الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يواجه بعض المبتعثين عقبة “امتداد التخصص” المشترطة للابتعاث، وقد غضّت الطرف وزارة التعليم – في وقت مضى- في تطبيق هذا الشرط على بعض أصحاب التخصصات كخريجي اللغة العربية وغيرها ، لكن ظلّت العقبة ماثلة وواجهتهم مرّة أخرى في التوظيف في الجهات الأكاديمية. وليس الباعث لهذا المقال هو البحث عن حلّ لهذه المشكلة بل هو لفت الانتباه لأهمية عدم “امتداد التخصص” أو ما يسمى بـتداخل التخصصات (Interdisciplinary)، وضرورة وجود هذا التداخل في بيئاتنا العلمية الأكاديمية والعملية الوظيفية.
وهذا المصطلح قد نشأ في القرن الماضي وتطوّر في العقود الأخيرة منه ، ويبدو أن حضوره في أمريكا أكثر من غيرها ، أما في تخصص القانون فهو إجباري فكليات القانون هي للدراسات العليا فقط ولا يوجد فيها برامج بكالوريوس، ومع ذلك تجد كثيراً أستاذ القانون قد درس البكالوريوس في الاقتصاد ثم درس القانون ( – JD دكتوراه مهنية) ثم دكتوراه فلسفية PhD في الاقتصاد أو إدارة الأعمال، سيما في كليات القانون العشر الأولى في التصنيف، ولذلك يدرّس مادة (القانون والاقتصاد) أستاذ متخصص فيهما ، وهكذا مادة (تاريخ القانون) يدرّسها متخصص في التاريخ والقانون ، وقد لحظت أثر هذا التداخل الإيجابي حين درست هذه المادة وكان الأستاذ يمزج بين المباديء القانونية وأصولها التاريخية وقواعد دراسة التاريخ وتحليله وأثرها في تطوير القواعد القانونية.
ولن يكون لأمريكا السبق في هذا لو أدخلنا في المقارنة طريقة علماء الإسلام المتقدمين وإلى عهد قريب في المدارس والرباطات وحلقات العلم في الجوامع والمساجد، فالعالم يدرّس الحديث والفقه والحساب واللغة والمنطق والشعر ويتفاوت النبوغ والتميّز وكذا التخصص، لكن سياق الحديث عن التعليم الجامعي النظامي.
وقد قيل بأن الإغراق في الدراسات المتخصصة في المائة سنة الماضية كان أحد أسباب الاهتمام المتزايد مؤخراً بهذه الطريقة في التعليم، ومن جهة أخرى ظهرت الحاجة له لعدم تطابق نتائج البحوث الموحدة بين متخصصي التاريخ والاقتصاد -على سبيل المثال- في موضوع مشترك بين التخصصين ، وغير ذلك من الأسباب والتي أرى أنها لا زالت مجالاً لبحوث الدراسات العليا فيما يتعلق بتطبيقاتها والحاجة لها لدينا في المملكة على الأقل.
وقد كنت علّقت في أكثر من مناسبة في تويتر عن أهمية هذا الأمر، لكن حفّزني للكتابة أنْ كنتُ بالأمس القريب أمام تطبيق جميل لهذا التداخل في التخصصات. ففي مؤتمر لطلبة الدكتوراه ، كان المحاضِر الأخير أستاذ قانون في جامعة جورج واشنطن وعنوان محاضرته (Public Speaking) الإلقاء أو على وجه التحديد (الإلقاء المتميز للورقة العلمية)، وقبل أن يأتي المحاضِر كان التعريف الأنسب له بأنه متخصص في القانون وفي الإلقاء أيضاً فقد درَس البكالوريوس في تخصص المسرح والدراما منجامعة برينستون وبعد سنوات من العمل في مجال المسرح والتمثيل والإلقاء درَس القانون في جامعة كولومبيا، وعمل محامياً ومترافعاً متميزاً أمام كثير من المحاكم الأمريكية، ودرّس الإلقاء للمحامين وطلبة القانون في دورات ومحاضرات عامة وضمن بعض المواد في كليات القانون.
وبعد نهاية محاضرة هذا الأستاذ، كنت أستطيع أن أقول أنه منذ بداية دراستي للغة الإنجليزية في بريطانيا ثم الماجستير و الدكتوراه –حالياَ- في أمريكا حضرت وسمعت من يتحدث عن مهارات الإلقاء مرات عديدة لأنها جزء أصيل من المهارات المرتبطة بالطريقة الغربية للتعليم ارتباطاً أساسياً ، لكني لم أشهد أفضل من هذا المحاضر لا في مادته وتفاصيل طرحه ولا في أساليب إلقائه و لا حتى في إجاباته المتميزة على الأسئلة والتي استغرقت ساعة كاملة.
ولذلك ينبغي أن نؤمن بأهمية “عدم امتداد التخصص” أو بالأحرى “تداخل التخصصات”، ونتحرك خطوة للأمام للاستفادة من هذا النهج بما يتوافق مع بيئاتنا الأكاديمية وقطاعاتنا الوظيفية وسوق العمل.
• انتهى المقال فبإمكانك التوقف عن القراءة. ولكن بما أنه بقي في الصفحة متسع – وهذه ميزة في الصحف الاليكترونية لا يدركها إلا كاتب، وقد يكتوي بصلاها القارئ إن طال الكلام بلا معنى جديد- لذا سأشارككم بأهم محاور المحاضرة ، وإن كان “ما راءٍ كمن سمع” :
( 10 مبادئ لإلقاء متميز لورقتك العلمية)
1. الكلمة التعريفية بورقتك العلمية منفصلة تماماً عن الورقة العلمية. فلا يلزم التقيد بهيكلية الورقة أو البحث ولا تقسيماته، بل المهم كيف تصل الفكرة للمستمع بوضوح.
2. تجنّب الاعتذار في بداية الحديث. سواء عن قصر الوقت أو ضيق الوقت للتحضير أو لأي سبب آخر فهو حتماً سيأخذ جزءاً من اهتمام الحاضرين وتهيؤهم لما ستقوله.
3. ابدأ الحديث بخارطة عامة (Road-map) للكلمة. ويجب أن تكون مختصرة مثل: سأتكلم عن نوعين وتحت كل نوع ثلاثة أقسام أو أمثلة وتطبيقات.
4. تجنب القراءة من الورقة أو الشاشة. واستخدم مذكرة مختصرة للنقاط الرئيسية فقط.
5. اعرف المستمعين واختر ما يناسب الحال.
6. تحدث للمستمعين وكأنك تخاطبهم لا أنك تقول شيئاً قد حفظته. انظر للحاضرين وتحدث كأنك في نقاش أو محادثة، وحتى لو نسيت شيئاً كنت ترغب في قوله، فغالباً الحضور يحتاجون تفاصيل أقل مما يعتقد المتحدث.
7. ليكن حديثك موجزاً و مباشراً. فالناس لا يعترضون أو يتضايقون ممن ينهي مشاركته قبل انتهاء الوقت المحدد.
8. لا تعتمد كثيراً على شرائح العرض ولتكن مختصرة. فهي أداة لتسهيل الفهم فاحذر أن يتشتت المستمعون بتفاصيلها أو كثرتها من غير حاجة.
9. اعتن بتهيئة أدوات العرض وتفاصيلها. فمن غير المناسب أن تخسر دقيقتين محاولاً تشغيل شرائح العرض أو تخفيف إضاءة القاعة، أو تهمل استخدام الميكرفون أو تكون بعيداً عنه فينشغل الحضور بك عسى أن تقترب منه او تتنبه له.
10. النهاية القوية. ينبغي أن تنهي محاضرتك قوياً تشعر الجمهور بأنك أوصلت لهم ما تريد وفي الوقت المحدد، فلا تعتذر عن عدم إكمال الفكرة أو أن بإمكانهم التواصل معك أو قراءة شيئاً إضافياً ليفهموا محاضرتك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال