الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثر الحديث حول سير العالم في اتجاه الركود الاقتصادي، وهذا غالبا أحد أهم أسباب موجات البيع الكبيرة في الأسواق الآجلة، ولكن يظل ما يحصل للعملات الرقمية المشفرة وأثناء ظروف الضغط على أسعار النفط يُثير تساؤلات حول ما إذا كان لهذه العملات دورا مؤثرا على أسعار وأسواق النفط.
كانت العوامل الهبوطية مهيمنة على أسواق النفط بسبب التباطؤ الاقتصادي وإغلاقات الصين، لكن من المتوقع على نطاق واسع أن تكثف مصافي التكرير الصينية والآسيوية طاقاتها الاستيعابية لتستفيد من هوامش ربح الديزل المرتفعة والطلب المرتفع، وبالرغم من ارتفاع الطلب على الديزل وزيوت التدفئة في فصل الشتاء، وفي ظل التراجع الحاد في الأسواق المالية وخاصة في الصين وارتفاع الإغلاقات وأيضا ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي، تأثرت أسواق السلع الأساسية خاصة النفط حيث تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط – على سبيل المثال – إلى دون حاجز الثمانين دولار لأول مرة منذ عام تقريبا، والذي أتى أيضا مع ظاهرة موجة البيع الواسعة في العملات الرقمية المشفرة وانهيار منصات خاصة بها بشكل مفاجئ، مما يثير تساؤلات حول احتمالية وجود دور للعملات الرقمية المشفرة فيما يحصل.
العملات الرقمية المشفرة أخذت مكانتها كنظام مدفوعات عالمي والتي يمكن مقارنتها بالعملات التقليدية الأخرى مثل الدولار واليورو، غير أنها ترتكز بالكامل على تكنولوجيا “البلوك شين” وتعمل خارج أي نظام مالي مركزي، وهذا ما يجعلها متميزة عن العملات التقليدية، ومن هنا بدأت فكرة خدمة السلع وربطها رقمياً بعملة لتداول سلعة مثل النفط.
أصدرت شركة “سيجنال كابيتال” للاستثمار عملة رقمية مدعومة باحتياطي النفط والغاز عام 2018، تسمى “بترودولارز” أو “أويل كوين”، بغرض تعزيز قيمة النفط كسلعة محمية من التذبذبات السعرية الحادة في الأسواق العالمية، وهذه الخطوة كان وراؤها التجاء شركات طاقة في الولايات المتحدة وأوروبا للاستثمار في العملات الرقمية بعد الهبوط الحاد لأسعار النفط نتيجة أزمة عام 2008 المالية الأمريكية والتي تأثرت بها أسواق أوروبا وبقية العالم، وأيضا قرار الأوبك بتخفيض إنتاجها بسبب الحالة الاقتصادية العالمية وقتها.
كثير من شركات النفط والمستثمرين دعموا – وإن على استحياء – لإيجاد عملة رقمية مدعومة بالنفط، كقفزة كبيرة مطلوبة لضمان وضع النفط كقيمة مستقرة مما يرفع من شأنه في الأسواق العالمية، خاصة بسبب حالة عدم الاستقرار الجيوسياسية التي تقلق الأسواق العالمية، ومع استمرار الطلب على النفط في المواسم الباردة.
العملة المشفرة ربما أعتقد البعض أنها الحارس الأمين للنفط في أوقات التقلبات الحادة (بينما يمكن لها أن تفاقم من تقلبات الأسعار أيضا)، خصوصا مع حقيقة أن الطلب العالمي للنفط يتعاطى مع الوقت والنمو السكاني بشكل طردي وفي ظل هبوط حاد في استثمارات أعمال المنبع، مما يُخطر باحتمالية عالية في قفز أسعاره الى أرقام غير معتادة، وهذا يجعل العملات الرقمية المدعومة بالنفط تعمل في إيجاد مستقبل واعد في أسواقه كما يعتقد البعض.
من هنا، تُثار التساؤلات حول دور تراجع العملات الرقمية المشفرة الحالي وتأثيره على أسواق النفط وأسعاره، وبالرغم من عدم وجود أدلة ملموسة حول مثل هذه العلاقة، إلا أنها تظل فرضية جديرة بالبحث حتى لا تجد أسواق النفط نفسها أمام احتمالية مواجهة مفاجآت غير محسوبة مستقبلا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال