الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد جهد كبير للدولة خلال العقدين الماضيين ممثلة بوزارة العمل وحثها المتواصل بسعودة وتوطين الوظائف واهتمام يصل لدرجة إجبار الشركات والمؤسسات الخاصة بتوظيف وتسهيل توظيف الشباب والشابات السعوديين أصبح تواجد الموظف والموظفة الوطنيين في القطاع الخاص حقيقة واضحة للجميع ونشاهدهم في أغلب الوظائف تقريباً .
واقولها لقد نجحت وزارة العمل في إيجاد فرص عمل ودعم التوطين والسعودة من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية.
كان تركيز وزارة العمل على توطين الوظائف الدُنيا إلى المتوسطة لأنها ذات العدد الأكبر في القطاع الخاص خصوصاً شركات البيع والتجزئة أي وظائف البائعين وموظفي الإستقبال ومحاسبي المحلات التجارية (الكاشير) وفعلاً حصل فيها إحلال واسع النطاق من الأيدي العاملة الوطنية شمل كافة مناطق المملكة.
لكن ماذا بعد ؟
من توظف كان في تصوره أن تكون هذه الوظيفة مصدر رزق مستدام يعطيه حياة كريمة له ولمن يعولهم ، أيضاً كان يطمح في أن يأتي يوم ويترقى ويصبح رقم صعب في مجال العمل الذي يقوم به وهذا شيء طبيعي لكل شخص يعمل ويجتهد ولا يقتصر على الموظف السعودي بل هذا من أبسط حقوق أي موظف .
دخل الموظف السعودي معترك العمل في القطاع الخاص الذي كان مهيئً للوافدين في بيئة عمل صعبة جداً لأي إنسان وأول ما اصطدم به ساعات العمل الطويلة التي قد تمتد إلى 10 و 12 ساعة باليوم طوال ستة أيام في الأسبوع ويوم واحد للراحة حتى أنه يوجد بعض الشركات بلا راحة ثابتة.
العامل الوافد ممكن أن يتحمل هذا النظام لعلمه أنها فترة مؤقتة له في البلد يجمع بها مبلغ ويرجع لبلاده أما بالنسبة للمواطن السعودي فكما هو معروف إرتباطه بواجبات والتزامات عائلية قد تتعارض مع هذه الأوقات فقد وجد أنه يعيش للوظيفة وينام للوظيفة لا شيء غير ذلك.
ثاني صدمة تعرض لها الموظف السعودي انه وافق على راتب قليل أو متوسط على أمل أن يتزايد مع سنوات خدمته لكن ماذا حدث ؟ الموظف لم يتحصل على أي زيادة سنوية حتى وإن كان منضبط ومجتهد وحتى لو ترقى إلى مشرف أو مدير فهو لن يتحصل إلا على المسمى فقط وزيادة في المسؤولية !
ثالث صدمة تعرض لها الموظف السعودي هي أنه يمثل فئة الأقلية في وسط أغلبية وافدة وللأسف كان يتعرض لظلم الأكثرية بشكل أو بآخر لما يشكله من تهديد لهم بأخذ أماكنهم إذا نجح في العمل فهو إبن البلد والأولى منهم به فكان أشبه بالغريب في وطنه تتقاذفه ايدي التسلط الأجنبي بمرأى ومسمع المسؤولين في الإدارة الذين هم عادةً من الوافدين وبتغاضي وسكوت أصحاب الشركة .
بعد هذا كله من الصعب أن يثبت الموظف السعودي في مكان فأخذ يتنقل بين الشركات بحثاً عن سراب الإستقرار مما نتج عنها ظاهرة التسرب الوظيفي التي أعيت وأربكت العمل في الشركات والقطاع الخاص كله .
هناك حقيقة أن أعداد البطالة والباحثين عن العمل في ازدياد وهذا لأنه ما من إعلان لوظيفة شاغرة إلا وتجد المتقدمين لها الذي هم على رأس العمل أكثر من حديثي التخرج لأنهم باحثين عن الإستقرار الذي لم يجدونه ولن يجدوه إلا بتفعيل دور تنمية الموارد البشرية .
في رأيي لن ينجح التوطين والسعودة والقضاء على البطالة إلا بتطوير البيئة الوظيفية الطاردة وتحويلها إلى بيئة عمل جاذبة تبعث إلى الإستقرار وتعطي كل ذي حقٍ حقهُ وتنتظر للموظف أنه مورد أساسي يجب أن يُستثمر بالشكل الصحيح .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال