الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وأنا أقرأ أحد تقارير ال (بي بي سي) الذي يتحدث عن الارتفاع في معدلات سرقة قطع غيار المركبات خلال عام 2019 في مدينة لندن، كنت أفكر بطبيعة الحال في الأثر الاقتصادي لمثل هذا السلوك، بالإضافة إلى الأسباب الكامنة خلفه. لم يستغرق الأمر كثير من الوقت والبحث حتى أكتشف أن هناك أنواع محددة من المعادن التي تلهث خلفها هذه الفئة من البشر وتسعى جاهدة للحصول عليها. وكل ذلك سعيا إلى الربح السريع بسبب ارتفاع أسعار تلك المعادن في أسواق البورصة العالمية.
ورغم أني لا أعتبر نفسي من أولئك الخبراء في متابعة أسعار المعادن الثمينة، إلا أنني بدأت أفكر في سحر تلك البورصة التي يسيل من أجلها لعاب هؤلاء الأشخاص، حتى يدفعهم لتلك التصرفات المخلة بتوازن الاقتصاد، وتشكل فجوة أمنية يرفضها المجتمع برمته.
المثير في الأمر أن نفس التقرير يشير إلى أن عملية كهذه لا تستغرق في الغالب أكثر من ثلاث دقائق، وهو الأمر الذي دفعني للتفكير في تقنيات التتبع لمركبات المستقبل، والتي لابد وأنها تتطور بنفس التسارع الذي نسمع به اليوم في هذه الصناعة.
في كل يوم نسمع عن إنجاز جديد تحققه المركبات ذاتية القيادة، والمركبات الكهربائية لتغير وجه المدن في غضون سنوات قليلة، سعياً لتحقيق نقلة نوعية في قطاع النقل. وبالتأكيد فإن هذا التطور يساهم في حل المشكلة الاقتصادية التي نتحدث عنها في هذا المقال حتى ولو كان ذلك بشكل غير مباشر. فالتوقف في مسارات محددة بشكل دقيق، وتتبع حركة المركبات خلال خط سيرها من البداية وحتى النهاية هما أمران يساهمان في الحد من التعرض لها بسوء. لذلك فإننا نقول بأن الجهود السبرانية سيعول عليها بشكل كبير في هذا الصدد.
أما المختصون بجوانب الابتكار فقد ذهبوا أبعد من ذلك في مواجهة الأمر بطريقة مختلفة وذلك من خلال الدعوة لأن تكون جميع قطع غيار المركبات مدونة في سجلات الشبكة العنكبوتية ومتاحة للجميع. وهم يرون أن هذا الأمر سيمكن أي شخص من معرفة حالة القطعة وتاريخها من خلال تقنيات blockchain
على الجانب الآخر فإن صناع المركبات أيضا يمكن أن يساهموا في الحد من هذه الظاهرة بدعمهم لفكرة وجود أجهزة التتبع في جميع المركبات المصنعة مستقبلا، أو حتى من خلال إنشاء تجمعات للملاك تحدث تجارب العملاء بشكل مستمر ليستفيد كل منهم من تجربة الآخر.
مؤخراً باتت الدول تتحرك في سباق محموم لاستقطاب المستثمرين من أجل المساهمة في دعم نمو عجلة الاقتصاد، وهو أمر بلا شك يتطلب درجة عالية من الاستقرار الجاذب للاستثمار. لذلك فإننا لا نتعجب من السعي الدؤوب نحو المدن الذكية، حتى يتم خلق صورة ذهنية تحمل درجة عالية من الأمان.
واليوم بات جلياً للجميع أننا أصبحنا في سباق مع الزمن على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، لذلك فإن أي ثغرة اقتصادية قد تؤدي إلى تأخر في تحقيق المستهدفات. ومن خلال النظرة الشمولية يمكن أن نلاحظ التأثير السلبي للجانب الاقتصادي من المسألة والذي ينعكس أثره على قطاعات متعددة ولا يقتصر على فئة محددة دون غيرها. ولذلك فإن تعاون الجميع يشكل أمر حتمي للحد من هذه الظاهرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال