الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في شهر رمضان المبارك يحرص الناس على أعمال الخير، ويظهر جليا الاهتمام بالجوانب الاجتماعية بمختلف أشكالها سواء بالمناسبات الاجتماعية بين الأقارب وغير ذلك، ويحرص الناس خلال هذه الفترة على التبرعات للمؤسسات الخيرية سواء بغرض إنفاق هذه الأموال في سبل الخير خلال الشهر الكريم مثل تفطير الصائمين، أو التبرع لمختلف الجوانب الاجتماعية، بل يحرص البعض على إخراج زكاته خلال هذا الشهر الفضيل رغبة في مضاعفة الأجر عند الله لما لهذه الأيام من ميزة للأعمال الصالحة.
التبرعات والصدقات والزكاة تعتبر موردا مهما للمجتمع، وجزءا رئيسا من بناء الاقتصاد الإسلامي، فالزكاة على سبيل المثال تعتبر إحدى أهم ركائز الاقتصاد الإسلامي كذلك الأمر في الوقف والتبرعات بمختلف صورها تعتبر ركيزة أيضا من ركائز الاقتصاد الإسلامي، إذ هي شكل من أشكال عدالة الشريعة الإسلامية في توزيع الثروة وتطهير للمال، إضافة إلى أن مثل هذا النوع من الالتزام من قبل الأغنياء للفقراء يعتبر إحدى أبرز صور الإخاء والتعاون وبناء أواصر التواصل والرأفة والرحمة بين أبناء المجتمع المسلم، وهذه الأسباب السابقة يمكن أن توصف بأنها ركائز مهمة للمجتمع للاستفادة منها لبناء اقتصاد عادل متوازن.
وهنا تأتي أهمية الجهود العملية لبناء إطار علمي للاقتصاد الإسلامي يهدف إلى صياغة حلول تعزز من إمكانات المجتمعات المسلمة اقتصاديا، وعلى المستوى التطبيقي فإنه من المهم ألا يكون دور المؤسسات الوسيطة بين الفقراء والأغنياء يقتصر على جمع المال وتوزيعه بصورة تقليدية دون أن يكون ذلك في إطار بعد تنموي يخدم المجتمع المسلم ويحقق له تفوقا اقتصاديا باعتبار أن مرجع الاقتصاد الإسلامي في إطاره العام هو الوحي، وتفوق المصدر يؤدي إلى تفوق التطبيق والنتائج.
التحديات التي تواجه المؤسسات الاجتماعية متعددة ومتنوعة، فالأركان التي يقوم عليها العمل الخيري هي الموارد والتوزيع والبرامج وهذه تتطلب مجموعة من الأدوات التي تعزز من كفاءة تعظيم الموارد، وانتقاء البرامج بكفاءة والعدالة في التوزيع بما يحقق الأهداف التي من أجلها تم تأسيس هذه المؤسسات، ولذلك من المهم العناية بالأهداف التي من أجلها تم تأسيس هذه المؤسسات لتحقيق دورها التنموي، وألا تكون الأهداف قد تمت صياغتها بطريقة سطحية لا تحقق تنمية حقيقية، فعلى سبيل المثال جمع الزكاة أو الصدقات للفقراء يعني أن الهدف هو القضاء على الفقر بين فئة معينة أو في منطقة معينة أو على مستوى المملكة مثلا، وبناء عليه فإن العمل لتحقيق هذا الهدف لا يتحقق فقط بالتأكد من أخذ المال من مصادر متعددة لإيصاله إلى مستحقيه من الفقراء، بل من خلال أن نتأكد أن من سوف يتم الإنفاق عليهم في هذا العام لن نجد جزءا منهم العام المقبل ضمن الفقراء أو المحتاجين حتى نصل إلى أن هذا الفقير قد يكون أحد مصادر تمويل هذه المؤسسات الاجتماعية لاستمرار برنامج القضاء على الفقر ويفترض أن يكون هذا هدفا واضحا للمؤسسة، وأن تبنى البرامج التي تحقق ذلك على هذا الأساس، فكما يتم العناية بتوفير احتياجات الفقير في هذا العام، يتم التخطيط لبرنامج متكامل يمكن الفقير من إيجاد مصدر كسب يحفظ له كرامته ويفي له باحتياجاته، وهكذا يتم الأمر بصورة تدريجية تضمن أن برامج معالجة الفقر تقود المجتمع إلى الاكتفاء من خلال برنامج يبدأ بتلبية الاحتياجات الأساسية للفقراء تلبيها برامج لتمكينهم من الكسب والاكتفاء بل يصل بهم إلى نوع من الرفاهة ووجود فائض، خصوصا مع توافر فرص الكسب الكبيرة في المجتمع بدليل استيعاب الملايين من القوى العاملة من مختلف دول العالم.
قد يكون من الصعب قيام مؤسسة بدور متكامل في هذا الجانب ومن هنا يأتي دور التنسيق والعمل المشترك بين المؤسسات الاجتماعية لتحقيق هذا الهدف، والعمل المشترك بين المؤسسات الاجتماعية يتم بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية وجهات التوظيف والعمل لبناء قاعدة بيانات وطنية وعمل مشترك للقيام بدور تنموي في المجتمع، فوجود حالات من الفقر والحاجة في المجتمع في ظل الإنفاق الكبير من الحكومة والمواطنين من خلال الصدقات والزكاة والبرامج الاجتماعية الحكومية مسؤولية لا تعفى منها المؤسسات الاجتماعية والخيرية كما والحال مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة.
فالخلاصة أن المؤسسات الاجتماعية مع الدور الكبير الذي تقوم به في المجتمع، فإن عليها مسؤولية لتحقيق تنمية حقيقة في إطار التعاليم الإسلامية التي تؤسس لبناء اقتصادي متكامل يحقق العدالة بين أفراد المجتمع، ويقود إلى تنمية تعزز من فرص تفوق المجتمعات المسلمة اقتصاديا.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال