الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المتابع للتحليلات الاقتصادية التي نُشرت خلال السنوات الماضية ثم خلال رحلة كوفيد – 19 يجد ان الكثير من تلك التحليلات تميل للسوداوية أو التشاؤمية بل ان بعضها أنهى العالم اقتصادياً !
الاقتصاد كأي نشاط يمر بهزات لكنه ما يلبث ان يستفيق .. هذه هي الحقيقة التي سجلها تاريخ الفكر الاقتصادي، وبالرغم من الاخفاقات السابقة في التحليل الاقتصادي لما قبل كورونا الا أن الجائحة اعادت مجدداً بث الفكر التشاؤمي على نحو من التحليل السلبي والذي اعتمد كلياً على الجانب النظري فقط في حالة اشبه ما يكون بقصص التعبير التي يبدع الطلاب في صياغتها كخيال وصفي دون ان يتخللها اجابات مقنعة تحدد السببية العلمية والنمذجة أو حتى المقارنات الرقمية والاحصائية المرتبطة بسنوات الاساس لأي تحليل اقتصادي كما هو معروف.
من الناحية الفكرية للمراجعات الاقتصادية يبقى التحليل الخيالي عنواناً بارزاً لمن لم يتعلم جيداً أهمية الادوات الاقتصادية العميقة المرتبطة بالحدث والمقارنات وتحليل التوقعات على نحو علمي بحت هذا شيء والشيء الآخر ان عباءة التحليل الاقتصادي أصبحت ذات شيوع متاح لمن درس مبادئ الاقتصاد كمقرر فرعي فقط وليس جميع مقررات التخصص البحت بل ان معظمهم بعيد كل البعد عن التخصص فنجد النافذة الاقتصادية مفتوحة لمن يرغب دون ان يعلم ان خلف تلك النافذة شاسع كبير من المعرفة والاصول الاقتصادية والمفاهيم التي تحتاج الى وقت طويل وتعليم دؤوب حتى يكون متمكناً من اضفاء التحليل الصحيح نحو الحقيقة او حتى جزءاَ بسيطاَ من الحقيقة ..
الاقتصادي الذكي اليوم لم يعد بحاجة الى اعادة ذات العجلة الروتينية المملة في المحتوى والقياس والمفاهيم نحن على اعتاب الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد المعرفي والذي يجب ان يواكبها ايضاً التحليل الاقتصادي الذكي ليكون اكثر دقة اكثر جاذبية اكثر فهماً، لم يعد في مقدور المتابع ان يفهم التعقيدات التي تتكون داخل التحليل بقدر ما يهمه ان يعلم كيف نحن وبماذا ومتى؟ أي ان المعلومة الاقتصادية بسيطة ومفيدة وصادقة .. وعندما تكون اجابتك بشكل بسيط ومختلف سوف يفهم المتابع المشهد جيدا.
حتى نجعل من التحليل الاقتصادي مادة سهلة الهضم لا تحتوي على طلاسم او خروج غير مبرر عن النص لابد ان نعلم جيداً ان المتابع اليوم اكثر ذكاء واكثر حفظاً في عالمنا اليوم والذي اوجد ايضا ذاكرات تقنية اخرى ستُحفظ لسنوات عبر شبكة الانترنت والأجهزة الحاسوبية، صحيح ان الأفكار الاقتصادية التشاؤمية أكثر جاذبية واكثر اهتماما ومتابعة واكثر تداولاً ولكنها وقتية قصيرة الأجل ستحظى بمتابعين مؤقتين ولكنك لن تحظى بمؤثرين او جادين او المهتمين بصناعة القرار الاقتصادي سينتهي بك الأمر في نهاية المطاف الى عدم المصداقية.
المتشائمون أوالمُذَبذَبون ممن يغيرون آراءهم او ممن يتناولون الجوانب السلبية منتشرون اليوم اكثر من أي وقت مضى والأسباب تعود في مجملها الى الانتشار الكبير لفضاء الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي او حتى بعض القنوات الفضائية لذلك التحديات الاقتصادية لا تنتج أزمات بلا حلول .. بقدر ما تنتج حلول بلا أزمات .. من هنا يعمل مسيرو الاقتصاد على فكرة مواجهة التحديات التي تنتج لهم حلول ضامنة تتجاوز في بعضها فكرة الحل الى الحل المستدام .. فالتحليل الاقتصادي الصحيح في نهاية المطاف هو مجموعة من الأدوات والمؤشرات التي تصنع الخطط نحو تحقيق الأهداف وترجمتها على ارض الواقع فليس كل من لبس عباءة الاقتصاد اقتصاديا او خبيرا بمقدوره ان يفسر الظواهر والمتغيرات على نحو من المعرفة والمهارة والخبرة وتضمينها طريقة عمل تلك النماذج وقياساتها المختلفة ، من هنا فإن التحليل الاقتصادي السليم أمر صعب للغاية لأنه يرتبط بالمعرفة والأمانة والصدق والدقة وهنا يبرز مفاهيم مهمة في الاقتصاد الأخلاقي .
مجمل القول: التحليل الاقتصادي التشاؤمي The pessimist Economic Analysis يفقدنا القدرة على التوجيه الصحيح ويخلق الإحباط نحو تحقيق الإيجابيات خاصة عندما يصبح التحليل مجرد قناعات شخصية فتصبح كالسد امام تحقيق الأهداف، الاقتصاد كبقية العلوم فيه جانب مشرق بالتفاؤل والنجاح واكتساب المعرفة والتحليل المثالي كما انه العلم الذي يتجانس مع كافة العلوم الأخرى والذي تُكسبه رونقاً من التوسع المعرفي والنتائج الممكنة بلا حدود، خرجنا بسلام من كافة الازمات وسنخرج أيضا من ازمة كورونا ومع ذلك لازال الإصرار على التحليل السلبي المتشائم مستمراً ولن يتوقف لكن الأهم هو ان التحليل الاقتصادي التفاؤلي يقول اننا امام مستقبل جديد مزدهر ومختلف عنوانه الأهم المزيد من برامج التنمية والاستثمار والأداء الفاعل بفرص جديدة وفكر جديد ستقوده التقنية أو الثورة الصناعية الرابعة تحت مكونات الاقتصاد المعرفي ومجالاته المختلفة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال