3666 144 055
[email protected]
أدعو جميع القراء الأعزاء قبل أن أبدأ بالتروي وحسن الظن في عنوان هذه المقالة وأوكد لكم بأننا في حال سلم ولسنا حال حرب –ولله الحمد – وخطوط الدفاع الثلاثة الذي أقصده هو عبارة عن نموذج ممنهج تبناه معهد المدققين العالمي IIA في عام 2013 بعد تطويرهم لنموذج تم بناءه من قبل اتحاد إدارة المخاطر الأوروبية FERMA واتحاد معاهد المدققين الداخلين الأوربي ECIIA في مطلع هذه الألفية. خطوط الدفاع معقدة لمن عقدها وسهلة لمن سهلها وسأسلها لكم اليوم إن شاء الله.
بكل بساطة فإن النموذج يخبرنا بتواجد ثلاثة خطوط دفاع في كل منظمة سواء كانت ربحية أو غير ربحية أو حتى حكومية ويتم توزيع الإدارات ووحدات العمل بين تلك الخطوط الثلاث. فخط الدفاع الأول عبارة عن الإدارات التنفيذية في المنظمة سواء كانت إدارات تشغيلية مثل إدارات الإنتاج والصيانة أو إدارات خدماتية مثل إدارة الموارد البشرية وتقنية المعلومات. والمطلوب من إدارات خط الدفاع الأول هو إيجاد آليات رقابة ذاتية داخل إداراتهم من أجل متابعة الأعمال التنفيذية اليومية ومن أبسط آليات الرقابة التي أقصدها هي KPI ومعناها مؤشرات قياس الأداء والمساعدة في معرفة ما تم إنجازه بشكل دوري قد يصل الى مستوى أداء يومي. أما خط الدفاع الثاني فيقصد بها الإدارات المساعدة في وضع آليات الرقابة لخط الدفاع الأول ومن ثم فحص وقياس أداء المحقق والغير محقق في خط الدفاع الأول ورفع التقارير للإدارة التنفيذية في المنظمة مثل المدير التنفيذي الرئيسي في الشركة أو وكلاء الوزارة في الوزارات. ومن أشهر تلك الإدارات الموجودة في خط الدفاع الثاني هي إدارة المخاطر وإدارة الالتزام وإدارة الجودة. وأخر خطوط الدفاع الثلاثة هو خط المراجعة الداخلية باستقلاليته التامة عن الإدارة التنفيذية في المنظمة.
ولإدارة المراجعة الداخلية في المنظمة مهمتين هامتين لا تستطيع أي من خطوط الدفاع الأخرى القيام بها وأولها رفع التقارير بعد إجراء عمليات الفحص على جميع خطوط الدفاع الأخرى للمشرعين في المنظمة مثل مجلس الإدارة في الشركات والوزير في الوزارات ومصداقية تلكم التقارير ترتقي الى درجة الكمال بسبب استقلالية إدارة المراجعة الداخلية عن الإدارة التنفيذية كما ذكرنا سابقاً. أما المهمة الثانية والتي قد تكون أصعب هي وجوب تعاونها مع الجهات الرقابية الخارجية والتفاعل ومن ثم تلبية احتياجاتها مثل الديوان العام للمحاسبة و”نزاهة” والتحدي الأصعب في هذه المهمة هي عدم تجاوز الجهات الرقابية لخط الدفاع الثالث ووصولهم لخط الدفاع الثاني أو الأول وفي حالة إن حصل لا سمح الله فيجب عندها فقط معالجة تلك المعضلة التي تواجهها المنظمة. وملخص القول أن خطوط الدفاع الثلاثة عبارة عن تنظيم ورفع كفاءة العلاقة بين الإدارات التنفيذية والإدارات الرقابية.
قد يخطر في بال القارئ المثقف أسئلة مبهمة ومنها: حسناً، وأين إدارة الحوكمة من هذه المعمعة؟ وما هو دور المشرع سواء كان مجلس الإدارة في الشركات أو الوزير في الوزارات من هذا الفن التكتيكي؟ والجواب: إن الحوكمة ليست نشاط أو عمل بل هو مبدأ وأنه يجب على المشرع التمسك بهذا المبدأ. أكتفي اليوم ولي مقالة ثانية إن شاء الله عن الجملة الأخيرة.
وتحياتي،
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734