الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سننتج حليب طبيعي بدون الحاجة إلى بقرة؟ استمعت بتعجب شديد لهذه الجملة من مؤسسي شركة سنغافورية سجلت براءة اختراع تكنولوجيا جديدة لإنتاج الحليب الطبيعي في المعمل من خلال تكاثر خلايا غدد الثدي التي يمكن استخلاصها من البقر, والماعز وحتى الانسان. نعم الانسان!
استبعادي لنجاح الشركة لم يدم طويلا” بعد شرحها لي بأن ما يقومون به قد نجح بالفعل في قطاع اللحوم الذي توقع بنك باركليز أن يصل قطاع اللحم المنتج معمليا إلى 140 مليار دولار بحلول العام 2029. كما توقع مكتب اي تي كيرني الاستشاري أن تمثل اللحوم المنتجة معمليا على 60% من إجمالي إنتاج اللحوم عالميا بحلول عام 2040.
تبدلت علامات الاستفهام بعد ذلك إلى شغف لمعرفة المزيد, فوجدت أن فرص نجاح هذا القطاع المثير للاستغراب, أكبر من ما يتخيله الكثيرون ويبدو أن الكثير من الصناديق الاستثمارية أصبح لديها نفس القناعة. آخر هذه المؤسسات صندوق كي بي دبليو للاستثمارات المملوك للأمير خالد بن الوليد بن طلال وتايسون فنتشرز الذراع الاستثماري لأكبر شركة في العالم في قطاع إنتاج لحوم الدواجن.
هناك ثلاث دوافع تغذي النمو المضطرد, أو بالأصح السباق المحموم على الاستثمار في هذة التكنلوجيا:
الأمن الغذائي:
الأمن الغذائي لم يعد موضوع جانبي يتم تناقله بشكل عابر. فبدأت الحكومات توليه اهتمام بالغ وتشكل وزارات مخصوصة بهذا الملف الحساس للأمن القومي للدول. بحلول عام 2050 سيحتاج العالم لإطعام 10 مليار نسمة, أي بزيادة تقدر بـ 25% من تعداد السكان العالمي اليوم. ما يصعب المهمة هو أن موارد الكرة الأرضية اليوم من مياه وأراضي صالحة للزراعة تعتبر مستخدمة بشكل شبه كامل. كم ينتج أضرار بيئية كبيرة من الزيادة في إنتاج الغذاء بالطرق التقليدية. مثالا” لذلك وبحسب الناشونال جيوغرافيك, أن في العالم اليوم توجد حوالي 1.4 مليار بقرة, ومجتمعة من الحيوانات التي تربى في المراعي لغرض إطعام البشر, تعتبر مسؤولة من 40% انتاج غاز الميثان الذي يعتبر أحد الأسباب الرئيسة للاحتباس الحراري.
جودة الغذاء:
أحد أكبر الفضائح الغذائية حدث عام 2008 عندما وزعت شركة صينية 1.3 مليون رطل من حليب الأطفال الملوث بمادة الميلامين الذي أدى الى مرض أكثر من 300 الف طفل واصابة الكثيرين منهم بالفشل الكلوي. أدى هذا الغش التجاري الى هلع بين الآباء والأمهات في الصين وفقدان ثقة كامل في قطاع الألبان في الصين مما تسبب في خسارة ثقة كبيرة جدا” في قدرة الحكومة على ضمان الأمن الغذائي للمواطنين.
في عام 2019, أضطرت الصين الى قتل والتخلص من مئة مليون رأس من قطيع الخنازير وذلك لإصابتها بمرض حمى الخنازير الأفريقية مما تتسبب في ارتفاع أسعار اللحوم بأكثر من 200% منذ بداية 2019 مما زاد أسعار اللحوم جميعها داخليا” وعالميا” نتيجة زيادة استيراد الصين للحوم بـ 63% الى 16 مليار دولار.
الكسب الاستثماري:
أخيرا” هناك دافع الكسب المادي الذي يجعل “يد السوق الخفية” كما سماها أدم سميث, تساهم في دفع المستثمرين تجاه كل ما يزيد من أرباحهم. سوق الغذاء العالمي هو من الضخامة بما يجعله جاذبا” للمستثمرين خاصة من لهم القدرة على تغير مثار النمط المعهود في المجال. فحجم قطاع لحوم الدواجن متوقع أن يصل حجمه الى 347 مليار دولار بحلول عام 2027, قطاع البيض الى 162 مليار دولار بحلول 2022, قطاع الألبان الى 1.1 ترليون دولار أمريكي بحلول 2024 وقطاع اللحوم الى 1.142 تريليون دولار بحلول 2023.
تبقى هناك أسئلة كثيرة على كل منها الأجابة عليها منها, هل نحن مستعدون لاستهلاك مثل هذه الأطعمة؟ وماذا لو نجاة البشرية واستمرارية العيش على كوكب الأرض اعتمدت عليها بشكل أساسي؟ ما رأي الدين في هذا النوع من اللحوم؟ أسئلة كثيرة أخرى الأجوبة عليها ستحدد مستقبل أحد أهم شكل من أشكال الحياة في هذه الأرض.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال