الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في مقال للزميلة الدكتورة رنا القاضي بعنوان ” بين اللهجات..سقطت سهوا” والمنشور في صحيفة عكاظ في تاريخ السادس من رمضان لهذا العام حيث تمت مناقشة موضوع مهم وهو غزو اللهجة العامية إعلانات الشوارع وتصدرها في عناوين البرامج السعودية وتساءلت الدكتورة رنا في هل هذه الطريقة ابتدعتها هيئة الإذاعة والتلفزيون لجذب المشاهد أم أن ضعف مستوى الطرح عزز من ظهور اللهجة العامية؟
والحقيقة أن النظر من زاوية أن تلك الممارسات قد تتسبب في اهمال اللغة العربية وتعزز من إحلال العامية على حساب العربية الفصحى هي نظرة منطقية ولها أسبابها. أما بالنظر من وجهة نظر تسويقية فربما تختلف عن ذلك. فالجمهور المستهدف في الرسالة الإعلانية مهم جداً في صياغة وحياكة الإعلان نفسه. فخصائص ذلك الجمهور مثلاً فئته العمرية، جنسه، مكان اقامته، هواياته…الخ تحدد ما إذا كان من الأفضل استخدام لهجة أو لغة معينة على حساب الأخرى. وفي دراسة مبدئية عملتها في 2016 عن مواصفات الإعلان الجيد في تويتر من وجهة نظر المستهلكين السعوديين، فقد انتهت الدراسة بعدد من النتائج كان منها تفضيل استخدام اللهجة العامية الشبابية إذا كانت الشريحة المستهدفة هم الشباب، فالتحدث بلغة أو لهجة المستهلك المستهدف قد يكون لها دور فعال في توصيل الرسالة الإعلانية كما ينبغي.
هوية الجهة كذلك لها علاقة باختيار لغة أو لهجة الرسالة الإعلانية، فحتى لو كانت الفئة المستهدفة هم الشباب، فهوية الجهة “كعلامة” يحتم عليها أخذ ذلك بعين الاعتبار، هناك عدد من الآراء مثلاً ترى أن الوزارات والجهات الرسمية مهم التزامها بلغة رسمية تمثل الصورة الذهنية لتلك الجهة ويتم تطبيق ذلك حتى في الحملات الإعلانية الخاصة بها، وأنا اتفق مع هذا التوجه إلا لوكان الغرض من الحملة الإعلانية على درجة عالية من الأهمية، فلابأس من وجهة نظري في أن يتغير صوت الجهة الرسمية تلك في حملة معينة نظراٍ لأهميتها بل وأرى أن تلك الاستراتيجية فعالة في النشر وسرعة الوصول تماماً كما حدث في حملة وزارة التجارة والاستثمار “سلمني واسلم” والتي لا أزال أبدي اعجابي بها.
في الحقيقة لا أتمنى أن يتم أخذ المحتوى باللهجة العامية على إنه لغة الإعلام السعودي فبلا شك أن اللغة العربية الفصحى هي جزء من هويتنا وثقافتنا العربية وربما يكون التوجه للهجة العامية له أثر في ضعف اللغة الفصحى خصوصاً لدى الفئة العمرية الأصغر سناً. وهذا يذكرني بما قرأناه عن النقاشات الأدبية بين لطفي السيد والذي نادى بتمصير اللغة العربية وبين مصطفى صادق الرافعى الذي دافع لصالح استخدام اللغة الفصحى. ويبدو أن فريق لطفي السيد انتصر على الأقل في تمصير الإعلانات المصرية فإنه من القليل جداً أن تشاهد اعلاناً مصرياً لغته فصحى وأعتقد أن إخواننا المصرين وجدوا أن تمصير لغة الإعلانات لها أثر إيجابي في تحقيق الأهداف الموضوعة مسبقاً.
خلاصة القول: صناعة الإعلانات هو بلا شك صناعة ليست سهلة ولضمان تحقيق الأهداف، لابد من دراسة كل اعلان على حده بحسب أهدافه والفئة المستهدفة به. فما ينجح في وقت وزمن معين، ليس بالضرورة أن ينجح في وقت وزمن آخر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال