3666 144 055
[email protected]
بعد انتهاء الدراسة الجامعية، وبدء الدخول لسوق العمل، يتفاجأ الكثير من أبناء وبنات الوطن من التوقعات لدى أصحاب العمل ويجدون حيزا من الفراغ بين ما درسوه وما هو مطلوب اجادته فعليا من مهارات هامة للتميز في وظائفهم. وحسب العديد من الدراسات في منطقة الشرق الأوسط، فإن أكثر من 6 من بين كل 10 أصحاب عمل، وأكثر من 5 من 10 باحثين عن عمل يجدون أن هناك فجوة في المهارات المطلوبة قبل وبعد التخرج. وقد يأخذ تعلم واكتساب تلك المهارات سنوات عدة قبل استيعابها وإتقانها بشكل كامل، وقد يؤثر ذلك سلبا على معدلات الانتاجية والاستقرار الوظيفي والارباح والناتج المحلي الاجمالي.
والمقترح في هذا المقال هو وجود دورات تدريبية، من الضروري اجتيازها بعد التخرج، وتكون شرطا قبل التقديم على سوق العمل، وذلك من أجل تطوير المهارات الناعمة الضرورية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وبالرغم من ان متطلبات كل وظيفة تختلف باختلاف نوع الوظيفة نفسها وتنوع مجالات عمل المؤسسات، إلا أنه يوجد مهارات ناعمة عديدة مشتركة يبحث عنها معظم أصحاب العمل في مختلف القطاعات، فما هي تلك المهارات الهامة، والمقترح اكتسابها في مرحلة مبكرة قبل بدء العمل، من قبل ابناء وبنات الوطن..؟
المهارة الأساسية الاولى هي “فن التواصل”، فهل سبق لك أن دخلت محل تجاري ووجدت نوعا من عدم اللباقة في التعامل أو الحديث من أحد موظفيه مما دفعك إلى عدم اتمام الشراء..؟ او كمثال اخر، هل سبق ان حضرت اجتماع عمل مع أفراد من شركات اخرى ولم تجد الإجابات التي تبحث عنها، من خلال عدم لباقة المتحدثين أو استخدامهم لصيغ جمل غير مباشرة او عرضهم للمعلومات المطروحة بشكل غير جذاب او مهني، ومن ثم تراجعت عن اتمام التعاقد والشراكة معهم..؟ حين تتكرر تلك المواقف، لنا ان نتخيل مدى الخسارة التي يواجهها البعض ماديا واقتصاديا. ومن أجل امتلاك مهارات التواصل بفعالية، يجب التواصل شفهياً باستخدام لغة واضحة صحيحة فيها درجة عالية من الثقة والمهنية، دون ثرثرة، وكذلك اتقان لغة الجسد وتعابير الوجه والحفاظ على الابتسامة والبشاشة، خلال جميع المعاملات بما فيها المواقف الصعبة. ومن جهة اخرى، يُعد التواصل “كتابيا” من المهارات الضرورية، وباكثر من لغة، وتوجد العديد من الدورات التدريبية الإلكترونية التي تساعد على تطوير مهارات التواصل من خلال الكتابة، مثل دورة Business Writing Certification وغيرها من الدورات ذات الصلة.
والمهارة الاساسية الثانية هي “العمل ضمن فريق”، وهذه المهارة عادة ما تكون سؤالا خلال العديد من مقابلات التوظيف، لأن أصحاب العمل يهتمون بتوظيف من يملك روح العمل ضمن فريق، وكذلك وجود القدرة والرغبة في العمل ضمن فريق، حتى وإن كان التعامل مع الزملاء في العمل صعباً أحياناً. وحسب الدراسات، فإن اكتساب تلك المهارة يُظهر نسبة المرونة والتفاني في العمل، ويقود إلى تحسين الإنتاجية ونمو العمالة والتنمية.
أما المهارة الثالثة فهي “التفكير التحليلي” للمرئيات والبيانات وكذلك “المهارات البحثية من خلال استخدام التقنية” للتوصل إلى معلومات او اجابات او نتائج محددة لبعض الاستفسارات في مجالات العمل، من المصادر المتوفرة المختلفة. وتوجد العديد من الدورات مثل دورات Critical Thinking و Analytical Skills لاكتساب هذه المهارات. ومن الجدير بالذكر، انه من التحول الرقمي تماشيا مع رؤية 2030، أصبحت الثقافة التقنية والعمل من خلال الأجهزة والبرامج والانظمة الرقمية مطلبا هاما في مجالات العمل المختلفة.
والمهارة الرابعة هي “الشغف تجاه العمل” وهذه المهارة هي ما قد ذكره ولي العهد محمد بن سلمان كأحد المكونات الاساسية للنجاح والتميز. فمن خلالها، يتم انجاز المهام التي تقود إلى الانتاجية وجودة العمل حتى اذا كانت الضرورة تتطلب انجاز مهام اضافية لا علاقة لها بالعمل اليومي. وكذلك من خلال تلك المهارة، يتم التخطيط المتقن للعمل وتطوير الذات وإدارة الوقت بفاعلية، من اجل تحقيق الاهداف المطلوبة للمنشأة بنجاح، وهذه الانجازات في إجراءات العمل اليومية هي ما تُعرف مفهوم الشغف في العمل.
وأخيراً وليس اخراً، فإذا ما تم التخطيط المحلي لبناء استراتيجية وخارطة طريق لطرق اكتساب وتطوير هذه المهارات الناعمة والقيادية لأبناء وبنات الوطن “بشكل أساسي قبل بدء المشاركة في سوق العمل”، فسوف تتمكن المملكة من الاستمرار في الحصول على أجيال مميزة قادرة على مواصلة ركب التقدم والنمو الاقتصادي المستدام بكفاءة وفعالية، كما أنها ضرورة لنجاح رواد الأعمال في المجال الاقتصادي، وبالتالي تكون النتيجة هي دعم ازدهار الاقتصاد المحلي وتدفق الاستثمارات والتنمية المستدامة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734