مسار.. نموذج للمنظومات الاستثمارية المتكاملة في مكة المكرمة

تتميز مدينة مكة المكرمة بجاذبيتها الاستثمارية المستدامة على مر العصور، بسبب أهميتها التاريخية ومكانتها الدينية عند المسلمين، فضلًا عن الاهتمام الكبير الذي تحظى به لدى حكومة المملكة العربية السعودية، بداية من عهد الموحد الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، من خلال تنفيذ العديد من المشاريع العملاقة فيها، بهدف تعزيز جودة الحياة لسكانها وزوارها.

وبتتبع شواهد ذلك الاهتمام، وجدتُ أن من أحدثها “وجهة مسار.. وجهة المئة مليار” في مدينة مكة المكرمة، وهي الوجهة الحضرية الاستثنائية، حيث صُمِّمت بأحدث معايير صناعة الوجهات العالمية، مع المحافظة على الطبيعة الروحانية والتراث الثقافي للمدينة المقدسة، بهدف خلق تجارب غير مماثلة، وتعزيز جودة حياة سكانها، وإثراء تجربة زوارها.

أخذتُ جوالي للبحث عن موقعها في خريطة قوقل ماب، فوجدتُ أنها في موقع استراتيجي، على المدخل الغربي لمكة بالغ الأهمية، حيث يصل أكثر من 60 في المائة

من زوار مكة من خلاله، المدخل الذي باعتقادي سيفد منه أغلب الـ30 مليون حاج ومعتمر في طريقهم صوب الحرم، وبالتأكيد لن تخطئ أبصارهم هذا المَعْلَم وهذه الوجهة التي تتوسط قلب العاصمة المقدسة جوار المسجد الحرام الثابت عبر الأزمان، وعلى الرغم من أن مدينة مكة المكرمة تحتوي على قبلة المسلمين وتهوي إليها ملايين الأفئدة من المسلمين سنويًّا لأداء مناسك الحج والعمرة، فإنني أعتقد أنها مع ذلك ظلت تفتقر إلى المكونات الرئيسة غير المستثمرة، ومن هنا جاء تصميم المخطط العام للوجهة بهدف تنشيط المدينة وتقديم خدمات حديثة وعصرية، لتُشبع الاحتياج المحلي المستقبلي.

وبتأملي في مقال الأستاذ ياسر أبو عتيق، الرئيس التنفيذي لشركة أم القرى للتنمية والإعمار، المالك والمطور لوجهة مسار، وجدتُ أن أثمن خصائصها يكمن في أنها تُشكِّل أول منصة استثمارية تعمل بمنظومة متكاملة في مدينة مكة المكرمة، من حيث استقطاب الاستثمارات النوعية والمتنوعة، ما لفتني أيضا التركيز على مفهوم “صناعة الوجهات” والفرق الهائل بينه وبين المطور العقاري، حيث وضَّح أبو عتيق في مقاله بعضًا من هذه الفروقات: “يختلف مفهوم «صناعة الوجهات» كثيرًا عن مفهوم التطوير العقاري التقليدي؛ الذي ينتهي دور المطور فيه غالبًا بتسليم المنتج النهائي دون تفعيل ومتابعة لاحقة لهذا المنتج”، بالإضافة إلى أنها تمتاز بالحلول المرنة الهادفة إلى استقطاب الاستثمار المؤسساتي في عدد من القطاعات المحورية المدعومة بجودة مرافقها وخدماتها، وذلك لإثراء جودة الحياة وتعزيز تجربة سكان مكة وزوارها وفق أفضل معايير الوجهات العالمية.

وتلعب تلك الامتيازات الفريدة من نوعها دورًا بارزًا في جذب المستثمرين، إذ تسعى وجهة مسار إلى استقطاب استثمارات بـ 100 مليار؛ لخلق وجهة استثنائية، وصناعة تجربة استثنائية لسكان مكة المكرمة وزوارها، فضلًا عن تعزيز الأثر الاجتماعي، بصفته أحد الأبعاد التنموية المُستدامة لها، عبر توفير 16 ألف فرصة وظيفية، مباشرة وغير مباشرة، في العاصمة المقدسة خلال السنوات المقبلة.

وبما أن الحديث عن منظومة الاستثمارات ذو شجون، فقد يقول قائل: هل يوجد حاليًّا مستثمرون فعليًّا في الوجهة؟ الجواب: نعم، حيث إنّ العام الجاري 2022 يُعَدُّ عامًا فريدًا في مسيرتها، حيث انتقلت شركة أم القرى، المالك والمطور للوجهة، من مرحلة ضخ الاستثمارات في البنية التحتية، التي تجاوزت تكلفتها 23 مليار ريال سعودي، إلى مرحلة استقطاب الاستثمارات المتنوعة.

وعلى صعيد آخر تطورات الوجهة، فإن الأعمال الإنشائية الحالية لها تسير وفق الجدول الزمني المخطط له، حيث بلغت نسبة الانتهاء من أعمال البنية التحتية للوجهة أكثر من 88  في المائة وستصل الى 90 في المائة بنهاية هذا العام ، ودُشِّنت الأعمال الإنشائية في الأبراج السكنية، فضلًا عن اكتمال تصاميم أكبر مول في مكة المكرمة (مسار مول)، بمساحة 71 الف و208 متر مربع واكتمال تصاميم مستشفى فقيه الممتد على مساحة 9 الاف و734 متر مربع، ليتجاوز إجمالي حجم الاستثمارات المنفذة حتى اليوم في الوجهة سقف الـ 35 مليار ريال سعودي

وخلاصة القول: ليس غريبًا بعد كل تلك الحقائق أن تصبح “وجهة مسار.. وجهة المئة مليار” أنموذجًا فريدًا للمنظومات الاستثمارية، كونها تقدم تلك الخدمات الاستثمارية وفق معايير تسهم في إثراء تجربة السكان والزوار، وتساهم في تحقيق مستهدفات الرؤية بالوصول إلى 30 مليون زائر سنرحب بهم جميعًا في العام 2030 بإذن الله.