الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الحاجة ماسة لكي تواجه شركات المقاولات والانشاءات للتحديات التي أمامها بحكم تطور السوق السعودي، مثل التأخير في إنجاز المشاريع وتواضع المخرجات وتجاوز التكاليف ومخاوف متعلقة بالسلامة خاصة مع عمالة في مجملها غير مؤهلة، وبالرغم من إمكانية معالجة هذه التحديات من خلال اعتماد التقنيات والممارسات الحديثة – وهذا ما تدعمه حاليا التنظيمات والتشريعات بالمملكة – إلا أن السؤال هنا هو: هل شركات الإنشاءات المحلية في عمومها قادرة على تبني هذه القفزة النوعية في الأداء؟
في الوقت الذي تعج فيه المملكة العربية السعودية بالمشاريع الدسمة والمتنوعة، إلا أن أداء عموم شركات المقاولات والانشاءات – وعلى وجه التحديد متوسطة الحجم – مازال غير ملائم لمتطلبات المرحلة، نتيجة تحكم العقلية الفنية التقليدية التي لم تتطور منذ عقود، أو عقلية مازالت مقتنعة بأن “فهلوتها” سوف تكون عامل نجاحها ولا تحتاج لأي استثمار رأسمالي للتطور، لأن أي صرف سوف يؤثر سلبا على ربحية المنشأة أو مصالح النافذين فيها الشخصية.
تغيير تفضيلات العملاء وتوقعاتهم يحتم ضرورة التحول، فالمطالبات الآن تدعو لخدمات إنشائية عالية الجودة وحلول مبتكرة وممارسات مستدامة، وهذا يعني بأن شركات البناء تحتاج إلى التكيف مع هذه الاحتياجات المتغيرة لتظل ذات صلة وتنافسية في السوق، فنمذجة معلومات البناء (BIM) وهي أداة رقمية تمكن شركات المقاولات من إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للمباني والبنية التحتية، ستحسن وتقوي قنوات التعاون والتواصل بين كافة أصحاب العلاقة والمصلحة في المشروع، كما أنها تقلل من الأخطاء وإعادة العمل، ويمكن أن تساعد هذه الأداة في تحسين جداول البناء والتكاليف، وهناك أيضا الاستفادة من تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإنشاء تجارب تصميمية يمكن استخدامها لأغراض التدريب، مما يسمح للعمال بممارسة مهاراتهم وتحسينها في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة.
كما أن هناك حاجة لاستخدام الطائرات بدون طيار (Drones) لمسح المواقع وجمع البيانات لتحليل ومراقبة التقدم في الإنجاز وتحديد أخطار السلامة المحتملة، وأيضا استخدام الروبوتات والأتمتة في فحص الهياكل وصيانتها لتحسين الكفاءة والإنتاجية في مواقع البناء، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الروبوتات في مهام مثل البناء بالطوب وصب الخرسانة والحفر، مما يقلل الحاجة إلى العمل اليدوي ويحسن السلامة، وإضافة لما سبق ذكره فإن إنترنت الأشياء (IoT) غنية الاستخدام لا سيما في مراقبة الجوانب المختلفة لمشاريع البناء والتحكم فيها، مثل التحكم في درجة الحرارة والرطوبة واستهلاك الطاقة وهذا كله يوفر بديلًا آمنًا وفعالًا من حيث التكلفة بدلا من الطرق التقليدية التي مازالت متبعة حتى الآن.
مسألة مهمة أخرى، تحتاج صناعة الإنشاءات إلى التحول لمعالجة النقص في العمالة الماهرة والحاجة إلى تدريب والتزامها الجاد بتوطين الوظائف وتطويرها بالقوى العاملة الوطنية، وحجة عدم وجود مواهب وكفاءات وطنية مما يدعم التوظيف من الخارج هي حجة واهية ومرفوضة، لأن هذه الشركات ستنجح في هذه المهمة متى عملت على جذب المواهب الوطنية والاحتفاظ بها من خلال تقديم أجور تنافسية ومزايا وفرص للنمو الوظيفي.
تبنّي الشركات المحلية للتقنيات المتقدمة لتعزيز قدراتها وخفض التكاليف وتقديم نتائج أفضل لعملائها ليس بالاختيار، فأمامها تحدي تطور متطلبات السوق، وأيضا تحديات اقتصادية عالمية قادمة ستؤثر ليس فقط على أدائها ولكن على تواجدها، مثل التضخم وارتفاع التكلفة واضطرابات المنظومات المالية وسلاسل الإمداد وغير ذلك من عوامل مرتبطة بأعمال هذه الشركات، وهذا كله سيكون على حساب قدرتها على المنافسة في السوق السعودي الغني والمنفتح واستدامتها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال