3666 144 055
[email protected]
جاءت رؤية المملكة 2030 بثقافة تحديد و تحقيق مؤشرات الأداء كأحد أهم أدوات الإدارة في القطاع العام. و قد أحدثت هذه الثقافة الجديدة تحولا إيجابيا جذريا في بيئة العمل الحكومي. و استقت من تجارب القطاع الخاص في هذا المجال الكثير من التوجهات و الخصائص. و مع النمو المضطرد لهذه الثقافة في القطاع العام لابد من التركيز على جانبين مهمين من المنهجية الصحيحة للاستفادة القصوى من المؤشرات.
قبل الدخول في الحديث عن الجانبين و كمقدمة بسيطة للاتفاق على التعاريف، فان المقصود بمؤشر الأداء هو وصف للمنجز المرجو تحقيقه، بينما يقصد بالمستهدف هو رقم او نسبة المنجز المرجوة. فعلى سبيل المثال يكون مؤشر الأداء “النمو السنوي في نسبة العملاء المتكررين” و يكون المستهدف “25%”.
الجانب الأول المهم الذي يجدر بحثه هو: هل لرئيس الجهة او (في حال القطاع الخاص الرئيس التنفيذي) دور في تحديد مؤشرات الأداء و المستهدفات؟ ام أن ذلك منوط فقط بجهة أعلى (مجلس إدارة الهيئة او الشركة على سبيل المثال). و الاصح هو أن تكون الجهة الأعلى من الإدارة التنفيذية مسؤولة كليا عن بناء مؤشرات الأداء. اما في ما يخص المستهدفات فتكون مسئولية تحدديها على الجهة الأعلى وللإدارة التنفيذية حق النقاش و التفاوض. و بذلك يتحقق الدور الفاعل و الاستراتيجي للجهة المسئولة عن الإدارات التنفيذية (و في أغلب الحالات هي مجالس إدارة، و هذا دورها الرئيسي).
الجانب الثاني مما يجدر التأكد منه متعلق بالمستهدفات وجودة البيانات المستخدمة لقياسها. فتنقسم جودة هذه المستهدفات إلى ثلاثة مستويات. المستوى الأول، و هو الأقل جودة و هي المستهدفات المبنية على بيانات تنتجها ذات الجهة. مثل مؤشر ومستهدف عدد زيارات مركز خدمة. فمثل هذه المستهدفات و البيانات أثرها على المنظومة العامة محدود و تنقصها في أحيان كثيرة الموضوعية. المستوى الثاني هو المستهدفات و البيانات التي تبنى على بيانات صادرة من ذات الجهة و لكن تحديد النتيجة النهاية للمنجز تتطلب معالجة لهذه البيانات من طرف خارجي. ومثال ذلك مؤشر عدد المصانع الحديثة الإنشاء التي تتجاوز مداخيلها مستوا معينا، ويكون هذا المؤشر على منظومة الصناعة على سبيل المثال و لكنه يتطلب معالجة او تدقيقا من منظومة التجارة (الطرف الخارجي). النوع الثالث و هو الأعلى جودة و الأفضل تأثيرا في المصلحة العامة، وهو أن يكون المؤشر و المستهدف مرتبطا بمنجز على مستوى اعلى من مستوى المنظومة فقط، فعلى سبيل المثال مؤشر ومستهدف نمو الناتج المحلي الإجمالي او نسبة التوظيف. و أن كان المستوى الثالث يتطلب بيانات دقيقة على مستويات متعددة. فكلما ارتبطت مؤشرات الأداء بمستهدفات بياناتها من المستوى الثالث من الجودة، كانت مؤشرات الأداء قوية و ذات اثر استراتيجي.
تبني هذين المنهجين و تطور مؤشرات الأداء كثقافة هو ما سيجعلها تصبح أداة و ليست هدفا بحد ذاتها، و بالتالي تحقيق ما طورت لاجله. و هذا ما يتضح حدوثه في المنظومة الحكومية، و يبشر بتطور كبير في مخرجاتها.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734