الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع زيادة وتيرة التغيير في أنظمة وطرق العمل، وتسارع الأحداث الاقتصادية والسياسية، أصبحت هناك حاجة ماسة لدى قادة القطاع العام والخاص للتكيّف مع هذه المتغيرات وإدارتها بشكل فعّال. إلا أن الانغماس في الكثير من التفاصيل المصاحبة لهذه التطورات قد يؤدي إلى قصور في رؤية الصورة الكاملة، مما يزيد من صعوبة التكيف مع الوضع الجديد وصعوبة حل المشاكل المعقدة والمتكررة.
لذلك كانت استراتيجية البلكونة من الطرق الناجحة والفعالة في مثل هذه الظروف، والتي كانت نتاج بحث لتطوير نظرية القيادة التكيفية Adaptive leadership للمحاضرين في جامعة هارفارد Ronald Hefetz و Marty Linksy وهما المختصان في الإدارة والقيادة، حيث نتج عن هذا البحث في عام ٢٠٠٩ عبارة “الانتقال من مسرح الرقص إلى البلكونة” والتي تمثل إطار عملي للقيادة، والذي يساعد الأفراد والمؤسسات على التكيّف مع المتغيرات الجديدة والاستجابة بفعالية أكبر للمشاكل المتكررة.
ما هي استراتيجية البلكونة؟
هي بكل بساطة، استراتيجية تعتمد على أن يقوم القائد بالخروج من مسرح نقاش المشاكل والتفاصيل الكثيرة، والتي يُعبر عنها مجازاً بـ “مسرح الرقص”، والصعود إلى البلكونة لرؤية المشهد كاملاً بمنظور شامل ومن زوايا مختلفة، والتي تجعله قادراً على رؤية جوانب لا يمكن رؤيتها وهو على المسرح، وهي نفس مضمون المصطلحات التي نسمعها ونرددها كثيراً مثل “نظرة من الطائرة” أو “نظرة بانورامية” ، إلا أن القليل من يعرف كيفية الاستفادة منها وتطبيقها.
وعلى الرغم من بساطة هذه الاستراتيجية وسهولة تفسيرها، إلا أنها صعبة التطبيق، فبعض القادة يبقى في مسرح المشكلات، ويغرق في استقبال التفاصيل لمحاولة وضع الحلول، وعلى العكس هناك بعض القادة يجلسون باستمرار في البلكونة، مما يجعلهم منعزلين عن المسرح وغير ملمين بالتفاصيل، وفي كلا الحالتين تستمر المشاكل وتزيد الأمور تعقيدا، ومع مرور الوقت تخسر المنشأة المال والجهد دون نتائج تُذكر.
ويمكن تلخيص تطبيق هذه الاستراتيجية بطريقة صحيحة، في الثلاث خطوات التالية:
المسرح أولاً
في البداية يجب على القائد أن ينزل إلى مسرح المشاكل لدراستها، ومعرفة التفاصيل الكاملة المسببة لتلك المشكلات، ومناقشتها مع فريق العمل، هذه المرحلة تتميز بفهم تفاصيل المشاكل وتحليلها.
البلكونة ثانياً
بعد الإلمام بالتفاصيل، يأتي الصعود إلى البلكونة للنظر من منظور استراتيجي شامل نحو طبيعة كل مشكلة وطبيعة توجهات فريق العمل، وفي هذه المرحلة يمكن للقائد أن يأخذ فريق العمل معه إلى البلكونة لمشاركتهم هذه النظرة البانورامية، والتي قد تسهل من عمل القائد في الخطوة التالية.
الحلول ثالثاً
في هذه الخطوة يتم وضع حلول استراتيجية جذرية مبنية على رؤية شاملة، وليست مسكنات مؤقتة أو انتصارات سريعة تؤدي إلى انفجار تلك المشكلات في أوقات لاحقة، وذلك لضمان حلول مستدامة وفعالة.
أخيراً وبناءً على ما لمسته من فوائد هذه الاستراتيجية، فإن تطبيقها مفيد للغاية سواء على مستوى إدارتك، أو منشأتك، أو حتى على مستوى حياتك الشخصية، لذلك كلما تعقدت الأمور وتكررت المشاكل اخرج من المسرح واصعد إلى البلكونة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال