الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عزيزي القارئ العنوان صحيح والمقصود فعلا وزير السياحة في المقام الأول لأن هو من سيتمحور حوله المقال. في صيف هذا العام شهدت المملكة موسما سياحيا فريدا قد لايتكرر مرة اخرى على الاقل خلال السنوات الخمس المقبلة، فالظروف الناشئة بسبب جائحة كورونا ان شاء الله ستتغير ومنها إغلاق السفر الخارجي الذي كان له دور فاعل في توجه المواطنين والمقيمين الى قضاء الاجازة في ريوع المملكة .
في صيف هذا العام شهدت عدة مناطق سعودية وتحديدا محافظة الطائف والمنطقة الجنوبية زحام لافت بحكم أنهما الخيارين الاوليين لاعتدال الأجواء فيهما ووجود بنى تحتية يمكن البناء عليها في تنشيط السياحة واستقطاب السياح.
وما قصدته في عنوان هذا المقال عبر ربط التعليم بالسياحة هو ان إجازة الصيف للمدارس تصل تقريبا الى 3 اشهر متواصلة، ومعظم السعوديين وجزء من الوافدين يقضون هذه الفترة خارج المملكة. لكن في حقيقة الامر هذه الفترة لها آثار سلبية على الاقتصاد السعودي من جانبين مباشر وغير مباشر عبر الاضرار بقطاع الأعمال.
فالأثار السلبية على الاقتصاد هو الحجم الهائل لتصدير السيولة للخارج وانفاع اقتصاديات دول قائمة على زوارها من المملكة بينما ضررها على قطاع الأعمال هو الضعف الذي يصيب عادة القطاع الخاص في فترة الصيف بسبب سفر جزء من منسوبيه للخارج للاستفادة من توقف الدراسة لقضاء إجازاتهم خاصة الوافدين مع اسرهم في بلادهم.
وبما ان السعودية تتجه للاستفادة من التنوع المناخي والثقافي لديها عبر تنشيط قطاع كان حقيقة غائب عن الأثر المباشر في الاقتصاد واعني هنا بقطاع السياحة، فمن المهم إعادة النظر في مواعيد الإجازة المدرسية عبر تقليص إجازة الصيف الى شهر ونصف فقط على ان يتم توزيع الـ 45 يوما الباقية في موسم اعتدال الأجواء واعني هنا بالاشهر الباردة او ذات الاعتدال المناخي، فلماذا لا يتم تمديد الإجازة بين الترمين مثلا الى شهر ونصف او شهر على أقل تقدير واجازات قصيرة اخرى يتم تقسيمها مثلا على شهري نوفمبر وفبراير؟
هذا الامر سيعمل على تعزيز الاستثمار السياحي والرقي به وتحفيزه وتوزيع الزيارات السياحية على فترات اطول مما سيكون لها اثر على الأسعار والاقتصاد بشكل عام. وسيؤدي الى شمولية السياحة لمناطق اوسع من بلادنا الغالية خاصة المناطق الشمالية والوسطى عبر السياحة الشتوية ومنها امكانية اطلاق فعاليات للتزلج على الجليد في تبوك وزيادة الفعاليات في موسم الرياض الذي فاقت نتائجه التوقعات في موسمه الاول.
وعلينا أن نستذكر ان الدول التي تتصدر المشهد السياحي عالميا لم يكن اعتدال الطقس بحد ذانه هو السبب الحقيقي لاستقطاب السياح فيها بل هناك عدة أسباب اخرى من بينها: وجود المتاحف والمعارض واقامة المهرجانات والتسوق والانشطة الرياضة والترفيهية وغيرها، فدولة مثل فرنسا يصل عدد الزيارات لها الى 86.9 مليون زيارة سنويا ويساهم قطاع السياحة فيها بحوالي 9.7% من إجمالي الناتج المحلي. بينما تصل عدد الزيارات السياحية في اسبانيا الى 81.8 مليون زيارة سنويا، ويساهم قطاع السياحة فيها بنسبة 11% من إجمالي الناتج المحلي. فيما تحتل امريكا المرتبة الثالثة عالميا بعدد زيارات تصل الى 76.9 مليون زيارة سنويا.
ورغم ان الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الثالثة بين أكثر الدول جذبا للسياح إلا أنها تعتبر الاولى من حيث انفاق السياح إذ تقدر ايرادات السياحة فيها وفقا لاحصائيات عام 2017 ما مجموعه 210 مليار دولار، وهذا يعتبر أكثر من ثلاثة أضعاف ما حققته إسبانيا في ذات العام بإيرادات سياحية بلغت 68 مليار دولار وهي أكثر ثاني دولة في العالم تحقق إيرادات في قطاع السياحة بعد أمريكا.
في المملكة، من المتوقع أن تساهم المنشآت الترفيهية والسياحية الجديدة في دعم السياحة الداخلية في البلاد، إذ تشير التقديرات الى انه من المتوقع أن يصل عدد الزيارات السياحية نحو 100 مليون زيارة في السنة بدءا من العام 2030 – التقديرات قبل جائحة كورونا- والرقم المستهدف يشمل الزيارات الدولية والتنقل المحلي للمواطنين والمقيمين اضافة الى اكثر من 30 مليون حاج ومعتمر وزائر لمكة المكرمة والمدينة المنورة إذا ما تمت السيطرة على الجائحة.
المؤكد ان أي دولة في العالم تستطيع أن تكون سياحية لكن عليها أن تعرف مقومات النجاح لديها، ولنا في تجربة البحرين وسنغافورة خير مثال فهما على صغر مساحتيهما إلا أنهما يستقطبان سياح من الخارج. والمملكة حباها الله بمقومات قد لا تتوافر لدى كثير من الدول، فإضافة إلى السياحة الدينية والتنوع المناخي صيفا وشتاءا هناك الإرث التاريخي لحضارات بائدة والمناطق التي يمكن تحويلها إلى متاحف مفتوحة ومنها الدرعية والعلا والاخدود في نجران.
المملكة لاتستهدف السياح المحليين والخليجيين فقط، ولكنها تسعى الى ان تكون احدى الوجهات السياحية العالمية، وهنا علينا أن ندرك ان السواح من الغرب والشرق لايبحثون عن طبيعة خضراء او جو بارد او معتدل فبلادهم تنعم بذلك بقدر بحثهم عن صحرائنا وشمسنا والإرث الحضاري والثقافي والديني وهذا ما ينبغي العمل عليه فالسياحة ليست استجمام مثلا أو حضور مهرجانات بل هناك عشرات الأنواع من السياحة التي قد يناسب بعضها مدن ومناطق ولا يتناسب مع الأخرى.
اخيرا، السياحة ليست مجرد قضاء وقت ممتع ولكنها احدى اهم الركائز الاساسية في الاقتصاد الوطني من حيث تدوير رؤوس الاموال والتوظيف وعلينا ان نستفيد من تجارب الاخرين ايا كانت نحو تعزيز صناعة السياحة في المملكة.
وهنا نعود الى عنوان المقال، فعلى معالي وزير السياحة ان يبذل جهدا كبيرا مع زملاءه وخاصة معالي وزير التعليم لإقناعه اولا بأهمية وفائدة تقسيم الإجازات على مدار العام ليعطوا المعلم والطالب والاسر، قسطا من الراحة اضافة الى ان ذلك سيسهم في قضاء جزءا من الاجازة السنوية داخل المملكة. كما سيسهم ذلك بأثر اخر على القطاع الخاص وهو تقسيم إجازات منسوبيه على فترات اطول بدلا من حصرها خلال 3 اشهر فقط مما يكون له اثر سلبي على العطاء في فترة الصيف.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال