الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعرف الاستحواذ في قطاع الأعمال والتجارة بأنه السيطرة المالية و الإدارية لإحدى الشركات على نشاط شركة اخرى عن طريق شراء نسبة تزيد عن 50% من أسهم الشركة الأخرى، وبالتالي فإن هذه العملية تعني انتقال ملكية معظم اسهمها و إدارتها الى الشركة المستحوذة. وجود هذا النوع من العمليات منتشر و رائج وله اهمية اقتصادية مهمة ولكنها ليست محور حديثنا. ما أود الحديث عنه هنا هو شركات SPAC حيث انها تعتبر نوعا من الشركات الخاملة التي تنشأ فقط لغرض ممارسة عملية الاستحواذ على الشركات الصغيرة، ولذلك تسمى بشركات الاستحواذ أو شركات (Special purpose acquisition companies).
اذا، ماهي شركات SPAC؟
لنفرض أن لدينا مستثمر، هذا المستثمر يريد طرح شركته في سوق الأسهم، فيضطر للمرور بمراحل طويلة تاخذ وقت طويل الى ان تطرح كشركة مساهمة. شركات SPAC، لها اسلوب اخر غير تقليدي في طرح الشركات في سوق الأسهم ولكنها ليست رائجة في السنوات الأخير، خاصة خلال هذا العام 2020. أسلوب هذا النوع من الشركات هو مجموعة من الخبراء في الأعمال والاستثمار، يقومون بجمع أموال مستثمرين مختلفين و طرح “شركة تحت تصنيف شركات خاملة ذا غرض الاستحواذ” للإكتتاب، اي تهدف الى جمع رأس مالها من إدراج أسهمها في سوق الأسهم. وبعد ذلك، تقوم هذه الشركة بالترويج عن نفسها والبحث عن شركات صغيرة ولكنها واعدة من وجهة نظر رؤساء شركة الاستحواذ، يتفاوضون معها للاستحواذ عليها بسعر أقل من قيمتها، وبعد المفاوضة يتم الاستحواذ، فإن حققت ارباحاً وارتفعت قيمة سهمها، فهنا تستمر شركة الاستحواذ في العمل والتوسع، وان لم تنجح في اختياراتها بالاستحواذ على شركات تحقق نجاح في السوق وأرباح، يتم تصفيتها بعد سنتين من إنشائها إلا إن رغب الملاك في تمديد مدة عملهم وفقا لنظام الشركات في الدولة. لذلك يطلق على هذا النوع من الشركات بشركات الشيك على بياض، لان المستثمرين يودعون أموالهم في شركات الاستحواذ التي ليس لها أي نشاط واضح على أمل أن ينجح ملاك هذه الشركة بالاستثمار في شركات لها نشاط و مستقبل اقتصادي.
تعتبر هذه الشركات من أكثر أنواع الشركات ازدهارا في الوقت الحاضر وتلقى رواجا كبيرا في الولايات المتحدة الامريكية خصوصا مع أزمة فيروس كورونا، حيث انها تمنح الشركات الناشئة المرونة في التوسع من دون المرور بمراحل عملية الاكتتاب العام الطويلة، فهذه الشركة الناشئة تبيع معظم أسهمها لشركة الاستحواذ بسعر اقل من المفروض، لأنها ستستفيد على المدى البعيد في حال نجاحها خصوصا وان الطرح في سوق للإكتتاب مكلف مادياً و زمنياً، كما ان الادراج التقليدي يتطلب الكثير من اتباع إجراءات الإفصاح و المعلومات عن الشركة المستهدفة. لذلك، الشركات في وقت الأزمات الاقتصادية تلجأ لمثل هذا النوع من الصفقات عندما تكون الأسواق المالية في حالة تذبذب وعدم استقرار. نرى في أمريكا خلال عام 2019، كان هناك ٥٩ اكتتاباً أولياً لشركات SPAC والتي بلغ رأسمالها مجتمعة في حدود 22مليار دولار. أما في 2020، ارتفع العدد ليصل الى طرح 133شركة SPAC للإكتتاب الأولي برأس مال يصل إلى 51مليار دولار.
الجدير بالذكر هنا، أن هذا النوع من الشركات ليست بجديدة، حيث انها موجودة من الثمانينات، ولكنها لم تكن تتمتع بسمعة حسنة حيث انها كانت تعتبر شركات تعمل على الاحتيال بشكل كبير اكثر من الاستثمار، لذلك، قامت لجنة الاوراق المالية الامريكية بتشديد الانظمة و اللوائح عليها مما ادى الى تضائل وجودها، الى ان اتى ديفيد سباوم في التسعينات والذي أعاد هذه الشركات للسوق مع تعزيز الثقة في مصداقيتها. وتم سن تشريعات جديدة للسماح لهذا النوع بالعودة للسوق الأمريكي. حاليا، تخضع هذه الشركات للقواعد المنظمة للإلتزام والافصاح والحوكمة وذلك لحماية المساهمين.
على، الرغم من أن هذا النوع من الشركات لازال يعاني من العديد من المشاكل خصوصا من ناحية كسب ثقة المستثمر، ومن ناحية اختيار الاستثمارات الواعدة، اعتقد انه ينتظرها مستقبل واعد ليس فقط في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا والقليل من دول العالم، ولكن في جميع أنحاء العالم. واعتقد ايضا، ان هذا النوع من الشركات يعتبر من النماذج الاقتصادية التي يجب العمل على تطويرها استراتيجيا واقتصاديا في المملكة وتصميم إطار تشريعي وقانوني قوي يمنع عمليات الاحتيال والنصب ويرفع نسبة نجاحها، لأن نجاح مثل هذا النوع من الشركات، يساعد في تعزيز الاقتصاد الوطني، و رفع كفاءة الاستثمار سواء كان استثماراً وطنياً أو اجنبياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال