحماية التي توفرها لك إن كنت موظفا في نفس الإدارة، ولم تعد قضايا الرشوة وسرقة المال العام، الملفت في حالات القبض على المتلبسين، إنما وصل الأمر الى القضايا المعقدة والشائكة والتي يلجأ إليها المحتالون من اجل إبعاد شبهة السرقة.
سوف يجد المراقب لمكافحة الفساد في السعودية أن الحكومة جادة وبقوة في نزع واقتلاع أوجه الفساد مهما كلفها الأمر، ومنحت صلاحيات لجهاز مكافحة الفساد الوصول الى أصعب الأماكن والتحقيق مع أي من الشخصيات التي تشك فيها أو يكون سببا في الفساد، ولا يمكن أن يحميه أي أحد إن كان بالفعل يضر ويعبث بالمال العام. دون أدني مسؤولية، مستغلا موقعه كمسئول أو صاحب وجاهه، فالقانون فوق الجميع.
وكشفت التحقيقات التي أجرتها جهاز الرقابة ومكافحة الفساد أن قطاعات حكومية مهمة تمكنت فرق التفتيش من ضبط فساد ورشاوي وجمع أموال بطريقة غير مشروعة من غسيل أموال واستغلال الموقع الوظيفي، ومن اهم الوزارات التي تم ذكرها في بيانات “نزاهة” وتورط فيها موظفو هذه الوزارات والإدارات كتابة العدل، الموانئ، المصارف، الجمارك، وزارة المالية، وزارة الإعلام، شركة مساهمة، الاتصالات، السياحة، الزكاة والدخل، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، محكمة التنفيذ، الحرس الوطني ، القوات الجوية الملكية، البيئة والمياه، المرور، الكلية العسكرية، الجامعات البلدية، التعليم، الإسكان، شركات تنفذ مشروعات في الرياض، الداخلية، شركة الكهرباء، النيابة العامة، القطاع الخاص، بالطبع ورود اسما جهات حكومية وغيرها، لا يعني أن الجهاز يشتكي من فساد أو عدم وجود رقابة إدارية ومالية، إنما هي تصرفات وتجاوزات لبعض الموظفين الافراد الذين يمثلون انفسهم مستغلين ثغرات وغياب الرقابة في تحقيق مصالح شخصية، وبالتأكيد تقف لهم بالمرصاد أجهزة الرقابة وأصحاب الضمائر اليقظة التي تخاف على أموال الدولة من الضياع والعبث.
بالأمس كنت أتصفح موقع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد وشد انتباهي الحرص الشديد من القائمين على الموقع بوضع كل أرقام وحسابات التواصل مع الهيئة للإبلاغ عن شبهة فساد سواء واتس أب أو إيميل أو الاتصال ومن خلال مواقع التواصل وبكل الطرق، بحيث لن يكون هناك أي عذر لاي شخص أو جهة أن يبلغ ويتواصل دون خوف ويقدم المعلومات التي لديه والمستندات إن كانت ورقية أو صور وحتى مقاطع فيديو.
لم يعد الأمر مرعبا أو مخيفا أن يبلغ أي شخص حتى لو كانت إدارته التي يعمل فيهاـ حيث كفل النظام حماية المبلغ وعدم إيذاءه أو فصله، ويشترط أن تكون المعلومات صحيحة ,واطلعت على البيان الأخير الذي بثته الهيئة الذي أشار أن الهيئة باشرت 218 قضية جنائية خلال الفترة الماضية أهمها إيقاف رجل أعمال في المنطقة الشرقية وعشرة مواطنين في قضية رشا فاقت 20 مليون ريال، مالية وعينية أثناء فترة عمل الموظفين وكذلك تورطه بقضايا غسل أموال وتزوير، تتمثل برفع قيمة عقاراته داخل المملكة، لما يفوق مليار ريال بهدف تضخيم ثروته من خلال إجراء عمليات بيوع صورية لها وبمبالغ نقدية ضخمة، مستخدما في ذلك عضو مجلس شورى قبل تعيينه.
كما أوقفت مدير أحد الموانئ وقائد قطاع أمني ومحافظا سابقا في قضايا تزوير واستغلال نفوذ وإخلال بالواجبات الوظيفية، منهم قاض سابق وكاتب عدل حالي وموظف بنك سابق وكذلك مدير شرطة منطقة سابق ومدير جمرك سابق لأحد المطارات وعدد من الضباط المتقاعدين.
وأشار الخبر الى أن مدير أحد الموانئ وعدد من الموظفين العاملين، منهم مدير العلاقات العامة ومدير إدارة المشاريع واثنان في إدارة الصيانة، تم إيقافهم لإخلالهم بواجباتهم الوظيفية، واستغلال نفوذهم الوظيفي لتحقيق مصالح شخصية، وكسب مالي غير مشروع، وغسل الأموال من خلال الحصول على مشاريع في الميناء باستخدام كيانات تجارية أوقف ملاكها، إضافة الى إيقاف قائد أحد القطاعات الأمنية برتبة لواء وأربعة ضباط من مرؤوسيه والممثل المالي لوزارة المالية، لقيام اللواء المذكور بالتزوير في أحد محاضر توريد مركبات لمهمة حج من خلال التوقيع بدلا من عضوين في اللجنة المشكلة لذلك دون علمهما، نتج عنه تعديل أمر التوريد من 17 مركبة إلى 7 مركبات ومركبة فارهة “مرسيدس “مايباخ” استخدمت من قبل الأول شخصيا، وكذلك قيام أحد الضباط بصرف مليون و700 الف لتر بنزين لإحدى الشركات بطريقة غير نظامية، وأوقف محافظ سابق في إحدى المناطق لحصوله على مركبة فارهة من أحد رجال الأعمال مقابل تسهيل إجراءاته لدى الدوائر الحكومية في المحافظة، وكذلك وجود حركة مالية في حساباته البنكية لم يتمكن من تبرير مصدرها ولا تتوافق مع دخله كموظف حكومي.
وفي إشارة الى أن لا أحد فوق القانون ومطاردة لصوص المال العام لا يستثني أحد تم إيقاف ثلاثة من موظفي الحرس الوطني لاستغلالهم نفوذهم الوظيفي باختلاس أدوية من ضمنها أدوية مخدرة من مستودعات تابعة للوزارة تتجاوز قيمتها 864 ألف ريال إيقاف ضابطي صف في أحد المطارات أحدهما من منسوبي القوات الجوية الملكية السعودية والآخر في المديرية العامة للجوازات، لإخلالهما بواجبات الوظيفة نتج عنه مغادرة مقيم من الجنسية الآسيوية لخارج المملكة بطريقة غير نظامية.
وأوقفت الهيئة أيضا موظف في وزارة البيئة والمياه والزراعة لحصوله على 20 ألف ريال مقدم رشوة بمبلغ إجمالي قدره 50 ألف ريال من إحدى الشركات، مقابل تسهيل إجراءات استئجار مبنى لمصلحة الوزارة من الشركة بـ 11 مليون ريال. كما أوقفت ضابط صف بمرور إحدى المناطق لحصوله على 40 ألف ريال رشوة بواسطة أحد المقيمين عن طريق اثنين من المواطنين، مقابل تزوير الأول محضر حادث مروري وقع على مركبة فارهة، بهدف حصول مالكها على مبلغ تعويضي من إحدى الشركات المنفذة لمشروع تابع لوزارة النقل.
وأقدم طالب ضابط بإحدى الكليات العسكرية ومقيم يعمل بإحدى الجامعات الأهلية داخل المملكة لدفع الأول 35 ألف ريال للحصول على شهادة جامعية وسجل أكاديمي مزور مكنته من الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية. للأسف الشديد تم تمرير الشهادة المزورة، إلا أن القدر كان له بالمرصاد، وتم إيقاف موظف بلدية بإحدى المناطق لاستغلاله نفوذه الوظيفي لتحقيق مصالح شخصية من خلال التغاضي عن مخالفات أحد الفنادق مقابل استفادته من خدمات الفندق والإقامة فيه مجانا.
لكم أن تتخيلوا يبيع الأنسان ضميره فقط من اجل أن ينام في فندق مجانا. رحلة الفساد في السعودية أصبحت قصيرة جدا، وهذه الأخبار تفرح السعوديين، لأنها تخلصهم من أصحاب المنفعة الشخصية وتحفظ للبلد نقاء اقتصادها ومجتمعها، وتخلق المساواة بين الجميع في كسب الرزق الحلال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال