الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تلقّيت دعوة كريمة للمشاركة في لجنة تحكيم مسابقة جامعة طيبة “طيبة تبتكر” في مرحلتها ما قبل النهائية. قدّمت في موسمها الثالث – هذا العام – ما يزيد عن 1150 مشارك. تركزت المشاريع المُقدّمة على المدن الذكية وخدمة قطاعات العُمرة والزيارة وتجارة وصناعة مشتقات النخيل والتمور. تمّ قبول 103 فريق في المرحلة الأولى. ووصل منهم 48 لخوض المرحلة الثانية والتي انتهت بتأهل 24 فريق للمرحلة الثالثة والنهائية. التي ستُقام مسابقتها – في 16 مارس القادم – أمام لجنة من كبار المستثمرين المحترفين محلياً واقليمياً.
بالرغم من زياراتي للعديد من جامعاتنا السعودية الفتيّة والتعاون معهم في مجالات شتّى مثل إلقاء المحاضرات أو تقديم ورش العمل للطلاب أو تحكيم مسابقات تحت مظلّة العمل على تطوير بيئة الابتكار وريادة الأعمال، الا أن جامعة طيبة شدّت انتباهي من خلال وادي طيبة في العمل الجاد لتأسيس منظومة ابتكار وريادة أعمال تخدم منطقة المدينة المنورة. تركز على الابتكار في التقنيات الناشئة مثل البلوك تشين، انترنت الاشياء، الذكاء الاصطناعي، الواقع المعزز والافتراضي، والألعاب.
المدهش في الموضوع هو أن كل ما رأيته من انجاز ونتائج على أرض الواقع – شاملة لتدريب المشاركين في المسابقة – حصل في وقت زمني ضيق. هذا جعلني أتساءل أثناء زيارتي عن ماهي معادلة النجاح التي توصّلت لها جامعة طيبة لكي تصل لمثل هذا الإنجاز وفي وقت قياسي!
كان جلياً أمامي أن جامعة طيبة تنتهج أسلوب عمل خاص بها لتفعِيل بيئة الابتكار وريادة الأعمال. يعتمد على ثلاث مبادئ تُمثّل نموذجاً يُحتذى به:
أولا:
قيادة الجامعة لم تعكس فقط متطلبات الرؤية، بل تبنّت تطلعات عرّابها في أن أوكلت قيادة وادي طيبة للكفاءات الشابة. هذا أمر لم نتعود عليه في الكثير من جامعاتنا في تعاطيها مع تأسيس المشاريع الجديدة، حيث لاتزال الوجوه الأكاديمية التقليدية عادة هي من تتسيّد المشهد في مثل هذه الحالات. إضافة، لم الاحظ أي إشارة – في كل ما رأيته – تدل على الاعتماد على مستشارين خارجيين لبناء خطة عمل الوادي. كان واضح أن الثقة وضعت في الكفاءات الوطنية لكي يضعوا خطة عمل تستجيب لمتطلبات أهداف رؤية المملكة 2030 ومن ثم التنفيذ والتعلم من المخرجات نحو التطور.
ثانياً:
الكفاءات الشابة والمختارة بعناية أظهرت مستوى راقي في انكار الذات لأجل المصلحة العامة. في لحظات كثيرة لم أكن متأكد من هو رئيس وادي طيبة. بل كنت لا أميز – في أول وهلة – من هو الأستاذ الجامعي ومن هو الموظف الإداري. ربما هذا عائد للتواضع الجم في أهل المدينة المنورة وهي ميزة لا ينافسهم فيها أحد. الكل كان سلوكهم وكأن كل واحد منهم هو المسئول الأول عن نجاح الوادي. هذه إشارة إيجابية بأن المناخ العام للجامعة ووادي طيبة متعافي جداً.
ثالثاً:
العمل بمنهجية تدريجية بالابتداء بما هو مُمكِن تنفيذه وعملي المخرجات في بناء برامج يقدمها الوادي حسب متطلبات خلق بيئة ابتكار وريادة أعمال طبيعية تناسب منطقة المدينة المنورة. والتي تحتاج في البداية عملية تثقيف وتأسيس لأبناء المنطقة خصوصاً والوطن عموماً. لذلك، نرى أن الوادي بدأ بتقديم مجموعة من البرامج التي تزيد من المحتوى المحلي في التقنيات الناشئة مثل التدريب الصيفي، “هاكثون” التمور ومسابقة “طيبة تبتكر”.
المدهش حقاً هو أن وادي طيبة فتح أبوابه أمام طلاب وطالبات المرحلة الثانوية للالتحاق ببرامجها. وهذه خطوة جريئة وهامة تحسب للجامعة والوادي في تحضير متسابقين ورواد أعمال مستقبلاً.
لا بد أن أرفع العِقال تحية لمعالي مدير ومسئولي جامعة طيبة. الذين قدموا نموذج في كيفية وضع الثقة في كفاءاتنا الشابة التي هي الأعرف بمتطلبات المستقبل أكثر – وتعمل برشاقة أعلى – من غيرهم. وأيضاً لسعادة رئيس وادي طيبة وفريق عمله. ما رأيته ولامسته من انجاز في وقت قياسي فاق توقعاتي مقارنة بتجاربي مع بعض الجامعات الأخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال