الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يمكن لقطاع اقتصادي ان يحلق بعيدا عن الواقع الاقتصادي الكلي للوطن. ولا يمكن لمظهر سلبي ان يستمر للأبد دون تصحيح، كما لا يمكن للفوضى ان تدون مهما بلغ حجمها وقوة المأثرين بها. كل فوضى مصيرها للزوال وكل صواب لا بد وان ينتهي بالتطبيق. تقرير سنشري 21 العقاري الأخير جاء ليقدم ارقام مهمة يمكن تحليلها وقراءتها وربطها مع مجمل الاصلاحات التي تحدث وما يصاحب الاصلاحات من تغيير يهدف للتأقلم معها.
التقرير اشار الى ان الاراضي السكنية في الرياض انخفضت من 5٪ الى 20٪ بناء على الموقع، ويمكن قراءته هذه النسب على انها انعكاس لوفرة المعروض الناتجة عن تطوير مزيدا من الاراضي السكنية والمدفوعة من محاولة تفادي رسوم الاراضي البيضاء، مما نتج عنه وفرة في المعروض ادى لضغوطات سعرية بالنسب التي تعرض لها تقرير سنشري 21. والجدير بالذكر ان عدد صفقات الاراضي زاد بنحو 8٪ عن العام المنصرم، بينما قيم الصفقات انخفض ب16٪ ، وهذا يشير الى ان المضاربات على الاراضي ما زالت قائمة، بل وزادت كنتيجة لانخفاض السعر، وهذا أمر صحي لإبقاء السيولة في القطاع بعيدا عن الفقاعات والمبالغات الغير مقبولة.
كما أشار التقرير الى تحسن نسبي في تداولات الشقق السكنية مقارنة ب2016 ، وهذا لا شك يعكس تغيير في الذائقة السكنية للساكنين حيث اصبحت الشقق اكبر طلبا من الفلل كما أشار التقرير، والتغير في الذائقة لا شك انعكاس للتغير العام في القدرة الشرائية، وربما ايضا في الثقافة السكنية اجمالا.
التقرير ايضا سلط الضوء على ايجارات المكاتب. والنقطة المهمة هنا ان الطلب على المكاتب فئة أ شهد انخفاض، وتوقع التقرير مزيدا من الانخفاضات القادمة خصوصا مع اكتمال مشروع حي الملك عبدالله المالي و مجدول ومشروع واجهة الرياض. والحقيقة ان هذا الانخفاض ليس انعكاس لمزيدا من المعروض فقط، بل هو انعكاس لمزيدا من الترشيد في انفاق القطاع الخاص على المكاتب الفخمة والتي يمكن الاستغناء عنها بمكاتب اكثر عملية واقل سعر. هذا الترشيد في الانفاق على المكاتب من القطاع الخاص فرضته الظروف الحالية التي يسودها الترشيد و ضبط المصاريف.
ايضا من الأمور التي تعكس ترشيد في الانفاق، نسبة اشغال الشقق المفروشة مقارنة بالفنادق، حيث بلغت نسبة اشغال الفنادق 58٪ مقارنة بالشقق المفروشة ذات العلامة التجارية والتي بلغت بها نسبة الاشغال 65٪، وهذا يقرأ لا شك على انه ترشيد من قبل الافراد حين السفر، فالترشيد ليس مقتصر على سلوك الشركات فقط.
تقرير سنشري 21 جاء ليؤكد ان قطاع العقار جزء لا يتجزء من الاقتصاد ويتأثر به كما و يؤثر فيه. بل يمكن القول ان الأثار النهائية لاي حالة اقتصادية يمكن ان تصب في النهاية في القطاع العقاري الذي سينعكس عليه كل شي، والذي يظهر فيه كافة التغييرات في النهج والسلوك الاقتصادي بل وحتى التغييرات في التشريعات والأنظمة ايضا. القطاع العقاري بضخامته تغير نحو التصحيح السعري وأصبح أكثر انسجاما مع الواقع الاقتصادي واكثر تجاوبا مع متغيراته، وما زال للتصحيح بقية كما أشار التقرير الغني بمعلوماته وارقامه، ولعل العامل الأقوى في اي تأثير قادم وزارة الإسكان، التي ستوفر المزيد والمزيد من الاراضي المطورة والمساكن الميسرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال