الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الدبلوماسية هي أداة راسخة تخدم الهدف من العلاقات الدولية و مصالح الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكما هو الحال مع كل أمر في هذه الحياة، القانون هو عصب أساسي لقيادة هذه الدبلوماسية. بالطبع يوجد قوانين تحكم العلاقات الدبلوماسية، وهذا ليس موضوع هذا المقال. موضوع هذا المقال هو الدبلوماسية العامة وقوانينها. يقصد بالدبلوماسية العامة بأنها هي كيفية اظهار مختلف الجهود التي تعمل عليها الدولة وتوجيه الخطاب العام بهدف التواصل مباشرة مع الجماهير الأجنبية. تشمل الدبلوماسية العامة جميع الجهود الرسمية لإقناع قطاعات مستهدفة من الرأي الأجنبي بالدعم أو التسامح او لتفهم الأهداف الإستراتيجية للدولة التي تقدم الدبلوماسية العامة. المثير للاهتمام هنا هو أنه يعتبر هذا من العلوم الحديثة على علم القانون الدولي والذي يتم العمل عليه على قدم وساق في دول كثيرة من أجل وضع الاستراتيجية القانونية للدبلوماسية العامة وتقنين هذا المجال.
غالبا في المحاضرات التي اقدمها لطلابي في المواد ذات العلاقة بالقانون الدولي و حقوق الانسان، اسعى الى تدريس الطلاب استراتيجية التعامل مع الدبلوماسية العامة، ولم اجده ضروريا لكي أثيره في مقال من قبل. ولكن زيارة الرئيس الامريكي بايدن الى المملكة، وتصريحاته عند وصوله للولايات المتحدة الأمريكية بخصوص بعض القضايا التي استغلها اعلاميا منذ حملته الانتخابيه حتى وقتنا الحاضر بشكل يسئ لسمعة المملكة ، والتي حاول تداركها البيت الابيض من أجل تصحيح ما صرح به للإعلام، دفعني بقوة لكتابة هذا المقال للبدء بالعمل على تطوير الدبلوماسية العامة للمملكة من أجل السيطرة على الخطاب الدبلوماسي العام الموجه ضد المملكة في أي قضية من قضايا ذات الشأن الداخلي أو اي قضية تدخل تحت سيادة المملكة، خصوصا إذا كان عنوان هذا الخطاب الدبلوماسي العام هو انتهاك حقوق الانسان.
مشكلة تقنين الدبلوماسية العامة في نظام مكتوب انها بحاجة الى تطويرها باستمرار. السبب هو أن الدبلوماسية العامة عبارة عن ساحة معقدة تتطور باستمرار بتطور السياسة الدولية وكثافة المعلومات المعقدة لذا تكون مليئة بالمعلومات المضللة ، يعتبر هذا الوقت هو افضل وقت لاعتماد منهجيات اجتماعية وقانونية لاستكشاف ممارسة الدبلوماسية العامة فيما يتعلق بالقانون الدولي، حيث أن القانون الدولي وقوانين العلاقات الدبلوماسية تعتبر واضحة المعالم إلى حد كبير.
من أهم قوانين الدبلوماسية العامة، وربما تعتبر من أقدمها في عصرنا الحديث، قانون سميث-موندت الأمريكي الصادر عام ١٩٤٨، وتم تعديله في عام ٢٠١٢. يهتم هذا القانون بموضوع تبادل المعلومات اعلاميا و تثقيفيا مع المجتمع الدولي. يتضمن هذا النظام السماح لوزير الخارجية ومجلس محافظي الإذاعة بتوفير إعداد ونشر المعلومات الموجهة للجمهور الأجنبي في الخارج حول الولايات المتحدة ، بما في ذلك معلومات حول شعبها وتاريخها وسياسات الحكومة الفيدرالية ، من خلال الصحافة والمطبوعات والإذاعة والصور المتحركة والإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى ، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي ، ومن خلال مراكز المعلومات و الباحثين. شخصيا، لا ارى ان هذا النظام يحقق ما اتمنى ان نراه في مملكتنا الغالية، ولكنه يعتبر مهم من اجل العمل على إعطاء الإعلام فرصة لتوضيح المعلومات المغلوطة التي يتم نشرها دوليا. وهذا ما سيتم مناقشة في المقال القادم.
ولان الدبلوماسية العامة لا تقتصر فقط على الاجتماعات الخاصة، وانما هي تمثل الخطاب الشعبوي الموجه للمجتمع الدولي والشعوب الاجنبية، فهي تعتمد ايضا على التعامل مع تقنيات وانظمة الاتصالات وتشريعاتها. ومع تقدم المجتمع نحو إنترنت الأشياء ، هناك اندفاع لتطوير المعايير القانونية والقوانين والسوابق لتنظيم قطاع اتصالات المعلومات ، مثل مدونة ممارسات الاتحاد الأوروبي بشأن المعلومات المضللة، وهذه تشكل عائقا للدبلوماسية العامة في حال كانت الدول تريد نشر معلومات مضللة وغير صحيحة.
باختصار، الدبلوماسية العامة للمملكة العربية السعودية في تطور دائم، وهذا ما نقرأه عند مقارنة الخطاب الدبلوماسي خلال مراحل نمو المملكة العربية السعودية. ولكن، لازال لدينا فجوة في مسألة التأثير على الرأي العام والذي غالبا ما يكون بقيادة الاعلام و الصحافة الاجنبية، والتي تعتمد على تعزيز خطاب الكراهية وانتهاك حقوق الإنسان ضد وطننا الغالي، على الرغم من ان المملكة ملتزمة بتطبيق الاتفاقيات الدولية، وتحترم قواعد حقوق الإنسان. وبالتالي، لابد من العمل على تطوير الدبلوماسية العامة من خلال سن قوانين خاصة لها، ومن خلال استخدام استراتيجيات القانون الدولي والدستوري من أجل صياغة خطاب الدبلوماسية العامة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال