الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في إحدى شتاءات باريس القطنية عام 2008 لم يتمكن الصديقان ترافيس كالانيك وجاريت كامب من الحصول على سيارة أجرة بعد حضورهما مؤتمراً تقنياً.
أدت هذه المعضلة إلى فكرة لخلق قيمة مجتمعية اقتصادية تتعلق بخدمة ليموزين بنظام المشاركة بالوقت ويمكن طلبها عبر أحد التطبيقات الذكية.
تُحقق هذه الفكرة في الوقت ذاته ميزة تنافسية في الزمان والمكان الذي وُلدت فيه، من حيث قوة البديل المطروح بمميزاته ومكافآته، وسهولة قيود السوق حينها، وسهولة المنافسة، وغير ذلك من المزايا؛ كإمكانية التعرف على السائق؛ الأمر الذي يبعث على الثقة في نفس المستخدم.
هذا بالتحديد ما يمكن أن يسمى “ابتكاراً اجتماعياً”؛ حيث يهدف إلى خلق قيمة مشتركة (اقتصادية واجتماعية)؛ تشكّل في اشتراكها ميزة تنافسية؛ فهو ليس أداة لتحقيق الأهداف الاجتماعية فحسب؛ بل مصدرٌ للنمو الاقتصادي.
مفهوم الابتكار الاجتماعي “أكاديمياً” ينتمي لعدة تخصصات؛ لذا فقد تتضمن تعريفاته النظرية الاقتصادية الحديثة، وعلم الاجتماع، والعلوم السياسية؛ إلا أن من المفاهيم الشاملة للابتكار الاجتماعي ما أورده مركز الابتكار الاجتماعي بجامعة ستانفورد الأمريكية CSI)) بأنه “عملية تطوير حلول فعالة للمشاكل والقضايا الاجتماعية ونشرها، تحمل خصائص تميزها عن حلول سابقة، وتشمل هذه الخصائص تحقيق فاعلية وكفاءة واستدامة أفضل، وتقديم فوائد تركز على المجتمع أكثر من تركيزها على الفرد”.
وفي تتبعٍ لمفهوم الابتكار الاجتماعي يظهر ارتباطه بريادة الأعمال بشكل واضح؛ فهو ليس نتيجة للمنتجين وأصحاب المشاريع فحسب، بل لمختلف أصحاب المصلحة والعملاء والمستخدمين؛ فرجل الأعمال الاجتماعي يحدد المشاكل الاجتماعية، ويحصل على الأفكار والموارد ويخلق ابتكاراً بالتعاون مع أصحاب المصلحة، موظِّفاً في ذلك التكنولوجيا، وطرق التحليل ونماذج التفكير الابتكارية -كالتفكير التصميمي والتفكير المنظومي- مما ينتج حلولاً، تزرع بذور الميزة التنافسية، وتمهد لاقتصاد قوي.
وعلى ذكر “التكنولوجيا” في هذا السياق؛ فهي تُعد بُعداً مهماً من أبعاد الابتكار الاجتماعي؛ بحيث يمكن اعتبار الابتكار التكنولوجي مطلباً وعامل تسهيل، ومحفزاً على خلق مسارات جديدة في الابتكار الاجتماعي والنمو الاقتصادي؛ فهذه “أوبر” ابنة الشتاء وصلت في رحلة ازدهارها في نقطة التقاء مع الصندوق السيادي للمملكة العربية السعودية “صندوق الاستثمارات العامة” للاستثمار في قطاع التكنولوجيا في السوق الأمريكي عبر شركات «Uber Technologies» بقيمة 2.033 مليار دولار، وذلك برصد خاص أعدته «صناديق»، حتى نهاية شهر مارس الماضي.
ولعل المقالة القادمة تسلط الضوء على توصيات وحلول مقترحة في تعزيز الابتكار الاجتماعي من خلال جامعاتنا باعتبارها أرضية خصبة للابتكار، الذي بدوره يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وامتلاك سهمٍ نافذ في كنانة الاستقلال المالي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال