الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بدأ واضحا أن جائحة كورونا، مثلما ستفرض تغييرات اجتماعية واقتصادية بعدما تغادر، في كثير من النواحي من نظم العمل غير الميدانية والتحول للعمل الرقمي وعن بعد ومن المنزل، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا في التواصل الاجتماعي مع زيادة الطلب لتوظيف عاملين وموظفين عبر الإنترنت، وعمالة أجنبية تعمل من دول خارجية تتميز بانخفاض رواتبها.
فالسعودية تنبهت مبكرا منذ العام الماضي حينما اجتاحت الجائحة كل دول العالم، وتعاملت باحترافية عالية لمنع انتشار الفايروس، وفي السنة الأولى اضطرت الى وقف الصلوات في الحرمين الشريفين وأيضا شعائر العمرة والحج لحين تضع بروتوكولات تضمن سلامة رواد الحرمين وحماية حجاجها، ووجد قرارها باقتصار الحج على حجاج الداخل من المواطنين والمقيمين وبعدد محدود، ترحيبا عالميا وتفهما للظرف الطارئ.
هذا العام تحولت السعودية بالكامل الى الحج الرقمي، وهو الأمر الذي ابهر الكثير من الدول، ورغم أن حج هذا العام العدد المسموح لإداء فريضة الحج لا يزيد عن 60 الف حاج، فإن إجراءات التسجيل والحجوزات وترتيبات النقل وكافة البيانات جميعها تمت من خلال التطبيقات الذكية، لم يتحمل الحجاج مشقة التنقل والذهاب الى المكاتب للتفاوض مع مؤسسات الطوافة أو اختيار مخيماتهم، ولا حتى نوع الأطعمة التي سيتناولونها خلال إقامتهم في المشاعر المقدسة، كل ترتيبات الحج هذا العام من البداية وحتى النهاية تمت بضغطة زر من خلال تطبيقات الحج.
ليس هذا فحسب بل أن جميع الجهات الخدمية التي تتواجد في منافذ وطرقات الحج، لن تطلب من الحاج الوقوف في صفوف طويلة لإنهاء إجراءات الكشف الطبي أو التثبت من هوياتهم.
جميع الحجاج انهوا حجوزات الحج عن طريق الإنترنت وتقدم أكثر من 500 ألف شخص لإداء الفريضة بعدما أكملوا تعبئة البيانات والاستمارات الخاصة بالحج، وقدموا تفاصيل عن أوضاعهم الصحية، واختاروا أحد الباقات التي طرحتها وزارة الحج والعمرة بالنسبة لأسعار خيام الحج للشخص الواحد من 12 و14 و16 ألف ريال، وهذا أنقذ الحجاج من الحملات الوهمية التي كانوا يتعرضون للنصب والاحتيال في السابق، وأيضا تنصل البعض منهم من تقديم الخدمة بالمعايير المطلوبة.
وبعد فحص إلكتروني للطلبات وتطابق الشروط تم اختيار 60 ألف شخص لإداء فريضة الحج من المواطنين والمقيمين من داخل المملكة ويمثلون 120 جنسية. وهذا الرقم مقارنة عما كان عليه في السابق اقل بكثير يمثل فقط 10 في المائة، وتراجعت الإيرادات بشكل لافت بنسبة 90 و95 في المائة، حيث كانت عائدات الحج تقدر بـ 12 مليار دولار، تتوزع بين قطاع الخدمات والنقل والفندقة والمطاعم ومؤسسات الطوافة
وزارة الحج والعمرة قالت انه سيتم هذا العام استخدام بطاقة الحج الذكية لكافة الحجاج والعاملين والتي ترتبط بكافة الخدمات المقدمة، مثل؛ دخول المخيمات، واستخدام وسائل النقل، والدخول للفنادق، وإرشاد الحجاج التائهين.
في جانب الإسكان والإعاشة أكدت وزارة الحج والعمرة أنه تمت مراعاة أقصى درجات السلامة والمأمونية لضمان صحة وسلامة الحجيج حيث سيتم تقديم الوجبات مسبقة التحضير في حج هذا العام والتي تحقق أعلى معايير الجودة والأمن الغذائي.
ويتم هذا العام ولأول مرة تفعيل منظمة التقنية الإلكترونية في مختلف أعمال الحج، كتطبيق بطاقة الحج الذكية “شعائر” التي تسهم في التحكم في دخول الحجاج للمخيمات في المشاعر المقدسة وللمرافق المتعددة وتفويجهم إلى منشأة الجمرات، وإرشاد الحجاج التائهين ومعرفة أوقات التجمع ومواعيد المغادرة بالإضافة إلى خدمات البرامج والتفويج والنقل وغيرها من الخدمات التي تمكن للحجاج تأدية مناسكهم بكل يسرٍ وسهولة.
كما تتضمن حملة التوعية بالتقنية الإلكترونية أهمية فوائد البطاقة الموحدة لكافة الحجاج والتي تحتوي على معلوماتهم الشخصية والطبية والسكنية، حيث تسهم كافة هذه الأدوات التقنية في تنظيم عملية الحج، بدءًا من إصدار تصريح الحج وإدارة دخول حجاج بيت الله الحرام إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وأدائهم لمناسك الحج بالإضافة إلى إرشاد الحجاج وتنظيمهم في مخيمات المشاعر المقدسة ووقفة عرفات ورمي الجمرات وطواف الإفاضة وغيرها من نسك الحج.
لتعزيز العمل الرقمي والإلكتروني هذا العام تعمل وكالة الترجمة والشؤون التقنية بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام، بكامل طاقتها البشرية والتقنية لتقديم جميع الجهود لإنجاح موسم الحج ، ومنها تطبيق “معتمرون” الذي يهدف إلى توضيح وتسهيل آلية دخول المصلين والمعتمرين بطريقة التباعد والتفويج المنتظم والآمن، ويقدم عددا من الخدمات الخاصة. كما يوفر عددا من الخدمات منها الوصول إلى نقاط التجمع والمسارات، وتعريف مواقع المصليات، والوصول إلى مواقع الخدمات من دورات المياه – التوجيه والإرشاد – عربات لكبار السن وذوي الإعاقة، وحجز زيارة معرض الحرم وزيارة مصنع الكسوة، ودليل صفة العمرة والأدعية المأثورة، وتقييم الخدمات، ورفع بلاغات.
ويختص تطبيق “تنقل “بخدمة ضيوف الرحمن بأحدث الطرق التقنية المواكِبة والموافِقة لرؤية 2030، إذ جرى إطلاق تطبيق “تنقل “الذي يسهل عملية شراء التذاكر والحجز المسبق لخدمة العربات الكهربائية لتقليل التزاحم عند نقاط البيع والتسليم، ما يحقق التباعد الآمن بين قاصدي بيت الله من المعتمرين والزوار. وتتيح الخدمة المقدمة من مركز العمليات للزائر تقديم بلاغ للرئاسة في أي إشكالية تحصل له، سواء كانت عامة في إحدى ساحات الحرم، أو داخله، أو كانت إلكترونية تتعلق بإحدى الخدمات المقدمة فيه كما يتيح برنامج إرشاد خدمة تتيح للزائر عن طريق الموقع الاطلاع على الإرشادات الخاصة بالحج والعمرة خطوة بخطوة.
حج هذا العام بصورته الحالية يعد نموذجا رائعا يحسب للحكومة السعودية التي كانت ولا تزال تضع الحج وخدمة ضيوف الرحمن في أولى اهتماماتها، وتبذل الغالي والنفيس لتطوير الخدمات بما يمكنهم من أداء الفريضة بكل يسر وسهولة، والعام المقبل حينما تسمح السعودية بقدوم الحجاج من الخارج، بالتأكيد لن تتنازل عن تطبيق المعايير العالية التي تحفظ سلامة الحجاج. وربما نجد المزيد من التطوير والتسهيل. كما حصل هذا العام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال