3666 144 055
[email protected]
المعركة في سوق النفط من الصعب أن تحسم لمصلحة البلدان المصدرة للنفط رغم موقفها العادل. والسبب يعود إلى أن البلدان الصناعية التقليدية لا تسمح بذلك. فهذه البلدان ما وضعت النظام الاقتصادي والمالي العالمي إلا لتكون الكلمة الأولى والأخيرة فيه إليها، وضمن هذا الإطار جاء انشاؤها للوكالة الدولية للطاقة للحد من صولة الأوبك والتقليل من تأثير منتجي النفط على مستهلكيه.
وليس في هذا ما يدعو للاستغراب. فالتناقضات بين الأطراف المتصارعة كانت دائماً تحسم لمصلحة الأقوى، وهذا ما لم تأخذه ربما منظمة الأقطار المصدرة للنفط بعين الاعتبار عندما قررت في نوفمبر من العالم الماضي 2014 عدم الدفاع عن أسعار النفط المنخفضة وابقت معدل الإنتاج كما هو- على أمل أن يؤدي ذلك إلى تقليص حصة البلدان ذات تكاليف الإنتاج المرتفعة في السوق.
ولكن ما نراه الآن غير ذلك. فمنتجو الغاز الصخري في الولايات المتحدة قد زادوا انتاجهم بفضل التكنولوجيا الجديدة التي مكنتهم الاستفادة من عدة برك منفصلة من النفط من خلال ثقب عمودي واحد. الأمر الذي قلص تكاليفهم المرتفعة التي كانت تراهن عليه الأوبك. كذلك فإن روسيا التي لديها أكبر احتياط للغاز في العالم لم ترفع فقط حجم صادراتها من الطاقة، خلال الفترة الواقعة بين يناير إلى أغسطس الماضي، بنسبة 7.4% وإنما خفضت أيضاً سعر صرف الروبل إلى أكثر من النصف لتزيد عائداتها من كل برميل تبيعه.
والعرض ليس هو الجانب الوحيد الذي خذل الأوبك. فحسابات المنظمة كانت قائمة على أساس إن الطلب على مصادر الطاقة سوف يرتفع مع تحسن أداء الاقتصاد العالمي. وهذه الفرضية لم تكن بلا أساس. فالتوقعات كانت تشير إلى أن الاقتصاد العالمي يسير نحو التعافي، إلا ان التطورات في الصين قد قلبت المعادلة. فتراجع معدلات نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد قلص حجم الطلب على النفط على الرغم من بوادر النمو في الاقتصاد الأميركي والألماني، كذلك فإن رفع سعر الفائدة على الدولار في هذا الشهر سوف يعزز التوجهات السلبية للاقتصاد الصيني، وهذا من شأنه أن يوجه ضربة مزدوجة لأسعار النفط.
وهكذا فإن الإجراءات وحيدة الجانب من كافة الأطراف الرئيسية المشاركة في النظام الاقتصادي والمالي العالمي لم تساعد أي منها بل تركت بصماتها السلبية على مؤشرات أسواق المال فيها. وأهم هذه الأطراف هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا ومنظمة البلدان المصدرة للنفط. فهذه البلدان إذا ما استمرت في اتخاذ القرارات التي تناسبها وحدها فإن هذا من شأنه أن يقوض أي تعافٍ للاقتصاد العالمي. ولهذا يفترض أن تجلس هذه الدول مع بعضها ضمن مجموعة العشرين أو ضمن أي مائدة مستديرة أخرى وتتفق فيما بينها على انهاء الحروب الاقتصادية الخفية فيما بينها في العديد من المجالات كأسعار صرف العملات وحجم انتاج مصادر الطاقة وحصص المنتجين. فالاقتصاد العالمي لا يزال هشا ويحتاج التضحية من قبل كافة المشاركين فيه لمنع حدوث كارثة اقتصادية.
وهذا بالطبع ينقل الأمور من المجال الاقتصادي إلى السياسي. فقادة البلدان المشار إليها مدعوون بالفعل لإنقاذ النظام الاقتصاد العالمي من الانهيار.
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734