الخميس, 24 أبريل 2025

المدينة الصناعية الثانية بالأحساء.. حلم يتحقق

برزت المدينة الصناعية الثانية بالأحساء من بين أهم الملفات التي عرضها وناقشها منتدى الأحساء للاستثمار 2013، وذلك بهدف تحويلها إلى مدينة صناعية تنافسية من خلال تسريع وتيرة تطويرها وانجازها، وتوفير أكبر قدر من الحوافز والميز النسبية الإضافية لها؛ حتى تصبح القطب الاقتصادي الصناعي المقبل في المملكة والخليج العربي.

وجاء وضع الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية لحجر أساس تلك المدينة الصناعية البالغ مساحتها 300 مليون متر مربع، ضمن افتتاحية المنتدى الذي نظمته غرفة الأحساء في نسخته الثالثة، لاعتبارها احدى أهم المشاريع الاستثمارية الضخمة على مستوى المملكة والمنطقة، ولكونها تحاكي تطلعات الصناعيين والمستثمرين خاصة مع أمل تخصيص وإيصال الغاز الطبيعي لها حتى تكون جاذبة للعديد من الصناعات، مما يسهم في تغيير وجه المنطقة والأحساء التنموي وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل.

اقرأ المزيد

وتمثل تلك المدينة الصناعية العملاقة الجديدة بالإضافة إلى مشروع تطوير وجهة العقير السياحية، المدينة الصناعية الثالثة، مدينة الملك عبد الله للتمور وغيرها نماذج متميزة من المشاريع الكبيرة التي يتوقع لها أن تجتذب استثمارات بمليارات الريالات من مختلف أنحاء المملكة والخليج لمنطقة الأحساء، كونها ستمثل إحدى أهم الروافد المستقبلية لدعم سياسة المملكة الاستراتيجية الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز مكانتها الصناعية العالمية.

الصناعة في الأحساء

ُيعد القطاع الصناعي أحد القطاعات الرئيسية في الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة وركيزة سياسات التنويع الاقتصادي باعتبار ان الصناعة هي الخيار الاستراتيجي الأول، بهدف الحد من اعتماد المملكة على الايرادات النفطية، بالإضافة إلى دوره في تمكين القطاع الخاص من المساهمة بدور أكبر في تطوير وتنويع الاقتصاد وخاصة في المجالات الصناعية المختلفة التي تمتلك فيها المملكة عدداً كبيراً من المزايا النسبية. ولهذا الغرض، شجعت الحكومة الاقبال على الصناعة وتطوير مجموعة واسعة من الصناعات التحويلية.

وبحسب الدراسات والتقارير والاحصاءات المتوفرة، فإن نحو نصف إجمالي الاستثمار الصناعي في المملكة يرتكز في المنطقة الشرقية، تمثل الأحساء حوالي 13% من إجمالي تلك الاستثمارات في المملكة. كما يوجد في المنطقة الشرقية ما يقارب 22% من إجمالي عدد المصانع في المملكة، فيما يوجد في الأحساء ما يقارب 6% من إجمالي عدد المصانع.

ويأتي قطاع الصناعات التحويلية في المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد قطاع النفط و الغاز، حيث تحتوي المنطقة الشرقية على أكبر عدد من المدن الصناعية في المملكة، وتوجد بها أكبر مدينة صناعية قائمة في الشرق الأوسط وهي الجبيل، وأكبر مدينة صناعية مستقبلية تحت التأسيس والإنشاء وهي المدينة الصناعية الثانية بالأحساء.

ويعتبر قطاع تكرير النفط الدعامة الأساسية للمنطقة، حيث اجتذب ما يقارب 59% من إجمالي الاستثمارات الصناعية في المنطقة. واجتذب قطاع الصناعات التعدينية الأساسية ما يقارب 15% في حين اجتذبت الصناعات الكيماوية ما يقارب 9%. كما مثلت المنطقة الشرقية الحصة الأكبر من القروض المعتمدة من قبل صندوق التنمية الصناعية السعودي خلال العام 2011 حيث تلقت 97 قرضاً بمبلغ وصل إلى نحو 1.5 مليار ريال سعودي.

افاق رحبة

وفيما تساهم الأحساء في سياسة التنويع الحكومية من خلال مدينتها الصناعية الأولى التي أصبحت لا توجد بها مساحة متوفرة لاستيعاب مصانع جديدة، تطل المدينة الصناعية الثانية لتحقق توقعات الصناعيين وطموحاتهم المستقبلية المتمثلة في الاستثمار في المدينة الوليدة، بحكم مساحتها الكبيرة القادرة على استيعاب كافة أنواع الصناعة بما فيها الصناعات الثقيلة التي تتطلب مساحات كبيرة، وكذلك جذب استثمارات مالية كبيرة إلى الأحساء، إضافة إلى توفير مئات الآلاف من فرص العمل، كما أنها ستسهم في حل مشكلة نقص الأراضي الصناعية المطورة التي يعانيها رجال الأعمال في الأحساء.

وشرعت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” في الخطوات التنفيذية لإنشاء البنية التحتية للمدينة الصناعية التي تقع على ساحل منفذ سلوى، وضمن المخطط الاستراتيجي للأحساء، ويتوقع لها أن تكون أكبر مدينة صناعية تابعة لهيئة المدن الصناعية في المملكة وتفوق الجبيل 1 ونواتها خلال عام ونصف وتكتمل خلال نصف قرن، كما أن استثماراتها الكبيرة وقربها من دول الخليج العربي يؤهلها لتكون واحدة من دعائم الاتحاد الخليجي الاقتصادي وتستوعب مئات الآلاف وهي صديقة للبيئة وتعجل في ربط عمران الأحساء بالخليج.

مدينة صناعية عملاقة

وبحسب الخطط سيكون مشروع تلك المدينة الصناعية قادر على استيعاب أكثر من 10 آلاف مصنع تتجاوز استثماراتها مليارات الريالات مع توفير 600 ألف وظيفة، بجانب إنشاء خدمات مساندة ومرافق أخرى، ويتوقع أن تضاهي تلك المدينة نحو 40 مدينة صناعية قائمة في مختلف مناطق المملكة، بحكم مساحتها المقدرة بـ 300 كيلو متر مربع، وسيكون لها دور كبير في تغيير شكل الأحساء وتركيبتها ومستقبلها، فالصناعة خيار استراتيجي للأحساء بالرغم من أنها واحة زراعية.

وتحرص هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” وأمانة الأحساء على أن تكون تلك المدينة الواقعة ضمن المخطط الهيكلي للأحساء موطناً لكثير من الصناعات، التي تخدم المنطقة، وتعمل على التخطيط لهذه المدينة بطريقة احترافية وراقية، لتكون مدينة صديقة للبيئة، وتحقق إضافة اقتصادية وتخلق فرص عمل للشباب السعودي، وتخلق تكاملا مع جميع الأنشطة الصناعية.

وكانت “مدن” قد تلقت العديد من طلبات الدراسة والتخطيط والإنشاء لتطوير إمكانيات المدن الصناعية، وقدرتها على بناء المزيد من المصانع. وذلك نتيجة لازدياد الحاجة إلى إنشاء مدن صناعية جديدة ومتطورة في الأحساء.

نصف مليون فرصة عمل

وكان الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وزير التجارة والصناعية، رئيس مجلس إدارة هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” قد أكد عقب توقيع مذكرة تفاهم أولية بشأن تخصيص أمانة الأحساء لأرض المدينة الجديدة، أن الهيئة ستبدأ في خطوات التخطيط للمدينة الصناعية الثانية بالأحساء والتي تبعد عن منفذ سلوى الحدودي نحو 60 – 70 كلم وعمل الرفوعات المساحية، متوقعاً أن يتم طرح مخطط المدينة في خلال الفترة المقبلة ليتم بعد ذلك عمل المخطط العام والكامل، مبيناً أن تلك المدينة الصناعية ستكون متكاملة النشاطات الصناعية وستخدم اقتصاد الأحساء والمملكة ومنطقة الخليج.

ومن جانبه، قال المهندس عادل الملحم أمين الأحساء: إن وكالة التعمير والمشروعات بأمانة الأحساء بالتعاون مع القطاعات الحكومية ذات العلاقة قد أعدت التصاميم والمخططات الهيكلية “النهائية” لمشروع المدينة الصناعية الثانية التي تبعد عن حاضرة الأحساء نحو 137 كيلومترًا من مدينة الهفوف باتجاه الشرق، والمجاور لشاطئ العقير الساحلي.

وأضاف الملحم: “إن تلك التصاميم، والدراسات المتعمقة لمشروع المدينة الصناعية الثانية، تشير إلى أنها ستكون هي القطب الاقتصادي الصناعي الأول المقبل على مستوى المملكة بحلول عام 1452هـ، وستكون هي المدينة الصناعية الأولى والكبرى في المملكة، مبيناً أن المرحلة الأولى فيها تقدر مساحتها بـ60 كيلومترًا مربعًا، وهي كفيلة بأن توفر 120 ألف فرصة عمل، وأن المرحلتين الثانية والثالثة بعد اكتمالهما ستوفران نصف مليون فرصة عمل مباشرة في الصناعات المختلفة، واصفًا إياها بأنها ستكون “منطقة التشغيل الأولى” على مستوى المملكة، وتتيح تحقيق الاستفادة القصوى من المقومات الصناعية التي تمتلكها هذه المدينة الجديدة في كل المجالات الصناعية، بجانب إسهامها في تعزيز قدرة الصناعات المحلية على المنافسة إقليميًا وعالميًّا.

منطقة استراتيجية

وتعد المدينة الصناعية الثانية بحسب الدراسات والمعطيات ذات طابع استراتيجي للتجارة الحرة خاصة أنها تبعد عن الدوحة نحو 100 كلم وأبوظبي 400 كلم وعمان 700 كلم، لذلك فإن موقعها الاستراتيجي يجعل منها قبلة للمستثمرين، خاصة أن الحكومة السعودية ستقدم امتيازات مغرية للمستثمرين خاصة في الصناعات ذات القيمة المضافة وغير المتوفرة بالمنطقة.

وتشير التوقعات أن تضاهي المدينة المزمعة نحو 40 مدينة صناعية قائمة في مختلف مناطق المملكة، وذلك بحكم مساحتها البالغة 300 كيلو متر مربع، وأن يكون الإيجار السنوي لأراضيها بنحو ريال واحد فقط للمتر المربع، في حين أن تكلفة الكهرباء والماء مدعومة إلى جانب دعم الصادرات والإعفاءات الجمركية للواردات من المواد الخام والآلات، ما سيكون لها دور كبير في تغيير شكل الإحساء وتركيبتها ومستقبلها، خاصة وأن الصناعة خيار استراتيجي للأحساء رغم أنها واحة زراعية.

وتعمل المملكة ممثلة في عدة جهات متضامنة اهمها وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانة الأحساء وهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” وغرفة الأحساء وأرامكو السعودية وجامعة الملك فيصل لاعتماد وتطوير وتخطيط المدينة الصناعية الثانية بالأحساء على أعلى المستويات وبما يحقق الطموحات المعقودة عليها.

ذات صلة



المقالات