الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قال لي: امضيت أكثر من 5 سنوات من حياتي الوظيفية دون الحصول على ترقية او دورة تدريبية او حتى خطاب شكر، ناهيك عن ان مهام الوظيفة لا تتناسب مع تخصصي، لقد حرصت خلال تلك السنوات ان أكون مهتما شغوفا مطورا لذاتي ومهاراتي، كنت اول الأسماء حضوراً في كشف الحضور وآخرها عند الانصراف، لم احصل على إجازة، وجدت العديد من فرص النقل بترقية الى الافضل الا ان رئيسي رفض ذلك بحجة الحاجة لي، ومع ذلك لم يدعم لي طلبا بالترقية بالرغم من الاعتماد على كفاءتي المهنية في معظم الاعمال، حينها وجدت انني ربما اقضي العديد من السنوات بهكذا حال.
وتابع: في احد الأيام وجدت اعلاناً لوظيفة بأحد الصحف شروطها مطابقة لمؤهلاتي واشغالها لا يتطلب سوى الاستقالة من جهة العمل الحالية، وبالرغم من ضآلة الفرصة التي من المتوقع ان يتقدم لها الكثير أضاف لم يكن امامي سوى المخاطرة والتفضيل بين الممكن والواقع فاخترت الممكن والذي اصبحت معه لاحقا رقما مهما في تحقيق الذات والكفاءة والعطاء والدخل والأداء الذي يُقدره لي الجميع على اكمل وجه. ليس هناك ما هو اصعب في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية من أن تفقد وظيفتك لسبب ما، او أن يُنظر الى تفانيك واخلاصك واداءك المتميز بأنه لا يقل عن سواه، لنتجاوز الثانية الى الأولى.
في بيئات العمل عادة ما تكون هناك متغيرات تفرضها الحاجة لذلك في بعدها المتعلق بإعادة الهيكلة لتحقيق العائد الأفضل او تلك التي خلقتها ازمة مالية طارئة او تلك التي تأتي نتيجة لصراعات داخل المنظمة ومزاجية مديرها .. الأخيرة هذه هي اكثرها مرارة واوسعها انتشاراً ذلك لأنها أتت دون تفسير حقيقي لمصلحة العمل هناك الكثير ممن فقدوا وظائفهم لهذا السبب.
في الادارة الحديثة الناضجة التي تطبق الفكر المؤسسي نادراً ما يحدث ذلك واكاد اجزم ان حدث ذلك فهو كخيار آحادي من الموظف ذاته (استقالة) وهذا قد يحدث أحيانا بسبب ضغوط العمل كدور رئيسي بالرغم من ان هذا المفهوم غير ممكن في العمل المؤسسي الا انه بشكل او بآخر قد يحدث لأسباب شخصية او حتى من منظور المدير الغير ملم بكافة تفاصيل العمل المؤسسي وتوزيع الأدوار.
تعتبر الإدارة السيئة اكبر خطر يهدد مستقبل المنظمات فعدم الكفاءة المهنية والأخلاقية للمدراء سيؤثر سلبا على العملية الإنتاجية بقرارات تضر الموظف الكفء وكذلك المسارات المختلفة للأداء. ان الاستثمار في تطوير فرق العمل داخل المنظمات لا يقوم على المحسوبيات والاعجابات النظرية بقدر ما هو الا سلسلة من القيم الإدارية والقيادية التي تبدأ حيث ينتهي الرضا والتميز وجاذبية العمل واحترام الكفاءات ودعمها وعندما نفقد هذه المعطيات تبقى الوظيفة مجرد انتظار للراتب ومن ثم علينا ان نبذل كل ما في وسعنا للمحافظة عليها وبالحد الأدنى من الأداء الذي لا يُعرضك للمساءلة او الحسم من الراتب.
من السلوكيات السيئة لبعض الإدارات انها لا تتفاعل ولا تستجيب لموظفيها وعادة ما يكون القرار والتوجيه من طرف آحادي (المدير) وهو ما يرفع من حالات التضجر والهلع والخوف من فقدان الوظيفة ناهيك عن أمل التطوير والترقي .
يقول خبر صحفي نشرته وكالات وصحف مختلفة: ان دراسة بحثية لنيل درجة الدكتوراه نُشرت في العام 2009 أكدت فيه الباحثة آنا نايبرغ من معهد كارولينسكا الطبي على أن سوء الإدارة في العمل قد يزيد خطر إصابة الموظفين بذبحة قلبية خلال 10 سنوات حيث استندت الدراسة الى معطيات عن حوالى 20 ألف موظف في السويد وفنلندا وألمانيا وبولندا وايطاليا يعملون في وظائف مختلفة مثل الغابات وصناعة الفنادق وأن هنالك علاقة بين حسن إدارة رب العمل للعمل وبين صحة الموظفين.
هذه الدراسة يقابلها البعد النفسي للرضا والشعور بالسعادة الوظيفية التي من خلالها يبني الموظف ذاته وبشغف العطاء تتوسع لديه المهارات والمعارف الجديد على نحو من النجاح الوظيفي ومستقبله الموعود كيفما يكون هكذا ، فشعورك بالسعادة الوظيفية يعني انك في افضل بيئات العمل .
كيف تعرف ان ادارتك سيئة وضعيفة؟
يرى عدد من الباحثين والمهتمين بسلوكيات واخلاقيات المنظمات بأن هناك عدة علامات لذلك ومنها الشعور بالبيئة البائسة كانتشار القلق داخل أماكن العمل، هدر الأوقات الوظيفية في علاقات خارج المهام الوظيفية (حضور وانصراف فحسب) ومن ذلك أيضا تفقد الموظفين بشكل مستمر لشعور الإدارة بعدم الثقة او بسبب مشاكل الأداء أو لأسباب شخصية.
الغرور الكبير والتصرف كلاعب بفريق واحد حيث تُقتل التنافسية والتحفيز والجودة والعاطفة الأخلاقية وهو ما يوصل حتما الى ضعف الإنتاجية ومقاومة أي ابداع او ابتكار او تغيير لاحقاً .
عزيزي فاقد الوظيفة : خسارتك للوظيفة لا يعني نهاية المطاف وانتهاء حياتك المهنية، الكثير من العظماء كانت بدايتهم حيث انتهت الأولى، ابتعد عن الحزن وثق انها خيرة اختارها الله لك كي تحصل على افضل منها فلا تستلم للركون والاحلام، وامح تلك المرحلة بكافة تفاصيلها من ذاكرتك، فخطوتك الثانية لابد ان تكون بذاكرة جديدة وعزيمة صادقة وإرادة قوية قد بدأت، وها انت على الطريق الصحيح هكذا تكون الأشياء.
الايمان بالنفس يعزز الثقة الشخصية السلوكية للموظف ويساعد على التزام الهدوء عند التعامل مع المواقف الصعبة ويشجع لديه الكفاءة الذاتية نحو رفع سقف الطموحات والتوقعات المستقبلية لتتجاوز بنجاح أي مهام مهما كانت فيما تبدو انها صعبة .
مجمل القول: الاعمال الوظيفية أمانة ومسؤولية عظيمة وعندما تتعلق هذه الأمانة بفصل موظف دون سبب مُستحق فلا شك بأنها قد تجاوزت مبادئ الإنسانية وأيضا تستجذب معها تداعياتها الأخرى في بعدها الاقتصادي (الاستهلاك والإنتاج والبطالة) والاجتماعي (التكاتف والعطاء والخير والمحبة).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال