الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كل الأرقام التي وردت في بيان إعلان موازنة السعودية لعام 2022 ملفتة، وتستحق التوقف عندها، خاصة وأنها جاءت بعد عام خاضته الحكومة باحترافية عالية وواجهت فيها أشد الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت على العالم، وقادت حربا شرسة ضد الفايروس، وتمكنت من بسط سيطرتها على الجائحة بوضع بروتوكولات وتشديد الإجراءات الاحترازية.
من اهم الأخبار في أرقام الميزانية وهو أن السعودية تتوقع أن تحقق فائض يقدر بـ 90 مليار ريال بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي وذلك للمرة الأولى منذ 2013، بالطبع كنا نتوقع أن يتم تأجيل إعلان الفائض على الأقل عامين مقبلين، مع الوضع الاقتصادي العالمي الذي لا يزال متأثرا من الجائحة خاصة مع ظهور المتحور الجديد اوميكرون وأيضا تذبذب أسعار النفط، والأحوال الاقتصادية العالمية التي لا تزال غير مطمئنة، إلا أن التحدي الذي قبلته وفرضته الحكومة السعودية على نفسها، أن تسير وفق المنهج الذي وضعته ولن تحيد عنه مهما كان السبب، هو السبب الأوحد في أن تواجه الصعاب والمشاكل الاقتصادية بكل احتراف.
الفائض المتوقع في عام 2022، يأتي مع توقعات ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية، ما يعني انه يجب أن يصل سعر الخام 80 دولار للبرميل، حتى تستطيع أن تحقق فائض قدره 90 مليار ريال.
والملاحظ أن الحكومة السعودية خلال العامين الماضيين اكتسبت مهارة عالية لإدارتها ازمة جائحة كورونا، حتى أنها استطاعت أن توازن ما بين الإنفاق المالي والحفاظ على صحة مواطنيها والمقيمين على ارضها، وأيضا سلامة القطاع الاقتصادي من الانهيار بعد توقف خطوط الإمداد والإنتاج، وساندت المتعطلين عن العمل، ودعمت المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتوقعت الكثير من المصادر الغربية أن تخرج هذا العام السعودية كعادتها العامين الماضين محملة بالخسائر وتوقف المشروعات وعدم اكتمالها، وربما تغير من خارطة طريق رؤيتها التي أعدته لـ 2030.
إلا ان إعلان الميزانية السعودية جاء مفاجئا لكل المتربصين بها، حيث قدر الإيرادات ترليون و450 مليار، و955 مليار ريال متوقع حجم الإنفاق. حتى عام 2024 يتوقع أن يصل فائض السعودية من الميزانية نحو 160 مليار 90 مليار ريال العام المقبل يليها 27 مليار ريال في 2023 و 42 مليار في 2024، مع إبقاء الدين العام الى نفس المستويات وهي 938 مليار حتى عام 2024. كما أن معدلات نمو الاقتصاد السعودي في السنوات المقبلة يتوقع تصل 4.8 في المائة وهي تقترب مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين والتي يتوقع نمو 5.2%.
وينتظر أن يقود قطاع البتروكيماويات والنقل التعافي الاقتصادي العالمي خلال عام 2022، حيث يتوقع أن ينمو الطلب على النفط الى اكثر من 100 مليون برميل يوميا مع استمرار الإجراءات الاحترازية لجائحة كورونا، وارتفاع معدلات المستفيدين من اللقاحات، ولعل من اهم أسباب تعافي الاقتصاد السعودي هو سرعة ارتفاع نسب التحصين الى تخفيف المزيد من الإجراءات الاحترازية بالإضافة الى السماح بالعودة الحضورية بشكل جزئي لقطاع التعليم مما انعكس إيجابا على مستويات الاستهلاك، بينما سجلت مؤشرات الاستهلاك الرئيسية معدلات نمو إيجابية ، حيث سجلت مبيعات نقاط البيع والتجارة الإلكترونية نموا منذ بداية العام 94 في المائة، وفي المقابل تراجع السحوبات النقدية بنحو 7 في المائة، ويعزي سبب ذلك الى تغير طبيعة سلوك الاستهلاك من النقد المتداول الى وسائل الدفع الإلكتروني.
ويؤكد عودة السعودية بقوة بعد جائحة كورونا هو أنها استطاعت العودة إلــى مســتويات الاســتثمار الأجنبــي المباشــر لمــا قبــل الجائحــة، وقــد ســاهم فــي ذلــك الإصلاحــات الاقتصاديــة والأنظمــة الجديــدة مـن أبرزهـا تقليـص مـدة البـدء بالنشـاط التجاري إلـى 30 دقيقـة بعـد أن كانـت تصـل إلـى 15 يومـا، وكذلـك تمكيـن المسـتثمر الأجنبـي مـن الوصـول مباشـرة إلـى السـوق الماليــة الســعودية عــن طريــق “برنامج المســتثمر الأجنبــي المؤهــل” الــذي تقدمــه شــركة تــداول ضمــن برامجهــا لتطويــر القطــاع المالــي فــي الســعودية، وتشـير البيانـات إلـى ارتفـاع رصيـد الاسـتثمار الأجنبـي المباشـر بنحو 59 مليار في 2021 وساهم في ذلك اطلاق الاسـتراتيجية الوطنيـة للاستثمار التي تهـدف إلـى رفـع صافـي تدفقـات الاسـتثمار الأجنبـي المباشـر إلـى 388 مليار سنويا بحلول 2030.
كمــا أطلــق صنــدوق الاســتثمارات العامــة مشــروع ذا ريج الوجهة السياحية الأولى الســياحية الأولــى مــن نوعهــا فــي العالــم التــي تســتمد مفهومهــا مــن منصــات النفــط البحريــة، والــذي يعــد أحــدث مشــاريع الصنــدوق فــي مجــال الســياحة والترفيـه،
المراقب للميزانية السعودية يلاحظ نمو الإيرادات الغير نفطية من 71 مليار عام 2010 الى 372 مليار في 2021 وبدأت تقترب من معدلات إيرادات السعودية من النفط والتي تزيد عن 500 مليار ريال.
ومن اهم العوامل التي ساعدت في ضبط الإنفاق، وهو الإصلاحات الداعمـة لتطويــر إدارة الماليــة العامــة، وذلــك بالتزامــن مــع تحقيــق الانضبــاط المالــي وتعزيز كفاءة الإنفـاق للمحافظـة علـى الأسـقف المعتمـدة للنفقـات المعلنـة مسـبقا. ومن الملفت أن الإيرادات المتوقعة من الضرائب وإيرادات الدخل والأرباح والضرائب على التجارة والمعاملات الدولية والضرائب الأخرى منها الزكاة سوف تقدر الإيرادات 566 مليار ريال في 2022 ويقدر أن تبلغ الإيرادات الأخرى والتي تشمل الإيرادات النفطية والأرباح من استثمارات الحكومة، ومبيعات السلع والخدمات، إضافة إلى الجزاءات والغرامات، نحو 763 مليار ريال بارتفاع نسبته 20 في المائة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال