3666 144 055
[email protected]
هناك مدرسة للتصرف تسمى “طقها والحقها”، كناية عن ركل الكُرة من غير خطة، وتقال كنايةً عن التصرفات لا تضعها التبعات في الحسبان، ولا تكترث لها. أما حراك السعودية فنشاطٌ دائبٌ لا يفتُر، وعلى المحاور كافة وبالتوازي وبتناغم؛ أمني، سياسي، دبلوماسي، اقتصادي، اجتماعي، سياحي، رياضي، وترفيهي.
إذ أن المملكة تطلق مبادراتها وجهودها لتحقيق رؤيةٍ استراتيجية محلية المنبع عالمية المصب والطموحات والتطلعات، كل ذلك ضمن نسقٍ مستقر، يتواصل تنفيذه على مدار الساعة؛ في الأيام المشمسة، والمَاطرة، والعاصفة، وحتى عندما يشتد عجاج الصحراء و”سَرّاياتها”. فأخذ السعودية لمكانتها التي تستحق هي مكابدة وجهد تتطلبا ثباتاً وإعمالاً للفكر ومرونةً تتجاوب مع المستجدات من فرصٍ ومعوقات.
وليس القصد من كل ذلك إنهاك الذات، بل من منطلق “على قدر أهل العزم تأتي العزائم”، فالطموحات السامقة والآمال العريضة تتحقق بعملٍ يوازيها ضخامةً، وسعيٍ لبناء الذات واستهداف مَدّ الجسور لتأسيس شراكات وتحالفات، وقبل كل ذلك تمكين بيئة حاضنة للازدهار والاستقرار والسلام. هذا تحدي. هذا هو التحدي: الخروج من منهج الفعل ورد الفعل، إلى تكوين الذات وتقويتها بالعمل وفق نسقٍ مستقر ووتيرة لا تهدأ، وأعين تتجه نحو تحقيق الهدف ولا تنشغل عنه البتة.
ومع كل هذا الحراك، إلا أن هناك من لم يستوعب بعد أن التغيير الإيجابي الذي صنعتهُ رؤية المملكة 2030، والذي تجسده شواهد متعددة، لعل إحداها ما يشهده مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار عاماً بعد عام من تدافع المستثمرين والمتمولين من انحاء العالم، للقدوم إلى الرياض، ليس فقط لتلمس ما في الرياض من فرص، بل لتلمس ما يدور في العالم بالاستماع للأكثر تأثيراً في العالم عن قرب. أما “البوصلة الجديدة” -التي كانت محل اهتمام النسخة السابعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار- فقد حَملت أملاً رغم التحديات، وقَصَدَت عملاً رغم الصعوبات.
هذه المبادرة هي مثال شاهد على أن النجاح على مستوى عالمي لابد له من توجه استراتيجي متماسك وواضح، لا تنقصه الصلة بالواقع، ولا يعوزه الطموح، وتحرّكه ضغوط اللحظة، إذ لابد له من نظرةٍ بعيدة المدى، وعزيمة لا تنثني دائبةٍ على التنفيذ وصولاً للهدف المرسوم المُحَقق للطموح.
وإذا تتبعنا تطور إنضاج هذه المبادرة، فتجدر الإشارة إلى انه في العام 2019 أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمراً ملكياً، بإنشاء مؤسسة أهلية باسم “مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار”، تهدف إلى دعم الجهود المحلية والدولية التي ترمي إلى الارتقاء بالبيئة الاستثمارية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يسهم في دعم وتعزيز الفعاليات والأنشطة الاستثمارية ذات الصلة بالمبادرة. وللمؤسسة مهام عدة، منها:
*إعداد وتنظيم الأحداث والفعاليات والمؤتمرات والندوات وورش العمل ذات الصلة بالمبادرة على المستويين المحلي والدولي والمشاركة فيها،
*تقديم الدعم المعرفي لاتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار،
*تشجيع الأفكار الموجهة نحو مستقبل الاستثمار عبر وسائل الإعلام المختلفة.
*تحديث الحلول المبتكرة ذات الصلة بالاقتصاد العالمي واقتصاد المملكة،
*إنشاء التحالفات وتعزيز العلاقات التي من شأنها أن تؤدي إلى دعم الاستثمارات الفردية أو المشتركة،
*إنشاء منصة لمحترفي الاستثمار الناشئ على المستويين المحلي والدولي،
*تحديث الآليات التقنية المناسبة لتعزيز تجربة المشاركين في الأحداث والفعاليات والأنشطة التي تعدها المؤسسة أو تشارك فيها.
ولبيان اهمية امتلاك توجه استراتيجي لتحقيق المستهدف، فبعد جهد متعدد النُسق على مدى سبع سنوات، من عقد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، واثبات قدرة معهد مبادرة مستقبل الاستثمار على الحراك عالمياً وعلى استقطاب أفضل العقول، وبعد اجتياز منعطفات عدة مر بها المؤتمر، فقد أثبت قدرته على:
1) توجيه البوصلة عالمياً نحو الرياض عبر مؤتمر استقطب نخبة مجتمع الاستثمار والتمويل والملكية الخاصة ورأس المال الجريء، واستقطب كذلك صفوة المبدعين والرياديين من شتى أنحاء العالم.
2) اتجهت المؤسسة، من خلال المعهد، كذلك إلى خارج المملكة بأجندةٍ تنطلق من الرياض إلى العالم باهتمامات ليست اسيرة منطقة جغرافية ضيقة ولا اهتمامات اللحظة، بل بأجندة عالمية في بنودها نظرة فاحصة لتحديات المستقبل والحلول المقترحة عبر استنبات بذورها بمشاركة الأنبه ممن يمتلكون الشغف والفكر والموارد، والاستفادة من انجح التجارب. واستجمع المعهد نقاط ضوءٍ عالمية لنشاطه الناشيء بفعاليات في ميامي وفي هونج كونج.
تشير الشواهد أن مبادرة مستقبل الاستثمار غدت مركزَ فكرٍ واشعاعٍ للاستثمار، ولمآلات الاستثمار، ولضروراته واولوياته، مساهمةً من المملكة ليصبح العالم مكاناً أفضل لحياة البشر، و لازدهار الاقتصاد، ولاستدامة المجتمع، ولاستدامة موارده البشرية والطبيعية والمالية. فمبادرة مستقبل الاستثمار هي مؤسسة من السعودية للعالم من أجل مستقبل أفضل للبشرية أجمع.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734