3666 144 055
[email protected]
يُشكل بند تسوية المنازعات في العقود المدنية والتجارية أهمية بالغة، والصياغة الرديئة أو المعيبة من شأنها التأثير على سلامة وفاعلية تنفيذ ما يرد في هذا البند، أو تأخير تنفيذه لأسباب عدة قد يكون أبرزها عدم توافق الأطراف على تفسير واحد لأحكام هذا البند، بل إن الصياغة المعيبة لهذا البند أسوء من عدم وجوده.
إذ يُعد بند تسوية المنازعات اتفاقاً صريحاً للطرق المتفق عليها لمعالجة ما قد ينشأ أثناء أو بعد تنفيذ العقد من اختلاف في وجهات نظر أطراف العقد، ويجب أن تكون صياغة هذا البند واضحة ومحددة ودقيقة ومباشرة، بحيث لا تحتمل التأويل والتفسير، ومن أمثلة ذلك: أن تكون صياغة البند عامة كأن ينص على أنه في حال حدوث نزاع فيحل بالطرق الودية، إذ لم يحدد هذا البند المقصود بالطرق الودية على وجه الدقة، والصحيح أن يكون النص كالتالي: في حال حدوث نزاع بين الطرفين في شأن تنفيذ أحكام هذا العقد فيحل عن طريق الصلح أو الوساطة، وفي حال عدم التوصل إلى حل عن طريقهما فيحال النزاع إلى القضاء (وقد تكون الإحالة للتحكيم)، وأن يجمع بين اختصاص القضاء والتحكيم في ذات العقد، كأن ينص على أن الاختصاص بنظر النزاع بين الطرفين يكون عن طريق التحكيم وإذا لم يحل النزاع عن طريق التحكيم فيحال النزاع إلى القضاء، ومن شأن هذه الصياغة إتاحة الفرصة لأحد الطرفين لتعطيل أي من الحلول المقترحة لحل النزاع، فإن كان الحكم التحكيمي المتوقع ليس من صالحه، لجأ لتعطيل النظر عن طريق التحكيم إلى المنازعة عن طريق القضاء، والعكس صحيح.
ولذلك؛ فإن صياغة هذا البند من الأمور الجوهرية في العقود، وقد يحدث أن يتغاضى أطراف العلاقة التعاقدية عن مناقشة هذا البند وصياغته أثناء نشوء العلاقة بينهما، خشية أن يفهم أي منهما الآخر بخلاف ما يرمي إليه، وهذا ما يؤدي عادة إلى استمرارية النزاع وتعاظمه، إذ لو كان الاتفاق واضحاً ابتداء فلا مجال للاجتهاد، والأصل في العقود أن تكون كافية بذاتها ولذاتها.
ولمعالجة جميع ما سبق؛ يقترح أن يكون الاتفاق بشكل واضح على الاختصاص في نظر النزاع، وأن تكون صياغة هذا البند بالشروط متعددة المراحل، فيضمن البند ما يفيد الالتزام بالسعي إلى تسوية المنازعات المتوقعة بين الطرفين عن طريق التفاوض أو الوساطة خلال مدة زمنية محددة، وفي حال تعذر ذلك فيلجأ إلى القضاء أو إلى التحكيم، وألا يضمن أي إحالات إلى عقود أو مذكرات أو مراسلات دون تحدد علاقتها بالعقد المبرم، وعدم المبالغة في التفصيل مما يسبب تكراراً، أو ذكر ما لا علاقة له بموضوع البند، وأن يتضمن تحديداً للاختصاص المكاني لنظر النزاع.
وختاماً: فإن صياغة هذا البند تتطلب معرفة تامة بما يريد طرفي العلاقة التعاقدية، ولن يكون ذلك إلا بوضوح المقصد والشفافية المطلقة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734