الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“لتصبح مليونيراً أسس شركة طيران بمليار” مقولة منسوبة للملياردير البريطاني ريتشارد برانسون مؤسس خطوط ڤيرجن.
شركات الطيران هي الأكثر استنزافاً للسيولة، وأصولها العاملة طائرات ذات تكلفة شراء وتشغيل مرتفعة وتمويل يمتد لعقود، فقيمة البوينج 777-300 على سبيل المثال، يقارب المليار وثلاثمائة مليون ريال سعودي.
الطائرات صُنعت لتطير، وكل دقيقة غير مجدولة تقضيها على الأرض تُعتبر خسارة، وتقاس كفاءة التشغيل بمعدل ساعات الطيران يومياً، وتجارياً بالعائد وهو معدل قيمة المباع من المقاعد لكل كيلومتر طيران، أو ما يُعرف في اقتصاديات الطيران بـ RPK. لهذا تعرّضت شركات الطيران المشغّلة لطائرات البوينج 777-ماكس لنكسة كُبرى عند حظر طيرانها دولياً بعد أن تسببت مشاكلها الفنية بكارثتيّ تحطم في ظرف أربعة أشهر ليتم إثرها وقف تشغيل 500 طائرة مُكبدة مشغليها خسائر فادحة بعد شطب جداولها وبالتالي العائد من رحلاتها. وتأتي جائحة كورونا بالضربة القاضية حين تسبب الوباء في توقفٍ كامل لعمليات عدد كبير من شركات الطيران، وانخفاض تشغيل شركات أخرى بنسب تجاوزت الـ 70٪ إضافة إلى القيود التي تم إقرارها لتقنين عدد ركاب الطائرة الواحدة.
ويعتبر هامش أرباح شركات الطيران متدنياً جداً عطفاً على حجم الاستثمار فيها، وبالكاد تغطي قيمة التذكرة تكلفة التشغيل بينما يتحقق هامش الربح من بيع المنتجات الثانوية المتعلقة بالراكب، من رسوم تحديد المقاعد وقطع العفش والوجبات ومقاعد مخارج الطوارئ الأكبر مساحة نسبياً ومن رسوم تغيير الحجز وتعديل التذاكر… إلى آخره.
جاء في الوول ستريت جورنال، أن شركات الطيران الأمريكية الكبرى، سجلت ربحاً بمعدل 19.65 دولاراً للراكب في عام 2018م مقابل 17.75 دولاراً في 2017م مع ما يُعرف عن تقشف تلك الشركات ومن رداءة خدماتها المقدمة للركاب وتكديسهم في مقصورات الطائرات، وإذ يعتبر تحقيق 9٪ ربحاً مجزياً في أسواق الولايات المتحدة فهذة النسبة تمثل ضعف ما تحققه شركات الطيران الأخرى (الرابحة) حول العالم، كما جاء في الصحيفة.
ويجب هنا التفريق بين تكلفة وأرباح شركات الطيران المستقلة بنفسها، وتلك التي تعتبر ناقلات وطنية وذراع اقتصادي فاعل من خلال تقديم منتجات تتجاوز شركة الطيران لتتكامل مع أنشطة المجموعة التي تمتلكها، وعلى رأسها المطارات، كالدور الذي يقوم به طيران الإمارات وما تمثله عمليات (المجموعة) في الناتج المحلي لدبي، وبين شركات طيران تجارية خالصة تبني حساباتها على الهامش الضيق للأرباح.
والمناسبة تجعلني اذكر شركة الطيران الهندية (كينغ فيشر) التي أسسها رائد صناعة الخمور الهندي المليونير فيجاي مليا عام 2008م، ولأن الدعاية للخمور ممنوعة في الهند، قام المليونير باختيار علامة البيرة التي تنتجها مصانعه شعاراً على الطائرات. ولكن صناعة الطيران تختلف عن صناعة الخمور فتحملت الشركة ديون بلغت 980 مليون دولار لتنتهي الشركة بالافلاس ووقف التشغيل وهروب مالكها إلى لندن في 2012م.
شركات الطيران، تقليدية كانت أو اقتصادية، حساسة جداً للمتغيرات سواء في أسعار الوقود وتكلفة التشغيل أو المتغيرات الجيوسياسية والجائحات، ورغم ما بدأ في الأعوام السابقة وكأن الشركات قادرة على الاعتماد على مواردها، إلا أن الحقيقة التي ظهرت مؤخراً تقول بأن الأمريكية منها بالذات والتي حاربت أخرى شرق أوسطية بحجة الدعم الحكومي، لم ينقذها من الإفلاس إلا الدعم الفيدرالي، وهذا يعود بنا للمربع الأول ليؤكد أن شركات الطيران وقدرتها على المنافسة يعتمد بقوّة على الدعم والحماية الحكومية وماعدا ذلك أثبتت الأزمات أنه وضع مؤقت. وما بيع الملياردير الأشهر وارن بافيت لأسهمه في أربع شركات أمريكية إلا تأكيد لمقولة ريتشارد برانسون.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال