الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تنبه: هذه المقالة تناقش فلسفة الحوكمة وقد يجد من يجد صعوبة في استيعابها، لذا أنصح بقراءتها أكثر من مرة حتى يستطيع من يستطيع أن يصل إلى جوهر الحوكمة.
تحتاج الخيمة الى ركيزة أساسية حتى تقوم في مقامها ويحتاج المنزل إلى حجز الزاوية حتى يحافظ على كيانه وتحتاج الأبراج العالية الى أسس قوية حتى تتمكن من ملامسة أطراف السحاب وتحتاج الحوكمة الى الضوابط التي تدعمها لتحقيق أهدافها في أي منظمة. وتلكم الضوابط –يا سيدات وسادة – يجب أن تُبنى وتُطور بعيداً عن الأهواء والآراء المحتكرة وأقصد هنا السبب الأول في فشل معظم أنظمة الحوكمة في عالمنا العربي وهو “الإرادة السياسية”. والسبب الثاني من باب الفائدة هي “البعد التخصصي” حيث استطاع رويبضة علم الإدارة التحدث عن الحوكمة من منظورهم الضيق المحدود. في الأجزاء التالية من هذه المقالة سأستعرض للقراء الأعزاء الأفاضل أنواع الضوابط الرئيسية في أي منظمة والتي تحتاج الى حوكمة.
الضوابط التشريعية، وليس القصد به هنا التشريع نفسه ولكن القصد هو تنظيم التشريع بوضع ضوابط مُعِينة ومساعدة لرفع جودة التشريعات. أهمية هذا الضابط يستطيع أي شخص الوصول الى تفاصيل مؤشر جودة التشريعات الصادر من البنك الدولي في عام 1996م باسم مؤشرات الحوكمة العالمية. وقد يجد كثير من المشرعين على مستوى دول العالم صعوبة في مشاركة جميع أطياف وطوائف شعوبها بعكس الشريعة الإسلامية التي استطاعت وبسهولة في معالجة هذه المشكلة عن طريق مجالس أهل العقد والحل ومجالس الشورى والتي قد يأتي اليوم القريب الذي سنتحدث عنه إن شاء الله.
الضوابط التنفيذية، وهذه من أسهل أنواع الضوابط الثلاثة في مقالة اليوم وأكثرها وفرة وشهرة. وَتُعنَى هذه الضوابط بآلية تنفيذ العمليات التنفيذية التشغيلية بشقيه العمليات الإنتاجية والعمليات الخدماتية. ومن أشهر الأمثلة وأكثرها شيوعاً هي ضوابط منظمة المعايير الدولية أو ما يطلق عليها ISO حيث استطاعت هذه المنظمة إصدار 24,128 معيار يشمل جميع الجوانب الإدارية والتشغيلية والصناعية من خلال 802 لجنة فنية تتكون من الآلاف من العلماء والمتخصصين والخبراء ويقود اللجان جميعها ممثلين من معظم دول العالم وعددهم 165 ممثل.
الضوابط الرقابية والتي تعتبر ثاني أصعب أنواع الضوابط ولكن أهمها وأكثرها تأثيراً. فالضوابط الرقابية تساعد وبشكل مباشر في التأكد من الالتزام بالضوابط التشريعية والضوابط التنفيذية ثم قياس مدى خطورة الالتزام أو عدم الالتزام بهذه الضوابط. وأشهر وأفخم وأكثرها شمولاً هي ضوابط معهد المراجعين الداخليين الموجود في فلورديا – الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن إذا قارنا بين الضوابط الرقابية بين الأنظمة العالمية مثل الأنظمة الديمقراطية والشيوعية وحتى الدكتاتورية، فسنجد أن النظام الإسلامي هو النظام الوسط والذي أقام العدل بعينه بينهم وذلك من خلال تقسيم الرقابية الى رقابة ذاتية مبنية على وجود الجنة للمحسن والنار للفاسد ثم الرقابة المجتمعية من خلال الإبلاغ عن الفاسد ثم الرقابة التنظيمية من خلال نظام الحسبة والذي يمكن تفصيله في خمسة أو ستة مقالات على الأقل.
لكل علم من علوم الدنيا فلسفة ومبادئ وأدوات، وقد حاولت هذه المقالة أن تستقي بدلوِ من محيط فلسفة الحوكمة بعد أن شرب الجميع من مبادئ الحوكمة واستخدموا أدواتها. قد تأتي لاحقاً جولات فلسفية في الحوكمة والله الموفق.
وتحياتي،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال