الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كانت مؤسَّسة النقد السعودي تقوم بمهام الرقابة والإشراف على البنوك وشركات التمويل وسائر الجهات التي يَرتَبِطُ عملها بالعمليات المصرفية أو النقدية.
إلاَّ أنَّ مسيرة التطوير وصولاً إلى تنفيذ رؤية 2030 تحتاج إلى جهازٍ حكوميٍّ أكثر عُمقاً من حيث المهام وأكثر تخصُّصاً من حيث تنفيذ هذه المهام.
هذا الجهاز يسمَّى: “بنك البنوك” أو “مصرف المصارف”، وهو البنك المركزي في الدولة.
تأتي تسمية البنك المركزي بالأساس بأنَّه بنك البنوك لكونه البنك الناظم والمشرف على عمل البنوك من جهة، والبنك المُموِّل لهم من جهة أخرى؛ فعلى اعتبار أنَّ البنوك هي في النهاية مؤسَّساتٍ ماليةٍ تحتاج في عملها للسيولة، فهي قد تلجأ للاقتراض من البنك المركزي بغاية تسيير أمورها، خاصَّة في أوقات الأزمات مثل تلك التي رافقت جائحة كورونا.
وبعيداً عن المسمَّيات، فإنَّ البنك المركزي السعودي الصادر رسمياً اعتباراً من 11-4-1442 هـ، سيحظى بدورٍ عميقٍ مالياً وتنظيمياً في البيئة المصرفية السعودية.
وبشكلٍ عامٍّ، فقد حدَّد نظام البنك المركزي أهدافه الأساسية فيما يلي (مادة 1):
*المحافظة على الاستقرار النقدي؛ حيث سيكون من مهام البنك دراسة التوازنات النقدية عبر قياس المطروح من العملة الوطنية بالمقارنة مع الأجنبية في ظلِّ المتغيِّرات المؤثِّرة جوهرياً على سعر العملة الوطنية، كلُّ ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار سعر النفط وغيرها من العوامل الجوهرية التي تؤثِّر في القوة الشرائية للعملة الوطنية.
*دعم استقرار القطاع المالي، وتعزيز الثقة فيه؛ وهذا ما يعني قدرة البنك المركزي على رسم سياسةٍ ماليةٍ متوازنةٍ من حيث السيولة المطروحة من البنوك وشركات التمويل في مواجهة عروض الودائع، حيث يكون على البنك المركزي اتِّخاذ ما يلزم من إجراءاتٍ متوازنةٍ حتى تبقى احتياطيات البنوك وشركات التمويل مُستقرَّةً تحت أيِّ ضغطٍ ماليٍّ وفي أصعب الأزمات التي قد تضرب القطاع المالي.
*دعم النمو الاقتصادي؛ وهو هدف استراتيجي يُساهمُ فيه البنك المركزي عبر القيام بإجراءات تحفيزٍ ماليٍّ مثل تخفيض امتيازات الودائع بغرض مواجهة اكتناز السيولة في البنوك، بمقابل تقديم إعفاءات ضريبية تُساهمُ في كبح التضخُّم وإعادة ضخِّ السيولة في مجالات الاستثمار.
وفي مقابل هذه المهام الاستراتيجية الواجبة على البنك المركزي، فإنَّ البنك يحظى بصلاحياتٍ واختصاصاتٍ واسعةٍ تُساعدهُ في تنفيذ سياسته المالية والاقتصادية مع هامشٍ كبيرٍ من المرونة.
وبغضِّ النظر عن الصلاحيات التقليدية مثل إصدار النقد، والتنظيم والرقابة على المؤسَّسات المالي كافَّة، وتنظيم صرافة العملات الأجنبية، فإنَّ نظام البنك المركزي الجديد قد أتاح للبنك ثلاثة تخصُّصاتٍ محوريةٍ، وهي (مادة 4):
*مصرف الحكومة؛ حيث إنَّ البنك المركزي سيقوم بدور خزينة السيولة الحكومية، لكن هذا لا يعني أنَّ للحكومة الاقتراض من البنك أو طلب التمويل منه (مادة 6-3).
*مصرف المصارف؛ فلا يقتصر دور البنك المركزي على التنظيم والإشراف على المصارف وشركات التمويل، بل أيضاً التمويل والإقراض بهدف إدارة سيولة هذه المؤسَّسات المالية، وذلك بقرارٍ من محافظ البنك المركزي ووفق ضوابط مجلس إدارته (مادة 6-4).
*مصرف المدفوعات الوطنية؛ وبهذا الاختصاص سيكون على البنك المركزي إدارة جميع عمليات الدفع والتسوية والمقاصَّة الوطنية، وسيكون أمام البنك المركزي في هذا الإطار تحدٍّ كبيرٍ إزاء مواكبة التطور الهائل الذي نراه في أنظمة المدفوعات الالكترونية، وما ستؤول إليه هذه المدفوعات إلى شكل العملات المشفرة، وغيرها من الأساليب الناتجة عن التقنيات التكنولوجية المتقدمة.
بهذا الشكل، فإنَّ المطلوب من البنك المركزي ليس فقط تغييرٍ يافطةٍ مكتوبٌ عليها: “مؤسَّسة النقد العربي السعودي” إلى: “البنك المركزي السعودي”، بل سيكون على هذا البنك أمام التغيير الجذري في منظومة العمل المطلوبة منه سواءً على صعيد رسم السياسات المالية والنقدية أم على مستوى التنفيذ والرقابة على تحقيق هذه السياسات على أرض الواقع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال