3666 144 055
[email protected]
تسعى مملكتنا في رؤيتها للمجتمع المعرفي، إلى بناء منظومة اجتماعية، تتسم بالمعرفة، والتنافس؛ حيث “يولِّد هذا المجتمع المعرفة، وينشرها، ويستثمرها، لتحسين مستوى المعيشة، ونوعية الحياة، بشكل مستدام ومتسارع”؛
ولا شك أن رأس المال الفكري، يمثل الاقتصاد الذي لا يموت والإستراتيجية الدائمة للنجاح، والقيمة المتزايدة، والركيزة الرئيسة، في تدعيم الإمكانيات، والطاقات البشرية، وتدفق القدرات المعرفية، والتنظيمية للأفراد، لبناء نسيج قادر على الإنتاج، والمنافسة بالاعتماد الإدارة الفاعلة للعاملين المعرفيين بدلاً من الرقابة الكفوءة للموجودات المادية والمالية.
إن مفهوم رأس المال الفكري، كجزء مميز، وثروة مستدامة، لأي دولة من مجموع رأس مالها البشري، يتمثل في الاستثمار النوعي، للقدرات، والكفاءات العقلية، لدى بعض الأفراد، لقيادة، وتسيير المؤسسات الحكومية، والأهلية، بالاعتماد على مبادئ الإبداع، والابتكار، والبحث، والتطوير، والجودة، والريادة، والتميز في توليد الأفكار، والتخطيط الاستراتيجي، وتوظيف التقنية الحديثة، وإرساء مفاهيم التعليم والتدريب المستمر…
وقد لمس المختصون أن الدول التي اهتمت برأس المال الفكري، وصلت إلى تحقيق نهضة اقتصادية، ورفاهية اجتماعية، وقوة مستدامة؛ حيث تشير الأرقام إلى أن أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي الأوربي، يقوم على أساس المعرفة، أي أنها تقوم على الموجودات الفكرية، والمهارات غير الملموسة للأفراد، وتزداد هذه النسبة لتصل إلى 76% في اقتصاديات أمريكا.
أما واقعنا الوطني، فنجد فيه أن رأس المال الفكري، متواجد، ومغيب! فلم يُستوعَب في مرافق الدولة المختلفة كما ينبغي، وهذا يعود في نظري، إلى قصور منظومة التعليم، وعجزها عن خلق البيئة المعرفية المؤثرة، في ثقافة المجتمع السائدة، برغم محاولاتها، وتبنيها للشعارات المعرفية وكذلك ضعف أنظمة التعيين التقليدية، والتي تتم عادة، إما بالسقوط المباشر! عبر منظومة العلاقات، والهبات الاجتماعية، وإما بطريقة آلية بالترقية، والأقدمية، بعيدا عن الجدارة، والإنجاز.
وهذا قطعًا مما أثر بشكل واضح، على شيوع الفساد الإداري، والمالي، ونشوء الكثير من السلبيات، والانتكاسات، وعدم القدرة على تسيير المنشآت، بما يحقق الأهداف، وبالتالي هدر الموارد، وضعف الإنتاج، والإخفاق في التنمية؛
ولهذا يجب أن نجعل المعرفة أساس، وأرضية ثابتة، فاعلة داخل هياكل كل الجهات العامة، والخاصة كما يجب أن نعيد النظر في أنظمتنا، وأن نفتح قنوات شفافة، لرصد المخزون الوطني، من رأس المال الفكري، وتقييسه، وإدارته، وصقله بالإبتعاث، والتدريب، ونشره على مرافق الوطن الإدارية، والبحثية، والتنظيمية…
عندها ستتسارع الإنجازات، وتقل الإخفاقات، وتوصد أبواب الفساد، وسنخرج بعون الله من منحنى النمو السائد لدى الدول النامية، إلى المنحنى المألوف للعالم المتقدم.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734