الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
صدرت التعديلات على نظام حماية البيانات الشخصية في رمضان الماضي مشتملة على إلزام الشركات التي تحتفظ ببيانات لمواطنين سعوديين أو مقيمين في المملكة العربية السعودية أن تخزنها في مراكز بيانات موجودة داخل المملكة، وهذا يسري على جميع الشركات سواء كانت سعودية أم لا، وبالتالي فشركات مثل مايكروسوفت وفيس بوك وجوجل وتيك توك وغيرها، كلها ستواجه هذه المعضلة القانونية التي فرضتها المملكة.
وهذا الموضوع أثار انتباه المختصين المتابعين لموضوع حماية البيانات الشخصية في المملكة، والسبب في ذلك أن النسخة الأولى من النظام والتي صدرت في عام 2021 كانت متضمنة الإلزام بتوطين البيانات، ولكن لما قربت مدة التنفيذ (ستة أشهر بعد صدور النظام)، أجل تنفيذ النظام لمدة سنة إضافية وذلك لصعوبة التنفيذ في تلك الفترة، خلال هذه السنة نشرت سدايا مسودة مقترحات لأخذ الآراء من العموم، وفي هذه النسخة المقترحة أضيفت مادة تسمح بنقل البيانات وحفظها خارج المملكة إذا كان ذلك البلد لديه من المعايير التي توازي معايير المملكة، وفي ذلك تسهيلا لما كان مفروضا في النظام الرسمي، ولكن المفاجأة عندما صدر النظام بنسخته المعدلة في رمضان الماضي بشكل رسمي لم يكن مشتملا على هذه الإضافة، مبقيا على إلزامية توطين البيانات على جميع الشركات.
هذا التوجه الذي تبنته المملكة في توطين البيانات الشخصية، تبنته القليل من الدول، مثل روسيا والصين، ولا يمكن أن تتبناه إلا الدول التي لها القدرة والقوة الاقتصادية والسياسية على فرض مثل ذلك على الشركات الكبرى، حيث إن هناك ثلاث توجهات عالمية في إلزامية التوطين، التوجه الأول هو الإلزام كما ذكرنا وتبنته روسيا والصين، والثاني عدم الإلزام مطلقا، وتبنته الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، والثالث هو السماح بنقل البيانات خارج الحدود الجغرافية إذا كان البلد المنقول إليه البيانات لديه مثل معايير الدولة ذاتها، وتبنى ذلك الاتحاد الأوروبي، فالمملكة إذن تبنت التوجه الأول مجبرة الشركات الكبرى على التوطين، والشركات بالطبع تعارض ذلك لأنها ترى في فرضه تكلفة مالية كبيرة عليها، فبدل من أن تكتفي بمراكز البيانات التي تمتلكها حاليا والموجودة في عدد من دول العالم، ستضطر إلى إنشاء مراكز تخزين بيانات إضافية في المملكة، بسبب هذا الفرض القانوني.
والحقيقة أن في موقف المملكة العربية السعودية من الإصرار على إلزامية التوطين، بعد نظر وإدراك لمكانة المملكة السياسية والاقتصادية، فالشركات العالمية لن تجد بدا إلا أن تنصاع لهذا الإلزام، لا سيما أن المملكة هيأت البنية التحتية – ومازالت مستمرة في التهييء- لتطبيق مثل هذه الشروط.
إن البيانات هي نفط القرن الجديد كما يقولون، وبسببها وصلت شركات التقنية لهذه القيم المليارية، بالإضافة لما للبيانات من بعد سياسي وأمني خطير، فعدم سيطرة الدول على بياناتها وبينات مواطنيها، هو إخلال بسيادتها، وقد يشكل خطرا أمنيا كبيرا عليها.
فالمملكة بهذا الإلزام مطردة مع رؤيتها وبنائها لمستقبلها بأن تكون محورا أساسيا للاقتصاد العالمي بكل مكوناته وموارده، سواء كانت الطبيعية، أو الصناعية، أو الرقمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال