الكفاءة الإنتاجية الفائقة   (super-efficiency)

تبذل أي إدارة جهودها الكبيرة لتطوير الأداء المؤسسي، وتحسينه باستمرار، باتباع منهجيات وأدوات موضوعية دقيقة؛ لقياس الأداء المؤسسي، ومن ثَم إمكانية الحكم عليه، ومقارنته بنظيره من المؤسسات الأُخرى ذات النشاط المشابه، والهدف النهائي تحسين قدرة الإدارة على الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، ومن ثم التميز في تحقيق الأهداف التنظيمية، والبقاء في بيئة تنافسية مستمرة من خلال المداخل الكمية، أو ما يعرف ببحوث العمليات. ومن المداخل البارزة التي ظهرت تطبيقاتها في قطاعات الإدارة المختلفة البرمجة الخطية كمنهجية حديثة لمعالجة القضايا والمشكلات البحثية، لاسيما قضايا تقويم الأداء، وقياس تطور الكفاءة الإنتاجية.

وتبعًا لتعدد مدخلات ومخرجات المؤسسات فمن الممكن أن يؤثر اختيار المدخلات والمخرجات المتعددة على كيفية تحديد مستوى الكفاءة الإنتاجية لها، وللتغلب على ذلك تم استخدام العديد من الطرق لتقويم أداء المنظمات، ومن أكثر الطرق انتشارًا تحليل مغلف البيانات Data Envelopment (DEA)، الذي يُعد طريقة ملائمة لقياس كفاءة المنظمات، نظرًا لتناوله العديد من المدخلات والمخرجات بدون افتراضات مسبقة عن القيم العددية للمدخلات والمخرجات. وتحليل مغلف البيانات يقوم بتحديد وحدات أقران اتخاذ القرار بالنسبة لوحدة ما؛ ومن ثم يقوم بتقدير كفاءة الوحدة من خلال مقارنة أدائها بوحدات اتخاذ القرار الأفضل المختارة من بين أقرانها، ويخصص لوحدة اتخاذ القرار ذات الأداء الأمثل بين أقرانها درجة كفاءة مساوية للواحد صحيح.

وترتبط الكفاءة الفائقة (super-efficiency) بنموذج تحليل مغلف البيانات المعدل الذي يمكن لوحدات اتخاذ القرار من خلاله الحصول على درجة كفاءة أكبر من الواحد الصحيح، حيث يقوم هذا النموذج بتصنيف إضافي للوحدات التي تتسم بالكفاءة النسبية التامة للتمييز بينها، والوصول بدرجات الكفاءة النسبية القصوى لوحدة اتخاذ القرار للمؤسسات إلى ما يزيد عن الواحد الصحيح وهو ما يسمى بنموذج الكفاءة الفائقة.

ومن هنا تظهر أهمية تشخيص مستوى الكفاءة الانتاجية للمؤسسة ومدى استغلالها لمواردها “المدخلات” لتحقيق اقصى قدر من المخرجات من خلال استعمال اسلوب كمي يعرف بتحليل مغلف البيانات؛ وهو أحد أهم تطبيقات بحوث العمليات/الادارة الكمية، اذ يقدم هذا الاسلوب تقييميًا موضوعيًا لعدد من المؤسسات المتماثلة فيما بعضها، لغرض قياس وتقويم الكفاءة الإنتاجية استنادًا إلى نتائج الكفاءة الفائقة و النسبية التامة من أجل الإفادة منها في وضع خطة للتحسين فضلًا عن الاستغلال الأمثل للموارد.