3666 144 055
[email protected]
dalsmyran@
منذ أسابيع قليلة أعلنت حكومتنا الرشيدة الميزانية المتوقعة لعام 2016م، وعقب ذلك قرارات عدة لسياسة اقتصادية شبه تقشفية منها رفع جزء من الدعم الحكومي عن أسعار الغاز والبنزين، نتج عن ذلك أراءٌ وحوارات مختلفة ومتضادة منها المعارض والمتذمر ومنها الراضي والحامد وبقي في نفسي ردٌ للصنف الأول من الأراء وهو: (أننا نعيش في ظل رخاء هذه المملكة سنين طوال؛ فلمَ لا نكون أهلًا لها في الضراء قبل السراء؟)
فها هي جهود الدولة تتابع في عدة خطوات مشهودة تهدف لموازنة الاقتصاد واستقراره منها إيقاف مخصصات المشاريع المتعثرة، والخبر الأخير الذي أثار ضجة الإعلام الاقتصادي وهو طرح شركة ارامكو السعودية كشركة مساهمة. وفي الحقيقة طرح شركة ارامكو السعودية ليس قرارًا وليد اللحظة فمتى ما عدنا للتاريخ وفي عهد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – بالضبط ، نرى أن ذات الفكرة قدمت وقتها كحلٍ لعدم قدرة الدولة لتحمل التكاليف الخاصة باستكشاف النفط في مراحل استكشافه الأولى، لكن الفكرة لم تجد قبولًا وقتها لسببٍ أو لآخر.
هذا وتعتبر شركة ارامكو السعودية أكبر شركة نفط في العالم تأسست في بداياتها نتيجة للشراكة السعودية الأمريكية وقت استكشاف النفط في السعودية ، وبعد ذلك تحولت ملكيتها بشكل كامل للحكومة السعودية في أوائل الثمانينات. كما تقدر قيمتها السوقية كما أعلنته وكالة “رويترز” بما يقارب تريليون دولار أو أكثر، وعند مقارنة ارامكو السعودية بشركة “إكسون موبيل” – أكبر شركة نفط مدرجة في العالم- فإن ارامكو السعودية تنتج ثلاثة أضعاف ما تنتجه “إكسون موبيل” بما يقدر بأكثر من عشرة ملايين برميل يوميًا، كما تبلغ احتياطيات الشركة أكثر من عشرة أمثال ما تملكه “إكسون موبيل” بما حجمه 15% من كل الاحتياطيات النفطية العالمية، وكل هذه القرائن تشير إلى أن ارامكو السعودية تتفوق بلا نزاع على كل الشركات العالمية في القطاع.
ولعلنا نتساءل الآن كيف يتماشى قرار إدراج شركة ارامكو السعودية في السوق السعودي مع توجهات سياسة المملكة لعمل إصلاحات اقتصادية؟ إليك بعض النقاط المساعدة على إجابة هذا الاستفهام:
أولًا: أن طرح شركة بحجم ارامكو السعودية يجعلنا نأتي على رأس قائمة الطروحات الأولية الأكبر في العالم بعد طرح البنك الأهلي التجاري لتصنف ارامكو السعودية كأكبر اكتتاب عالميًا متفوقة على شركة علي بابا الصينية والذي بلغ حجم اكتتابها 25 مليار دولار. ناهيك عن الوضع الذي سيرثى فيه حال شركة “آبل” أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في العالم بما يقدر 530 مليار دولار، إذا ما خلفتها ارامكو السعودية في أعقابها لتحتل المركز الأول. فالاكتتاب الذي ستشهده ارامكو السعودية سيكون الأضخم عالميًا ولاشك بأنه سيحظى بتغطية ضخمة. ثانيًا: نتيجة لذلك فسيزداد ضخ الأموال الأجنبية بشكل كبير في سوق الأسهم السعودية لاقتناص فرصة الشراء في أكبر شركة نفط في العالم. ثالثًا: الدعم الكبير الذي ستقدمه ارامكو السعودية لسوق الأسهم السعودي؛ فإدراج أسهم شركة بحجم ارامكو السعودية سيوفر مبالغ كبيرة – سيولة ضخمة- في ظل الضغوط التي يعاني منها الاقتصاد السعودي في ظروف انخفاض أسعار النفط. رابعًا: تحول الشركة لشركة مساهمة عامة سيزيد من الشفافية فيها وتوافر المعلومات وزيادة الكفاءة والفاعلية وكذلك توسعها عالميًا.
هذا وتدرس الشركة سيناريوهين خاصين بالطرح أولهما هو بيع حصة مناسبة من أصولها مباشرة، و الثاني هو طرح حزمة كبرى من مشاريعها للاكتتاب في عدة قطاعات وبالتحديد قطاعي التكرير والكيميائيات وهذا ما يتوقعه أغلب المحللون. ويبقى الأثر الايجابي الذي سيخلفه طرح شركة ارامكو السعودية في السوق السعودي كبيرًا ولو كانت الأسهم المطروحة قليلة. فلو فرضنا أن الشركة ستطرح 5% فقط من أسهمها وهو ما يعادل 680 مليار ريال أي ما يعادل أكثر من ثلث قيمة سوق الأسهم السعودي! أي أن إدراج الشركة سيرفع القيمة السوقية للأسهم السعودية إلى 5٫2 تريليون ريال، على اعتبار أن القيمة السوقية للأسهم المحلية تبلغ وفق آخر إغلاق 1٫4 تريليون ريال. هذا ولاشك من أن طرح ارامكو السعودية سيسحب السيولة المتاحة من المستثمرين فترة الاكتتاب بغية المشاركة فيه، كما يتوقع أن يكون هناك جدل وقلق حول شرعية الاكتتاب نظرًا لتعدد التعاملات والعقود التي تقوم بها الشركة.
دلال
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734