الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المتقرر أنه يقع على عاتق الأخصائيين الطبيين واجب العناية بالمرأة الحامل وبطفلها عند الولادة، والتأكد من سلامتهما. إلا أنه – وللأسف – تحدث إصابات أثناء وقبل وبعد الولادة بسبب إهمال طبي ما حيث تقع الأخطاء أثناء المخاض وقد تسبقها أثناء الحمل وقد تمتد إلى ما بعد الولادة في حال لم تتلق الأمُّ رعاية كافية مما يعني مزيداً من المضاعفات. سنستعرض في هذا المقال ومقالات تالية بعض الحالات في الداخل والخارج بأنواع مختلفة من الأخطاء، وكيف تعامل معها القضاء أو ما دونه.
الحالة الأولى: كانت في لندن في أواخر عام 2013، حيث أُدخلت امرأة حامل مستشفى (Homerton University Hospital) لتحفيز عملية ولادة طبيعية؛ لأنها لم تدخل في المخاض تلقائياً عند موعد الولادة المقرر. وبعد إعطاء دواء Syntocinon (لتحفيز عملية الولادة عن طريق زيادة تقلصات الرحم) لوحظ تباطؤ في معدل ضربات قلب الجنين؛ لذلك تقرر استخدام الفنتوس ( أو الجفت، جهاز يستخدم لسحب الجنين من قناة الولادة) للمساعدة في تسريع الولادة. وبعد محاولة استخدامه، استُعيض عنه بالملقط (جهاز يُستخدم أيضاً لسحب الجنين من قناة الولادة) وتمت الولادة طبيعياً إلا أنه قد صاحب ذلك تمزق في منطقة العِجان. ورغم الخياطة إلا أن الأم اشتكت من تورم شديد في المنطقة، بيدَ أن الطاقم طمأنها بعدم وجود ما يستدعي التدخل حالياً، وبالتالي سمحوا لها بالخروج.
بعد فترة، خفّ الألم لكنها شعرت بأنها لا تتحكم في خروج أي شيء حتى عام 2014 حين اكتشفت أن لديها نوع من السلس نتيجة التمزق (الدرجة الثالثة) وهو أشد أنواع التمزق مما أصابها بنوع من الصدمة والاكتئاب، الذي أثّر على حالتها النفسية والوظيفية حيث سعت الإدارة إلى نقل عملها في بيئة أقل رسمية، الأمر الذي عُد إثباتاً – لاحقاً – كدليل مادي على الضرر. إضافة إلى ذلك، تأكّدت أن ولادة طفل آخر لن يكون بولادة طبيعية. حقاً، كان وقع هذه الأخبار صعباً عليها الأمر الذي يعني تحمّل تبعاتها بقية حياتها.
قام محامي الإهمال الطبي في Leigh Day ، Brendan Hope بتسوية القضية بأكثر من 600 ألف جنيه إسترليني. وكان مما استعان به رأي طبيب في نقده استخدام جهاز الملقط بدلاً من الجفت إذ لم يكن جيّداً في ظروف الحالة؛ ذلك أنه لو لم يُستبدل لما عانت المرأة من التمزق. وأضاف، بأن ثمة خطأ قد صاحب استخدام الجهاز البديل إذ لو استُخدم بطريقة مناسبة لما حصل التمزق الشديد ولما حصلت آثاره. أيّد ذلك صندوق مؤسسة NHS المشرف على مستشفى جامعة هومرتون وأنه كان على الأطباء إصلاح التمزق في وقت الولادة، ونفوا – في ذات الوقت – عدم مناسبة استخدام الملقط.
الحالة الثانية تشبه الأولى حيث ولدت الأم طفلها، بيدَ أنها كانت في وضع جعلها تُصاب بتمزق العجان، وفحصتها القابلة وشخصت التمزق على أنه من الدرجة الثانية الذي يتطلب غرزاً فقط، ثم خرجت الأم بوليدها من مستشفى الملكة ألكسندرا -المملكة المتحدة-. وبعد وقت قصير، بدأت الأم تعاني من السلس مما أدخلها في اكتئاب شديد وقلق على حالتها، مما اضطرها إلى مراجعة طبيب جراح للقولون والمستقيم في مستشفى ساوثهامبتون العام. وخضعت لعدد من الإجراءات الجراحية وغيرها خلال السنوات القليلة التالية، ولكن لم تحسن هذه الإجراءات حالتها حيث لا تزال تعاني من السلس.
لذا، استعانت بوكالة مختصة Fieldfisher لتقديم مطالبة نتيجة خطأ القابلة في التشخيص حيث اتضح أن التمزق من الدرجة الثالثة وليس الثانية بناء على تقارير أطباء مختصين وطبيب توليد وأمراض النساء، وجراح قولون وطبيب نفسي. وتم تضمين ادعاء الإهمال ضد القابلة الآتي:
* خطأ في إجراء الفحص المناسب وفحص المستقيم بعد الولادة.
* خطأ في التعرف على مقدار التمزق ودرجته.
* عدم طلب المساعدة من طبيب مختص (طبيب توليد).
وشُرحت الادعاءات تلك بأنه لو تم تشخيص التمزق من الدرجة الثالثة (وليس الثانية) وتلقت الأم العلاج على ضوء ذلك، لما حصلت لها المعاناة. أقرّ المستشفى بإهمال القابلة وأن الأم لم تحصل على التشخيص والعلاج المناسبين. وقد عرض المستشفى في بدايات القضية تعويضاً قدره 20 ألف جنيه إسترليني لإغلاف ملفها. إلا أن نتيجة التحقيقات جعلت المحامي يزيد في مقدار المطالبة إلى 750 ألف جنيه إسترليني، غير شاملة للرسوم القانونية التي دفعتها الأم. لقد كان التعويض مقابل الضرر الواقع عليها ولشراء حمام شخصي، ومنظف، ومساعدة نفسية لمساعدتها على التأقلم على الصعوبات التي تواجهها.
غالباً ما تتردد النساء المصابات في مناقشة أعراضهن، معتقدين – أحيانًا – أنه أمر طبيعي بسبب الولادة. لكن ذلك ليس على إطلاقه، فالمرأة إذا استمر معها ألم التمزق أو مضاعفاته، فمن المحتمل تعرضها لخطأ طبي. ولا يمكن دائماً التنبؤ بالتمزقات العجانية أو الوقاية منها، فحدوث التمزق بحد ذاته لا يعني بالضرورة أن ثمة خطأ يستدعي المطالبة القانونية. والتحقيق على أي حال يكشف ذلك؛ إذ في بعض الحالات قد يكون من الممكن منع التمزق أو علاجه بشكل صحيح لتقليل المضاعفات.
لذا يمكن تلخيص أسباب رفع دعوى المطالبة – للخطأ الطبي المصاحب للولادة – في النقاط الآتية:
* عدم تقدير عوامل الخطر المترتب على التمزق العجاني.
* عدم اتخاذ خطوات قبل الولادة أو أثناءها لتقليل مخاطر التمزق.
* عدم التشخيص الصحيح للإصابة بالتمزق وإصلاحه فور الولادة كما هو الحال في المثالين المذكورين وهو الخطأ الأكثر شيوعاً.
التأخر في تشخيص التمزق.
* عدم التصرف بناءً على علامات العدوى أو الأعراض غير الطبيعية أو غير العادية بعد الولادة، حيث يمكن أن تحدث التهابات في منطقة التمزق.
* دعاوى الشلل الدماغي Cerebral palsy claims وقد تحدثنا عنها سابقاً.
* وفيات المواليد Stillbirth and neonatal deaths.
* الولادة الخاطئة – التعويضات والمطالبات Wrongful birth – compensation and claims.
في حال حدوث أيٍ من ذلك، فقد يكون لديك مطالبة بالتعويض عن الإهمال الطبي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال