3666 144 055
[email protected]
يقول بوتر أن الثقافة تلتهم الاستراتيجية وكما هو معلوم أن الثقافة المؤسسية (culture) جزء رئيسي من أي استراتيجية لأي منظمة. أن أصعب ما يتعلق بهذا الجزء هو صعوبة قياسه كما هي باقي أجزاء الاستراتيجية مما يحوله في كثير من الاحيان الى مجرد شعارات تتداول وتعرض خلال الاجتماعات. وثقافة المنظمة هي بكل بساطة هي مجموعة من الإجراءات والأنشطة التي مع الوقت تشكل نمط سلوكي مميز وكما أن الإجراءات الداخلية لها دور فاعل في تشكيل هذا السلوك الا أنه يبقى جزءاً لا يتجزأ من ثقافة الأعمال في المنطقة أو الدولة.
الا أننا سنتطرق الى هذا الموضوع من جهة نادراً ما يتم التطرق لها وهي كيف تكون ثقافة المنظمات لاعباً رئيسياً في نجاح أو فشل استراتيجيات التوسع والنمو الخارجي. يقال (تستطيع أن تخرج الشخص خارج بلدة ولكن من المستحيل إخراج بلدة من داخلة) ولذلك تجد ان الكثير من الشركات تحرص على العناية بكل تفاصيل التوسع الا انها تغفل العناية بموضوع الثقافة المؤسسة ومناسبتها لبيئة الأعمال في المنطقة المراد التوسع فيها مما يكبد هذه الشركات خسائر غير متوقعة وغير مفهومة في كثير من الأحيان، ومن هنا استخدم كي هيمشر جملة أن الأسماك لا تستطيع رؤية الماء لأنها اعتادت علية وتعتقد أن المياه واحدة في إشارة إلى عدم ملاحظة الفروقات الثقافية.
قد تكون لدينا بعض التجارب الغير ناجحة للشركات السعودية خارجياً وباعتقادي أن السبب الرئيس لعدم النجاح هو تجاهل بيئة الاعمال ومدى ملائمة ثقافة الشركات المحلية للدول أو المناطق المراد التوسع فيها. وهذا لا يقتصر على شركاتنا المحلية فقط بل انه سبق للعديد من الشركات العالمية المرور بنفس هذا الخطأ, فعلى سبيل المثال شركة وول مارت وهي أحد أكبر متاجر التجزئة عالمياً فشلت فشلاً ذريعاً في دخول السوق الألماني حيث تجاهلت الفروقات الثقافية للمستهلكين وعمدت الى نقل تجربتها الأمريكية بحذافيرها مما كبدها خسائر فادحة وحتى عندما أرادت الشركة التخارج من السوق الألماني وبيع أصولها هناك لشركة ميترو بملغ 750 مليون دولار تم تضمين العقد أن مرجع التقييم هي المعايير الألمانية مما مكن شركة ميترو من استعادة كامل المبلغ لاحقاً لاختلاف المعايير والاجراءات المحاسبة!
فالشعوب حتى وأن قلصت العولمة بعض الفوارق الا أنه هناك سمات جوهرية تتمايز بها. حتى مع النجاح الباهر لمنظومات الأعمال الأمريكية وريادتها خلال العقد المنصرم الا أنها قد تقف عاجزة عن التقدم مع تجاهل الفروقات الثقافية, فثقافة العمل اليابانية تختلف عن الأوربية أو الخليجية والمعايير والإجراءات كذلك . أن خطط المملكة الطموحة في تمكين ودفع الشركات المحلية للوصول للعالمية هو باعتقادي خطوة ضرورية نتيجة وصول العديد من الشركات المحلية الى المستوى الثاني من مراحل عمر الشركات (التوسع) الا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن استراتيجيات التوسع يجب أن تتضمن دراسة جيدة لثقافة بيئة الأعمال في المناطق المراد التوسع بها ومدى القدرة على فهم وإيجاد المشتركات، وهي جزء رئيس في عمليات التحليل والتقييم.
في رعاية الله….
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734