3666 144 055
[email protected]
AhmedAllshehri@
حقق الاقتصاد السعودي نمو قوي خلال العشر السنوات الماضية، ونتيجة للنمو وارتفاع مستوى الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، أصبح هنالك تركز مالي كبير لدى الشركات التي تتلقى الإنفاق الحكومي من مشروعات البنية التحتية والخدمات، ولم يتم توجها إلى القطاعات الاستثمارية بالتساوي؛ لقصور في جهاز وزارة الاقتصاد والتخطيط.
أدى ذلك إلى تولد فوائض مالية عالية في خزائن وحسابات الشركات وتوجهت معظم الأموال من القطاعات المنتجة وغير المنتجة للعقار طمع في الثراء السريع؛ مما جعل العقار يستقبل تلك الفوائض النقدية كملاذ آمن ومربح – ولا سيما أن الشركات القابضة والصناديق الحكومية والصناديق العقارية المتخصصة ومٌلاك الثروات الفردية ضخوا المزيد من الاستثمارات الإضافية.
ورفع ذلك من وتيرة المضاربة ودفع الأسعار إلى مستويات قياسية وتضاعفت الثروات في سنوات معدودة وتضخمت قيمة إيجارات المساكن على حساب تآكل دخل الطبقة المتوسطة، ومن أطلق شرارة تضخم الأسعار العقارية، المستثمرين من القطاع المالي والتشييد.
ثم إن البنوك ساهمت في تعطيش السوق من خلال قبول أصول الشركات والأفراد من الأراضي كنوع من الرهون في مقابل التمويل النقدي، أما الاحتكار والاكتناز للأراضي فقد أصبح علامة بارزة في السوق؛ لضعف القنوات الاستثمارية والتشريعية والتنظيمية.
صانع القرار يولي ملف الإسكان أولوية – ولا سيما أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء جاء بعد مطالبة من الرأي الاقتصادي كحل للأزمة وليس إيراد ضريبي كما هو معمول به الدول الضريبية.
أدركت الصناديق الحكومية والصناديق المتخصصة والشركات الكبرى والبنوك أن فرض الرسوم على الأراضي سيؤدي إلى خفض القيمة السوقية؛ مما دعاها إلى سرعة التخارج من السوق و وقف النزيف بالبيع.
الأزمة ناتجة من تعطيش الأراضي السكنية لصالح أصحاب الفوائض؛ مما جعل الأراضي سلعة استثمارية صعبة المنال مما حرم الشباب والأقل دخل، وهذا دفع الحكومة إلى إقرار استثمارات ضخمة لزيادة المساكن لصالح الأقل؛ ولكن تلك المشاريع لم تظهر إلى الواقع حتى اليوم؛ لضعف وزارة الإسكان وعدم قدرتها على الوفاء بما أعلنته.
أطلقت مؤسسة النقد برامج للتمويل من خارج المصارف لتمويل المساكن بنسبة 85% في مقابل أن المصارف تمول بنسبة 70%، وفي الحقيقة أن زيادة التمويل وربط دخل المواطن بقروض طويلة تصل إلى 30 سنة ليس عمليا من الناحية الاقتصادية في ظل ضعف الدخل الحقيقي للمواطن.
أرى أن بقاء 30 أو 40% من دخل المواطن لن يفي بمتطلبات الحياه في مواجهة التضخم الناتج من مشاكل هيكلية في الاقتصاد – ولا سيما في اقتصادي قوي ومتين مثل الاقتصاد السعودي الذي يسعى إلى تخصيص خدماته وسيرفع الفاتورة على المواطن بشكل يخلخل دخله الحقيقي إذا لم يتدارك ذلك مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ومن خلال سياسات احترازية وعمل مراجعات دقيقة على الجهات المرشحة للتخصيص وقياس الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
تخارج الشركات والصناديق المتخصصة من بعض مشاريعها والبنوك عملت على استيفاء حقوقها من الرهونات العقارية، كلها عوامل تدعوا للتفاؤل بمستويات سعرية قياسية تجعل من وعد القيادة للمواطنين بتملك مساكن أمر واقع وميسور للجميع.
ثم إن البناء الفردي والتطوير العقاري للشركات الصغيرة التي تشتري الأراضي بسعر السوق الحالي وتبني بشكل سريع ستكون هي الشركات الرابحة؛ لدوران رأس المال بسرعة مدعومه بانخفاض أسعار مواد البناء، أما الشركات التي تحاول تعويض موجات الانخفاض القديمة ستتكبد المزيد من الخسائر وقد تخرج من السوق بخسائر، والبناء الفردي بعد توفر الأراضي سيكون النموذج السائد.
الحل بيد المواطن، تراجع الأسعار مرهون بمدى تجاهله للعروض التمويلية العقارية طويلة الأجل؛ لأن زيادة التمويل من الشركات التمويلية والبنوك سيدعم بقاء الأسعار دون تغير، ومن الناحية الاقتصادية بقاء العرض النقدي مرتفع يؤدي لعلاقة طردية مع السعر ويدعم استمرار الغلاء.
وفي ظل السياسات التقشفية الحكومية، وسعي شركات التمويل إلى الإقراض وتناقص طلبات التمويل، ستضغط على الأسعار؛ مما سيجعل التمويل خيار مناسب للمواطن بفوائد مقبولة خلال الأعوام القادمة.
الادخار يعتبر الخيار المثالي، من خلال الادخار المباشر والقروض الشخصية بأسعار فائدة منخفضة والاحتفاظ بها وتأجيل قرار الشراء إلى سنوات قادمة حتى يفيق العقار من جنونه أو تنتهي وزارة الإسكان من مشاريعها وتبيع منتجاتها بأسعار مدعومة وغير مجنونة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734