النظريات الاقتصادية .. المفاهيم والتطبيق

النظريات الاقتصادية هي مجموعة من الأفكار والمفاهيم التي تهدف إلى فهم وتحليل العلاقات الاقتصادية بين العناصر المختلفة في الاقتصاد ، وتعد النظريات الاقتصادية أداة حيوية لفهم كيفية عمل السوق وتوجيه قرارات السياسة الاقتصادية.

تتنوع النظريات الاقتصادية بحسب الاهتمامات والمنهجيات المستخدمة ، ومن أهم النظريات الاقتصادية المعروفة نظرية التوازن العام والتوزيع العادل للثروة، ونظرية الاكتفاء الذاتي والمزايا التجارية للدول، ونظرية العرض والطلب في تحديد أسعار السلع والخدمات.

تبنت النظرية الكلاسيكية التوجيه الاقتصادي الكلاسيكي ( المدرسة الكلاسيكية للاقتصاد ) والتي تعتبر حتى اليوم ( أم النظريات الاقتصادية ) ، والتي تقوم على فكرة أن هناك قوى العرض والطلب التي تحكم السوق وتؤدي إلى التوازن العام في النظام الاقتصادي.، حيث تنطوي النظرية الكلاسيكية على أفكار ومفاهيم عديدة مثل اليد الخفية ونظرية القيمة ونظرية التوظيف الكامل ويعد ابو الاقتصاد آدم سميث هو المؤسس الحقيقي لعلم الاقتصاد من خلال هذه النظرية .

في المقابل ، تعتمد النظريات الاقتصادية الجديدة على فكرة أن الأفراد يتخذون قراراتهم الاقتصادية بناءً على المعلومات المحدودة لديهم والتوقعات المتغيرة. ويعتبر الانترنت وتطور التكنولوجيا حجر الزاوية في تطور هذه النظرية، حيث تطورت الأسواق الإلكترونية وتغيرت الديناميكية بين المنتجين والمستهلكين مما يفسر انفتاح الأسواق على الاذواق والاسعار والدعاية والاعلان وجودة الخدمات والسلع فتتحرك قوى العرض والطلب وفقا لتلك المعطيات .

ومن الجدير بالذكر أن النظريات الاقتصادية لا تقتصر فقط على الاقتصاد الوطني، ولكنها تتطرق أيضاً إلى الاقتصاد العالمي والعلاقات بين الدول ، فعلى سبيل المثال: نظرية النظام العالمي تُستخدم لتفسير كيفية توزيع القوة والنفوذ والثروة في العالم وفي ذات الوقت تعمل وفق معايير متنوعة في الأسواق العالمية مما يُكسب العملات الأجنبية المحافظة على استقرار اقتصاديات الدول والعمل ضمن منظومة موحدة ، بينما نظرية المحفظة الرقمية تناقش تأثير تكنولوجيا البلوكشين على السوق المالية.

وبالنظر الى فاعلية التطبيق لأي نظرية اقتصادية نجد انها ليست وسيلة انقاذ بدرجة مؤكدة بل ان النظريات الاقتصادية متغيرة وفقاً لمعطيات الزمان والمكان ولذلك نجد ان الكثير من المدارس الاقتصادية وعلماء الاقتصاد قد يتجه لفكر ورأي محدد في فترة ما لكنه يتراجع عن ذلك لاحقاً ولعلنا نذكر على سبيل المثال انتقاد الاقتصادي المشهور ميلتون فريدمان للنظرية الكنزية لكنه ما لبث لاحقا ان اعلان عن تأييدها بمقولته المشهورة : كلنا كينز الآن ، وعليه من الصعب ايجاد نموذج اقتصادي متكامل وقابل للتطبيق في كل الازمات والعصور فضلاً عن تعدد الانتقادات والاختلافات الفكرية بين علماء الاقتصاد ونظرياته المختلفة .

مجمل القول : تلعب النظريات الاقتصادية دوراً حيوياً في فهم وتحليل السلوك الاقتصادي واتخاذ القرارات السياسية ، كما تساعد على تحسين الأداء الاقتصادي وتعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق التوزيع العادل للثروة ، كما ان فهم هذه النظريات وقواعدها يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام لكن التطبيق العملي لها يتطلب نماذج اقتصادية تتناسب مع نوعية اي ازمة والزمن المناسب لها .