3666 144 055
[email protected]
شدني مقال للكاتب الرائع الأستاذ مشعل السديري في جريدة الشرق الأوسط بعنوان “ليس بالبترول وحده يحيا الإنسان” يوم الأحد 25 شوال 1442. اخذني هذا المقال الى جهة أخرى وهي الجدليات البيزنطية والصراعات والنزاعات الفكرية حول السعودية حيث ان كثير من الحاقدين يلمِز بأن السعودية ولا شيء بدون البترول وأن لولا البترول لما وصلت لِما وصلت إليه السعودية.
أقول لك أن هذا الكلام غير صحيح وعارٍ من الصحة وأنتم تخدعون أنفسكم ومن يستمع لكم. البترول ليس الأساس بالعملية وإنما هو عامل من عدة عوامل والشواهد كثيرة من حولنا. العراق ونيجيريا وفنزويلا وليبيا وغيرها من البلدان التي تمتلك البترول حيث أن البترول عندهم أفضل وأنقى وأصفى وأقل تكلفة من البترول لدى السعودية، لكن السؤال أين وصلوا بالتنمية ورفاهية مواطنيهم؟ ومؤشر التنافسية العالمية هو المعيار بيننا؟.
البترول قد يكون سلاح ذو حدين وعلى حسب استخدام الدولة له واتخاذ القرارات الإيجابية أو السلبية حيث يوجد بالسعودية قيادة سياسية حكيمة منذ التأسيس، اتخذت سياسات وبرامج تلائم البلد وفي جميع المجالات وقطاعات الدولة مثل التعليم والصحة والنقل والمواصلات والزراعة وعمليات الإنشاء والتطوير سواء اقتصادية أو تعليمية أو تنموية وغيرها. السعودية اتخذت القرارات الإيجابية وعلى حسب كل مرحلة وتحدياتها منذ ظهور البترول في الثلاثينات الميلادية من عهد الملك المؤسس طيب الله ثراه إلى اليوم تحت قيادة خادم الحرمين الملك سلمان وولي العهد الأمين الأمير محمد وذلك لمصلحة البلد وللشعب الواعي والمدرك لما يجري حوله. وأيضًا لمصلحة البلد في تطوير جميع المجالات وخاصة البنية التحتية والارتقاء بالنقل والإسكان والصحة والتعليم وكذلك الحد من الفساد. هذا ينعكس اليوم على السعودية والشواهد كثيرة حيث أن الاقتصاد السعودي الآن من ضمن أقوى اقتصادات كبار الدول بالعالم وعملت على تنويع القاعدة الاقتصادية وركزت على الطاقة والصناعة والسياحة وتقنية المعلومات وغيرها برغم التحديات الاقتصادية بالعالم حيث أحرزت مثلًا الميزانية للمملكة لعام 2011 فائضًا قدره 306 مليار دولار حيث كان عام 2011 يعتبر الأسوأ اقتصاديًا على المستوى العالمي.
رؤية المملكة تعتمد على ثلاث محاور رئيسية وهي 1) مجتمع حيوي 2) اقتصاد مزدهر 3) وطن طموح. توجه السعودية الان إلى عدم الاعتماد على النفط كليًا ومن ضمن رؤية 2030 وهو نمو الموارد غير النفطية حيث وصل الآن إلى ما يقارب الـ 62% وهناك سعي للاستفادة من ثروات المملكة وخاماتها (الغير نفطية) وبالمقابل هناك دول نفطية تعتمد على النفط فقط بالمقام الأول. الأهم من التخطيط وطرح رؤية معينة لتطوير أي بلد هو متابعة التنفيذ على أرض الواقع بمؤشرات قياس أداء محددة لضمان تطبيق البرامج والمشروعات وفي إطار زمني محدد وشفافية وكفاءة و حوكمة عالية بحيث ينعكس ذلك على البلد والمواطن وهذا ما نراه اليوم في جميع المؤسسات والهيئات والقطاعات الحكومية.
لا ننسى أن المملكة العربية السعودية لم تنغلق على نفسها مثل بعض الآخرين واستفادت من عائداتها النفطية على مر السنوات بالقيام بالمساعدات سواء المالية او العينية والتي وصلت الى بقاع الأرض بتنوعها العرقي والديني والثقافي كمساهمة لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لدى دول أخرى وأستطيع أن أجزم؛ أنها ساهمت في جميع دول العالم. من خلال دعم التنمية والمساعدات والتي وصلت للشعوب والحكومات العربية والإسلامية والدول الافريقية والاسيوية والاوروبية وغيرها من الدول سواء عن طريق القروض أو البرامج التنموية أو برامج الإغاثة أو العمل الخيري أو الأمن الغذائي وغيرها من المساعدات. امثلة بسيطة على المساعدات السعودية لا الحصر خلال السنوات الماضية، قدرت المعونات السعودية المالية للسلطة الفلسطينية 6.1 مليار دولار (من 1994 الى 2011م)، وخلال منظمة المؤتمر الإسلامي عملت المملكة على إنشاء الأجهزة ومن أهمها البنك الإسلامي (المساعدات من 1975 الى عام 1987م) بلغت 48 مليار دولار وبرغم تراجع عائدات النفط لبعض الفترات. وأيضا تقديم صندوق السعودي للتنمية القروض التنموية مثلًا لعام 2011 حيث بلغ 962577 مليون دولار للمساهمة في تمويل 494 مشروعا وبرنامجا إنمائيًا في 80 دولة عالمية وغيرها من دعم لمشاريع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. أيضًا في عام 2007 تم منح بنغلاديش 158 مليون دولار لأغراض إنسانية، وبلغت المساعدات الإنسانية والتنموية بين 1975 وحتى 2005 أكثر من 90 مليار دولار أي نسبة 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي GDP للسعودية.
غير أن السعودية تقوم بدعم وتمويل العديد من صناديق التنمية الإقليمية الرئيسية وهي 27% من ميزانية البنك الإسلامي للتنمية و15% من صندوق النقد العربي و30% من صندوق الأوبك للتنمية الدولية و25% من البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا وغيرها. والكثير من الشواهد والأمثلة للدول المستفيدة حيث لا يتسع المقال لذكرها لكن المملكة لا تلتفت الى المحبطين وتستجيب وتقوم بدورها الفعال والقيادي في العالم وخاصة الإسلامي والعربي والخليجي. وبالمقابل هناك دول دخلها ومقدرات الثروة في بلدها يفوق السعودية لكن لا يوجد هناك دعم ومساهمات أو حتى مساعدات للدول والمنظمات الأخرى أو حتى التركيز على تنمية بلدها ورفاهية شعبها بل يوجد هناك فساد وتخلف ورجعية ونزاعات.
أخيرًا، الذي يميز السعودية حكومة وشعبا هو أنه قابل للتغيير إلى الأفضل وانه منفتح على تجارب الآخرين والأخذ بالتجارب الدولية والذين سبقونا بالنجاح (سواء الأجنبية أو العربية) والتي تناسب وضع وسياسة وجغرافية المملكة العربية السعودية متجهة في ذلك إلى التقليل من الاعتماد على النفط والمؤشرات كثيرة ويصعب ذكرها لكن الأكيد هو أن المملكة ماضية لتحقيق إنجازات وتحولات ايجابية تنعكس على المواطن والمقيم ونلمسها اليوم خلال عام 2020 وهي المرحلة الأولى الممتدة ل 2023 في جزء منها وصولًا لتطبيق رؤية 2030. ولا ننسى ان هناك تحديات وصعوبات واجهت المملكة عند التطبيق لكن المملكة مستمرة إن شاء الله بالتطوير لما بعد رؤية 2030 وهي رؤية 2040 حيث أن العمل والتطوير مستمر وسوف يتم الإعلان في حينه عن رؤية 2040 وأهم أهدافه والخطة التي سوف نسير من خلالها لمدة 10 سنوات إن شاء الله. عاشت بلادي المملكة العربية السعودية وحفظ الله الملك وولي العهد الأمين ووطني من كل سوء.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734