3666 144 055
[email protected]
الغرف التجارية تعتبر مهد مؤسسات المجتمع المدني وبيت التجار العريق والمستشار الصادق والناصح للقطاع العام وشريكه الإستراتيجي في إبداء الرأي الاقتصادي النابع من نبض السوق والواقع الاقتصادي، فالغرف التجارية برلمان قطاع الأعمال الذي يجمع كلمتهم ويُوحد جهودهم وبيت الخبرة الأعرق والأكبر.
ويعد اتحاد الغرف التجارية السعودية كيانا غير ربحي يتشكل من عضويات الغرف التجارية السعودية بهدف رعاية المصالح المشتركة للغرف التجارية وتمثيل مختلف الأنشطة التجارية على المستوى الوطني داخل المملكة وخارجها. والعمل على حمايتها وتطويرها، بالتنسيق مع الجهات المعنية، ويُعد المرجع الرئيس للغرف التجارية في المملكة.
إن لطبيعة الغرف التجارية القانونية أثرا بالغا في تعزيز حوكمة القطاع العام والمساهمة في بناء نموذج القرار الاقتصادي الرشيد، فإن لكل كيان قانوني (عام – خاص – غير ربحي أو الثالث) طبيعته وجوهره الخاص الذي يميزه عن غيره من الكيانات انطلاقا من سجية وأهداف واختصاصات وغايات تمنح كل كيان قانوني خاصية فريدة تساهم في حال توافر التشاركية والتعاون بينها بفاعلية في بناء نموذج القرار الاقتصادي الرشيد وتعزيز حوكمة القطاع العام؛ وذلك للأسباب والسمات التالية:
1- الاستقلالية:
والمتمثلة في أن الغرف مظلة قطاع الأعمال في منطقة اختصاصها المكاني ومشتركيها هم الذين ينتخبون ممثليهم لمجلس إدارتها بكل استقلالية وحيادية دون أي تدخل حكومي فهم ينقلون من خلال الاتحاد والغرف التجارية همومهم وأفكارهم وتطلعاتهم إلى الحكومة بكل صدق وحياد واستقلالية واحترافية تكاملية مع الجهات الأخرى شركاء في بناء الاقتصاد الوطني.
2- عدم الربحية:
إن كل من الاتحاد والغرف كيانات لا ترمي لتحقيق أرباح، فربحيتها هي نجاح قطاع الأعمال ونقل صوته بتجرد إلى الجهات الأخرى، وخلق الأفكار والتصورات الصادقة والعملية التي تكفل نجاحه وتفوقه، حيث يقول ريتشارد إنجرم عن العمل التطوعي غير الربحي: تسود معظم المجتمعات روح التطوع والبذل في شكل جماعات أهلية أو منظمات خيرية غير ربحية وليس هناك مكان يتجسد فيه هذا المبدأ الأخلاقي شكلا ومضمونا أفضل من الخدمة في نطاق مجلس إدارة منظمة تطوعية غير ربحية”.
إن هيئة الأمم المتحدة تنظر إلى القطاع غير الربحي بوصفه ثروة وطنية للدول والمجتمعات الإنسانية، ويُمثل ثقلاً ووزناً مجتمعياً واقتصادياً وبحثياً لا يستهان به وهنالك من يطلق على القطاعات غير الربحية مؤسسات المجتمع المدني أو القطاع الثالث.
3- الحياد:
صفة يتميز بها الاتحاد والغرف كونها تتمتع بالشخصيات الاعتبارية المستقلة مالياً وإدارياً؛ فهي تمول نفسها ذاتياً، وهذه الخاصية والسمة الفريدة التي يتمتع بها الاتحاد والغرف تحقق النفع العام للمجتمع.
ومن أبرز الأمثلة الناجحة لأداء المنظمات غير الحكومية في المملكة هو أداء الغرف التجارية التي قادت مقاطعة تجارية بقرار منها دون أي تدخل حكومي عندما استشعر قطاع الأعمال السعودي أن الحكومة (X) تمارس أدواراً تؤذي الأمن والمصالح السعودية، ولم يسفر ذلك عن أية مخالفات لاتفاقية منظمة التجارة العالمية إذ إن المقاطعة كانت بقرار من قطاع التجار بأشرف وتنظيم الغرف التجارية دون أي تدخل أو قرار حكومي، وبالفعل آتت المقاطعة -التي قادها قطاع الأعمال- ثمارها عندما توددت الحكومة (X) للمملكة طالبة عود العلاقات التجارية إلى سابق عهدها.
4- القرار الاقتصادي الرشيد:
إن بث روح الفاعلية في نصوص القوانين والتشريعات من خلال زيادة مشاركة الجهات غير الربحية والمهنية المستقلة في صنع القرار الاقتصادي يعد من أسس بناء القرار الاقتصادي الرشيد ويعزز قيم الحوكمة في القطاع العام وذلك بإتاحة الفرصة للقطاع الثالث في طرح المزيد من الحلول والخيارات والرؤى لصانع القرار والجهات التشريعية وتعد من أبرز أساليب التحقق من مناسبة التشريعات لواقع الأسواق التجارية، وتمنح المستثمرين القدرة على التنبؤ بمستقبل التشريعات الاستثمارية، وهو أمر إيجابي لسمعة الاقتصاد الوطني على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، ويُعزز جودة أداء القطاع العام.
وفي الختام اقترح مناسبة وجود مقعد دائم لاتحاد الغرف التجارية السعودية في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وأيضاً مقعد في مجلس الشورى بما يعزز الحوكمة بين القطاعين العام والخاص والتشاركية في صنع القرار الاقتصادي الرشيد.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734