3666 144 055
[email protected]
أختتمت وزارة النقل في الأيام القليلة الماضية الحدث المهم بأمتياز في لقاء جديد ومتجدد، المؤتمر اللوجستي السعودي في دورته الثالثة لسنة 2019 . يعتبر هذا التوجه الاستراتيجي من قبل وزارة النقل تمكينا لصناعة الخدمات اللوجستية لتكون رافدا من روافد الصناعة الوطنية التي يراد لها أن تكون داعما أساسيا للاقتصاد الوطني. ويصف البنك الدولي صناعة الخدمات اللوجستية بالعمود الفقري للتجارة العالمية، أذ أنه لا تتم أي نوع من أنواع التجارة محلية كانت أم دولية من دون دعم لوجستي لما تشمله من أنشطة شاملة مثل النقل والتخزين والتغليف والتوزيع والنقل العكسي.
وتعتبر صناعة اللوجستية ركيزة أساسية في صناعة سلسلة الأمداد، فهي المحرك الأساسي لتدفق الموارد المختلفة كالبضائع والطاقة والمعلومات و الخدمات والموارد البشرية من منطقة الإنتاج و حتى منطقة الأستهلاك.وتستمد الصناعة اللوجستية قوتها ونموها من قوة نمو القطاع الصناعي وبخاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال التي يرجى منها دفع الناتج القومي للمملكة،اذ لا تتم قيمة الأداء الصناعي الابعد وصول المنتج الى المستهلك في الوقت المناسب بالتكاليف المناسبة وفي حالة جيدة، وهذا ما تقوم به الصناعة اللوجستية.
وبحسب بعض الدراسات الاقتصادية فأن قيمة الصناعة اللوجسية تتعد 750 مليار دولار سنويًا حول العالم (2016)، وأنها تعد أحد أكثر المجالات نموًا خلال العقد الأخير بنسبة تناهز 40%. كما أنها توظف ما بين 15% إلى 20% من الأيدي العاملة في الدول المتقدمة ومن هنا كان الأهتمام بها في أستراتيجية المملكة2030.
لقد أستطاع القطاع اللوجستي أن يصمد أمام الهزات الاقتصادية خلال تذبذب المدخلات المالية من سوق النفط، لذا أولت المملكة أهمية كبرى لتطوير هذا القطاع ضمن رؤية المملكة 2030 وجعله رافدا من روافد الأقتصاد الوطني.
يضاف الى ذلك موقع المملكة الاستثنائي والاستراتيجي والذي يربطها بثلاث قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا الذي يشهد عبور 12 في المائة من تجارة الحاويات العالمية سنويا. وكذلك ربطها دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي 9 تريليونات ريال ويقطنها 647 مليون مستهلك. وهذا الموقع الأستراتيجي للمملكة يمكنها من الولوج إلى الأسواق الناشئة الرئيسية والاستفادة من الممرات المائية.كل هذه تعتبر مزايا تنافسية جغرافية تتقدم بها على محيطها الإقليمي.
لقد طرحت الهيئة العامة للموانئ السعودية “موانئ” في هذه النسخة من المؤتمر أحد أهم المنتوجات الاستراتيجية في الصناعة اللوجستية “منطقة الخمرة اللوجستية” و التي تعطي سلاسل الإمداد والقطاع اللوجستي في المملكة زخما قويا في الأنطلاقة نحو مستقبل واعد.
تتربع هذه المنطقة اللوجستية الاستراتيجية الواقعة بمدينة جدة على البحر الأحمر على مساحة تتجاوز مساحتها مليوني متر مربع في مرحلتها الأولى ، رابطة المملكة العربية السعودية بثلاث قارات عالمية: أوروبا وآسيا وأفريقيا، لتكون منصة إيداع وإعادة تصدير جمركية.
وستساهم هذه المنطقة، وبموقعها الاستراتيجي على امتداد ساحل البحر الأحمر في جنوب محافظة جدة وعلى مقربة من ميناء جدة الإسلامي ، عند أنطلاقتها في تحويل البلاد إلى مركز عالمي للخدمات اللوجستية عالية القيمة، وأستقطاب الكثير من المشاريع اللوجستية المحلية و الأقليمية و العالمية مما يحسن مركز المملكة في مؤشر التنافسية العالمية على المستويين الاستثماري والخدماتي، كل ذلك مرتكزة على أهداف رؤية السعودية 2030.
ان ما نصبوا إليه ونحن نعيش هذه النقلة الجادة في سبيل تحقيق رؤية 2030 على مستوى تطوير الصناعة اللوجستية، أن نرى مؤشرا سعوديا خاصا اكثر شمولا من المؤشرات العالمية يتضمن مكونات مستقبلية أخذها في عين الأعتبار التطورات العلمية والتقنية في عالم اللوجستيات، ويكون له أضافة قيمية تكون المملكة هي الرائدة والمعيار الذي يقاس من خلاله تطور هذا القطاع الصناعي. أذكر على سبيل المثال لا الحصر:.
معيار الابتكار في صناعة اللوجستيات
معيار التقنيات المستقبلية في صناعة اللوجستيات
معيار نقل المعرفة في صناعة اللوجستيات
والمعيار الأكثر جذبا على مستوى الفرد وهو معيار الاستقطاب البشري.
ولسنا في هذا المقال بصدد مناقشة آلية اعتماد هذه المعايير ولكن يمكننا الاضاءة على معيارين
للإيضاح، هما معيار نقل المعرفة في صناعة اللوجستيات ومعيار الاستقطاب البشري.
معيار نقل المعرفة
إن العمل في عالم متطور من حيث المفاهيم والتقنيات على جميع أوجه العلوم لا تتم بطريقة تقليدية، لذا كان لزاما مواكبة المعرفة المتجددة في جميع الأصعدة العلمية و التقنية، والصناعة اللوجستية ليست استثناءا، ومن هنا تكمن أهمية نقل المعرفة.
نعني بهذه المفردة كل ما يدخل ضمن مفهوم سلسلة الإمداد و صناعة اللوجستيات من تبادل معرفي و مفاهيمي و نقل افضل التجارب و الممارسات مع ضمان توفرها المستخدمين المستفيدين. ان أبرز الية لنقل المعرفة في هذا الصدد ان تكون هناك أكاديمية على أرض الخمرة ترتبط بتحالفات أستراتيجية عالمية و محلية لجعل هذا الهدف متحقق.
وهي بهذا التصور يمكن لنقل المعرفة لسلسلة الإمداد و اللوجستية أن تكون ميزة تنافسية الى ميزاتنا التنافسية الأخرى و ليس بأخرها الإعلان عن المنطقة اللوجستية الكبرى “الخمرة”.
أن انعكاس مخرجات نقل المعرفة في هذا القطاع على الكادر البشري يمكن تلمسه من خلال تحويل هذه المعارف إلى معرفة ظاهرية على المستوى الإداري والتقني وإرتباطهما بجودة العمل والمنتج.
معيار الموارد البشرية
أننا نعيش التحدي على أساس مستوى الدولة في سبيل خلق قنوات تستقطب الشباب العامل، وأن مثل هذه الصناعة قادرة على استقطاب الكثير من الشباب الطموح في عدة مسارات التي تتضمنها سلسلة الأمداد بشكل عام واللوجيستيات على وجه الخصوص.
إن صناعة اللوجيستيات تستقطب ما مقداره 15% – 20% في الدول المتقدمة وهذا معدل مقبول ،إذا نحن أمام فرصة حقيقية في استقطاب الكوادر الوطنية للعمل في هذا القطاع الوعد. لذا على الجهات ذات الاختصاص العمل جنبا الى جنب في وضع التشريعات والقوانين الضابطة التي تجعل لهذا الهدف المأمول نتائج ملموسة على أرض الواقع.
خلاصة القول أننا أمام فرصة حقيقية لتطوير الصناعة اللوجستية وجعلها رافدا من روافد الاقتصاد الوطني. نأمل ان تتواصل المبادرات الحكومية و الخاصة لتأخذ بهذا القطاع الى مراتب متقدمة من خلال سن قوانين حديثة ونقل معرفي جاد وتطوير مهارات الكادر البشري لنظمن توطين هذا الصناعة المهمة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734