3666 144 055
[email protected]
يقوم رئيس الولايات المتحدة الأميركية “جو بايدن” بزيارة للمملكة العربية السعودية غدا الجمعة 15 يوليو ولمدة يومين ضمن جولته الحالية في منطقة الشرق الأوسط، وتعتبر هذه الزيارة مهمة جدا لما تعكسه من إدراك الإدارة الأمريكية لمكانة المملكة ودورها المحوري في تعزيز أمن واقتصاد البلدين والمنطقة والعالم، خاصة في ظل التحديات المشتركة التي تستدعي التنسيق بين البلدين في أعلى مستوياته.
زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة تأتي في وقت يتعرض فيه – بجانب التحديات الجيوسياسية في أوروبا – لضغوط داخلية بسبب التضخم في الاقتصاد الأمريكي والذي وصل في شهر مايو إلى 8.6 % وهو مستوى لم يحصل منذ ديسمبر 1981 وليعلن عن التضخم في شهر يونية بوصوله 9.1 % وهذا يعني أن أوقات عصيبة قادمة، خاصة أن البنك الاحتياطي الفيدرالي ماضي في معالجة التضخم بجسارة من خلال رفع الفائدة لمستوى ربما يصل أو يتعدى حاجز 4 %، وهي سياسة نقدية قاسية وغير مطالبة بالمحافظة على سلامة أرقام النمو وخلق الوظائف، وإذا لم تظهر نتائج إيجابية على التضخم هبوطا فهذا يعني أن الاقتصاد الأمريكي على موعد مع الركود لا محالة، والذي لم تستبعد حصوله وزيرة الخزينة الأمريكية، بل وحتى رئيس الاحتياطي الفيدرالي لم يستبعد احتمالية ما أسماه بالركود المطوّل، وربما يعني ركود تضخمي وهو ما يتخوف منه معظم الاقتصاديين والمستثمرين في الولايات المتحدة.
ومع الارتفاع الفاحش في تكلفة الوقود في الولايات المتحدة التي يعادل استهلاكها من البنزين حوالي ثلث الاستهلاك العالمي، فإن ملف النفط وزيادة الإنتاج وسخاء الامدادات بغرض خفض الأسعار غالبا هو ما يتصدر قائمة أولويات الإدارة الأمريكية، خاصة مع واقع أن رفع الفائدة تسبب في رفع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسة ومن ضمنهم اليورو، وساهم في هبوط مؤقت في أسعار النفط التي صعدت مرة أخرى، مما يشير إلى أن رفع الفائدة ليس بالعلاج الفعّال في تخفيض أسعارالنفط، وهذا المشهد المعقد إذا لم يعالج في أسرع وقت فسوف يُعرِّض الحزب الديمقراطي لخطر الخسارة في إنتخابات الكونجرس والولايات في نوفمبر المقبل، وضعف موقف “بايدن” أو مرشح ديمقراطي آخر في الانتخابات الرئاسية لاحقا، وهذا غالبا أكثر ما يشغل الرئيس الأمريكي في الوقت الراهن.
إلا أن هناك ملفات أخرى من المتوقع أن تكون على طاولة الاجتماعات بين القيادتين، منها ما يخص قلق الرئيس الأمريكي تجاه اقتصاده كملف الاستثمارات المشتركة الذي يمكن أن يساهم بشكل فعّال في دعم اقتصادات البلدين، فالنفط وحده لا يكفي في ظل التزام المملكة بالاساسيات في استقرار أسواقه وبما يؤمن مصالح كل الجهات ذات العلاقة.
أيضا ملف تجنيب المنطقة سباق تسلح يهدد أمن وإستقرار المنطقة والعالم، وهذا يعني بالضرورة عدم السماح لإيران من إنتاج السلاح النووي، وأيضا أهمية تحقيق أمن واستقرار اليمن، وتقديم الحل السياسي من خلال ما تضمنته مخرجات إتفاق الرياض، بما يساعد في تخطي الأزمة الحالية وعودة الأمور إلى نصابها، وملف مكافحة التطرف والإرهاب والاستمرار في دحر التنظيمات الإرهابية وتحييد خطرها على أمن واستقرار المنطقة والعالم، والجهد المشترك في مكافحة التغير المناخي والتعامل في هذا الشأن بمنطقية تكاملية مصادر الطاقة.
العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تعتبر مرتكز تعزيز أمني واقتصادي استراتيجي، انطلاقا من مكانتهما السياسية والأمنية وأيضا الاقتصادية كأعضاء في مجموعة العشرين (G20)، والمملكة على استعداد دائم للتعاون الجاد القائم على الثقة المتبادلة والمراعي للمصالح المشتركة، وهذا المتوقع أن الإدارة الأمريكية الحالية تدركه وتقدره، لتكون مخرجات الاجتماع الثنائي بين القيادتين ذات انعكاسات إيجابية على البلدين والمنطقة والعالم.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734