3666 144 055
[email protected]
بالرغم من التوقع للاقتصاد العالمي أن ينمو في 2024 ولكن متباطئا بالمقارنة لمعدل النمو الاعتيادي قبل الجائحة، تظل الضبابية قائمة بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع معدلات التجارة البينية، ومع ثقل الديون على الدول الفقيرة، والتوترات الجيوسياسية العالمية المتصاعدة، فإن كل هذا يساهم في تكثيف هذه الضبابية، لتتساءل الشركات كيف يمكنها استغلال هذه الضبابية الاقتصادية في مصلحتها، بدلا من انتظار لحظة معايشة أيامها الأخيرة في غضون سنوات قليلة!
لا شك في أن ضبابية الاقتصاد العالمي لها تأثيرات كبيرة على الشركات ربما تصل لمستوى الكارثية، فتقلبات الأسعار لا تلمس السلع النهائية بمفردها ولكن كل شيء، ابتداءً من السلع الخام وحتى الأسهم، وهذا يؤثر على قدرة الشركات على التخطيط واتخاذ القرارات الاستراتيجية، فمن الصعب عليها أن تتوقع الطلب وتكاليف وتخطيط الإنتاج وتحديد الأسعار بشكل صحيح في ظل عدم استقرار الأسواق.
كما أن في مثل هذه الظروف فإن التغيرات في القرارات الاستثمارية والسياسات الاقتصادية في الدول واردة وبدون سابق إنذار في بعض الأحيان، وهذا يعني أن هذه الشركات أمام تحدي القدرة على التكيف مع التغيرات القانونية والضريبية والتجارية في مثل هذه البلدان، وإن كانت تختلف من شركة لأخرى حسب قطاع الصناعة وحجم الشركة والتوجهات الاستراتيجية المعتمدة.
هنا، فإن ضبابية الموقف الاقتصادي هو دائما المحفز للشركات المتمتعة بقيادات واعية في التعاطي مع التحديات بواقعية وتعتمد على المرجعية العلمية التطبيقية لكي ترتقي من خلال تطوير قدراتها في تحليل البيانات والتوقعات لفهم الاتجاهات الاقتصادية، ومن ثمّ تقدير التغيرات المحتملة بغية تمكنهم من اتخاذ قرارات استراتيجية متعلقة بتنويع المنتجات والخدمات والتوسع في الأسواق الجديدة.
الضبابية الاقتصادية توفر فرصًا للشركات كي تبتكر وتطور منتجاتها وخدماتها، فعلى سبيل المثال يمكن للشركات استكشاف حاجات العملاء المستحدثة أو تقديم حلول جديدة للتحديات الاقتصادية التي يعيشها الجميع، وهناك فرص أمامها لتوسيع نطاق عملياتها وتحقيق نمو جديد سواءً في الأسواق الناشئة أو الأسواق التي في طريقها للتعافي من الركود، أو من خلال الاستحواذ على الشركات الأخرى بأسعار منخفضة، مما يعزز من موقعها في السوق وتحقيق ميزة تنافسية إضافية.
الأمثلة عديدة لشركات استفادت من ضبابية الموقف الاقتصادي العالمي وحققت نموًا وابتكارًا، مثل شركة أمازون (Amazon) التي تحوّلت إلى واحدة من أكبر الشركات التجارية في العالم خلال الركود الاقتصادي في عام 2008، بعد أن قامت بتوسيع مجموعة منتجاتها وتحسين خدماتها اللوجستية، مما ساعدها في تلبية الطلب المتزايد على التسوق عبر الإنترنت وتحقيق نمو كبير.
حتى شركة أبل (Apple) الأعلى قيمة في العالم، استفادت من الضبابية الاقتصادية عندما قامت بإطلاق سلسلة منتجاتها النوعية مثل هاتفها المتنقل iPhone ولوح بيانات iPad وأجهزة الحاسب المحمول MacBook، فبالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي عاشتها، فقد استطاعت هذه الشركة التي تحلت (وما زالت) بقيادة ذات رؤية وعزيمة في تحويل الضبابية الاقتصادية إلى فرص للابتكار وتلبية احتياجات العملاء.
من المهم في فترات الضبابية الاقتصادية أن تكون الشركات قادرة على الاستجابة للتحولات السريعة في الاحتياجات والتوجهات الاستهلاكية، ومتى ما ملكت هذه الشركات لمثل هذه المرونة، يمكنها من تعديل استراتيجياتها وعملياتها لمواجهة هذه التغيرات، إلا أن النجاح في هذه المهمة يقتضي وجود قيادات ذكية وواعية ومتفائلة، فالاستفادة من هذه الظروف يتطلب رؤية استراتيجية قوية وعزيمة صلبة وقدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية وتلبية احتياجات العملاء.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734